أدب الدنيا والدين

الماوردي ت. 450 هجري
9

أدب الدنيا والدين

الناشر

دار مكتبة الحياة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٧ هجري

مكان النشر

بيروت

تصانيف

التصوف
سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمَرَ الْفَرَزْدَقَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِ أُسَارَى مِنْ الرُّومِ فَاسْتَعْفَاهُ الْفَرَزْدَقُ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَأَعْطَاهُ سَيْفًا لَا يَقْطَعُ شَيْئًا فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ بَلْ أَضْرَبُهُمْ بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ مُجَاشِعِ، يَعْنِي سَيْفَ نَفْسِهِ، فَقَامَ فَضَرَبَ بِهِ عُنُقَ رُومِيٍّ مِنْهُمْ فَنَبَا السَّيْفُ عَنْهُ، فَضَحِكَ سُلَيْمَانُ وَمَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: أَيَعْجَبُ النَّاسُ أَنْ أَضْحَكْت سَيِّدَهُمْ ... خَلِيفَةَ اللَّهِ يُسْتَسْقَى بِهِ الْمَطَرُ لَمْ يَنْبُ سَيْفِي مِنْ رُعْبٍ وَلَا دَهَشٍ ... عَنْ الْأَسِيرِ وَلَكِنْ أَخَّرَ الْقَدَرُ وَلَنْ يُقَدِّمَ نَفْسًا قَبْلَ مِيتَتِهَا ... جَمْعُ الْيَدَيْنِ وَلَا الصَّمْصَامَةُ الذَّكَرُ ثُمَّ غَمَدَ سَيْفَهُ وَهُوَ يَقُولُ: مَا إنْ يُعَابُ سَيِّدٌ إذَا صَبَا ... وَلَا يُعَابُ صَارِمٌ إذَا نَبَا وَلَا يُعَابُ شَاعِرٌ إذَا كَبَا ثُمَّ جَلَسَ وَهُوَ يَقُولُ: كَأَنَّ بِابْنِ الْمَرَاغَةِ قَدْ هَجَانِي فَقَالَ: بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ سَيْفِ مُجَاشِعٍ ... ضَرَبْت وَلَمْ تَضْرِبْ بِسَيْفِ ابْنِ ظَالِمِ ثُمَّ قَامَ فَانْصَرَفَ وَحَضَرَ جَرِيرٌ وَخُبِّرَ بِالْخَبَرِ وَلَمْ يُنْشَدْ لَهُ الشِّعْرُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: بِسَيْفِ أَبِي رَغْوَانَ سَيْفِ مُجَاشِعٍ ... ضَرَبْت وَلَمْ تَضْرِبْ بِسَيْفِ ابْنِ ظَالِمِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَأَنَّ بِابْنِ الْقَيْنِ وَقَدْ أَجَابَنِي فَقَالَ: وَلَا نَقْتُلُ الْأَسْرَى وَلَكِنْ نَفُكُّهُمْ ... إذَا أَثْقَلَ الْأَعْنَاقَ حَمْلُ الْمَغَارِمِ فَاسْتَحْسَنَ سُلَيْمَانُ حَدْسَ الْفَرَزْدَقِ عَلَى جَرِيرٍ ثُمَّ أَخْبَرَ الْفَرَزْدَقَ بِشِعْرِ جَرِيرٍ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِحَدْسِهِ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ: كَذَاك سُيُوفُ الْهِنْدِ تَنْبُو ظُبَاتُهَا ... وَتَقْطَعُ أَحْيَانًا مَنَاطَ التَّمَائِمِ وَلَنْ نَقْتُلَ الْأَسْرَى وَلَكِنْ نَفُكُّهُمْ ... إذَا أَثْقَلَ الْأَعْنَاقَ حَمْلُ الْمَغَارِمِ

1 / 22