أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
الموتى قال أَوَلَمْ تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصُرْهُنَّ إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا ثم ادعهنّ يأتينك سعيًا واعلم أن الله عزيز حكيم﴾ فحصل بالفعل من طمأنينة القلب واليقين بالخبر ما لم يحصل بالقول، وإن لم يشك في صدقه، إذ هو قول رب العالمين.
ثالثًا: بيان التفسير: وقوع هذا النوع من البيان، بالفعل، كثير. فقد بيّن ﷺ الوضوء فعلًا، وكذلك الصلاة، والحج، والطواف، والسعي، وغيرها.
رابعًا: بيان التغيير: وهو بيان أن المراد باللفظ خلاف ظاهره، ومثاله نهيه ﷺ عن القود في الطرف قبل الاندمال (١) وروي أنه أقاد قبل الاندمال (٢)، فتبيّن بالفعل أنه أراد بالنهي الكراهة دون التحريم. ومن بيان التغيير التخصيص، وسنفرد لتخصيص الأدلّة الشرعية بالأفعال النبوية مبحثًا خاصًا في أوائل باب التعارض وهو الباب الثالث من هذه الرسالة.
خامسًا: بيان التبديل: وهو النسخ، وسيأتي ذكره أيضًا في باب التعارض.
القوة والوضح بين البيان القوليّ والبيان الفعليّ:
اختلفت أقوال الأصوليين أيهما أقوى دلالة: القول أم الفعل؟ فمن قائل: القول أدلّ من الفعل، ومن قائل: الفعل أدلّ منه (٣)، ومن قائل بالتفصيل في ذلك.
المذهب الأول: احتج القائلون بأن القول أدلّ، بما يلي:
أولًا: أن القول له صيغة، فيمكن أن يعلم المراد به من جميع الوجوه، والتعبير به عن كل ما في النفس، بما يكون نصًّا في المطلوب أو ظاهرًا. حيث إن الألفاظ موضوعة لمعان معلومة يمكن تركيبها لتدل على المراد عينًا، وبدرجة العموم
(١) روى ذلك الدارقطني (نيل الأوطار ٧/ ٣٠). (٢) رواه أحمد والدارقطني (نيل الأوطار ٧/ ٣٠). (٣) قال أبو الحسين البصري في المعتمد (ص ٣٤٠): إن الفعل أكشف لأنه ينبئ عن صفة المبين مشاهدة.
1 / 99