آداب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه
الناشر
دار الأوراق الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
تصانيف
فقد استعمل مصعب بن عمير ﵁ العتاب في حواره مع أمه، وإنما كان ذلك بأسلوبٍ لطيف، بعد تهديد أمه له بالسجن والتعذيب، ثم كان ذلك في حوارٍ فردي، إذ قال لها: "لئن أنتِ حبستَنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي، قالت: فاذهب لشأنك" (١)، فهي أرادت حبسه كخطأ تكرر منها سابقًا، ثم عاتبها بتلك الألفاظ، فاستطاع ﵁ تعديل ذلك الخطأ، فقد تركته أمه ولم تتعرض له.
ثالثًا: التذكير والوعظ:
كان مصعبٌ ﵁ يهتم بالوعظ والتذكير، ويغتنم الفرص السانحة، والتي يتوقع فيها أن للوعظ أو التذكير أثرًا في محاوره، فعندما أرادت أمه صده عن الدين، استعملت معه شتى الوسائل، ولم تستطع إلى ذلك سبيلا، " فجعلت تبكي، فقال مصعب ﵁: يا أماه إني لكِ ناصحٌ عليك شفيقٌ، فاشهدي أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، قالت: والثوَاقِبِ (٢) لا أدخل في دينك فيُزرى برأيي، ويضعَّفَ عقلي " (٣)، فبكاء أمه كان مسلكًا للوعظ والتذكير، فاغتنم ذلك مصعبٌ ﵁ وذَكَّرها بالحق ووعظها بالدخول في الإسلام، وإن لم يصل إلى ما يريد، ولكنه أقام عليها الحجة، وسَلِم مما كانت تريده من سجنٍ وتعذيب.
رابعًا: أدب السؤال:
يلزم المحاور الناجح التأدب في طرح السؤال، وذلك في اختيار السؤال المناسب في الوقت المناسب، مع مراعاة اختيار الألفاظ الحسنة، ونبرة الصوت
_________
(١) المصدر السابق، ٣/ ٨٨.
(٢) الشهب المضيئة. الرازي: مختار الصحاح، ص٤٩.
(٣) ابن سعد: الطبقات الكبرى، ٣/ ٨٨.
1 / 20