آداب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه
الناشر
دار الأوراق الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
تصانيف
رابعًا: الوضوح والبيان:
لا شك أن مصعب بن عمير ﵁ كان فصيح اللسان، وهذا من طبيعة العرب في ذلك الزمان، وفي بيانه ﵁ كان دقيقًا في اختيار الدليل، فيتضح لنا من خلال الآية السابقة أن مصعب بن عمير ﵁ قد اختار ذلك الدليل؛ لأنه يعرف مدى فصاحة العرب وبلاغتهم، ومدى اهتمامهم باللغة العربية من خلال الرجز والشعر والنثر، فتفتخر به القبائل وتتباهى به؛ لذلك أتى بهذا الدليل بما يناسب أحوالهم؛ وليعطي ما جاء به قوةً ومتانةً.
وقد كان ﵁ يقتصد في كلامه، ولا يطيل إلا للبيان والتوضيح كما فعل مع سعد بن معاذ ﵁ عندما عرض عليه الإسلام (١)، كما أنه لا يجادل ولا يكثر من الحشو في الكلام، فقد قال لسعد ﵁: " أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره " (٢).
خامسًا: الرد على الشبه بما يناسبها:
لقد كان مصعب بن عمير ﵁ يواجه الشبه بكل قوة، ولم يتوانَ ولم يتردد في الرد عليها، ففي ذلك اليوم الذي رجع فيه إلى مكة ذهب إلى الرسول ﷺ، ثم جاء إلى أمه فقالت له: " إنك لعلى ما أنت عليه من الصَّبْأَةِ بعدُ! قال: أنا على دين رسول الله ﷺ وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله " (٣)، فأرادت أمه من هذه الشبهة أن تُلبِّس على ابنها وتصده عن الدين الإسلامي، فرد مصعبٌ ﵁
_________
(١) ابن هشام: السيرة النبوية، ١/ ٤٣٥.
(٢) المصدر السابق.
(٣) ابن سعد: الطبقات الكبرى، ٣/ ٨٨.
1 / 16