أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
"أنتم أعلم بأمر دنياكم" (١). والأولى إخراج مثل هذا (٢)، ولعلّهم إنما تركوا التصريح به لظهوره، لأن من ترك العمل بما لا حجة فيه، لا يقال إنه تارك للسنة. ويشير إلى هذا قول عائشة: "نزول الأبطح ليس بسنّة، إنما نزله رسول الله ﷺ لأنه كان أسمح لخروجه" (٣). مع أن النبي ﷺ فعله.
ويلاحظ أيضًا أن أقواله وأفعاله ﷺ، قبل النبوة، ليست بتشريع، وتخرج بقولهم في التعريف (ما صدر عن النبي) فإن ما صدر عنه ﷺ قبل النبوة لا يصدق عليه أنه (صادر عن النبي).
وملاحظة ثالثة، وهي أن قول المحدّثين (ما أضيف إلى النبي ﷺ) أشمل مما قال الأصوليون، فالحديث عند المحدثين سنة بقطع النظر عن ثبوته. ولا يكون سنة عند الأصوليين إلاّ بقيد ثبوته عن النبي ﷺ، ومن أجل ذلك عبّروا بقولهم (ما صدر عن النبي ﷺ).
وملاحظة رابعة، وهي أن بعض الأصوليين قال في تعريف السنة: إنها ما صدر عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير، وبعضهم يضيف الترك، وبعضهم يضيف الهمّ والإشارة ونحو ذلك. والأولى ترك ذكر ما عدا الأقوال والأفعال، كما صنع البيضاوي في المنهاج، لأن كلّ ما ذكر مما سواهما فهو فعل على الراجح، كما سنذكره في مواضعه إن شاء الله.
وأما من ادّعى أن شيئًا مما ذكر ليس فعلًا، وأنه حجة، فيلزمه ذكره في التعريف.
_________
(١) رواه مسلم ١٦/ ١١٨
(٢) عبد الوهاب خلاف نص على أن ذلك "من السنة ولكنه ليس تشريعًا واجبًا اتباعه". وعندي أن ذلك هو من "السنة" في اصطلاح المحدثين لا في اصطلاح الأصوليين لأن الأصوليين يعتمدون (الحجية). وقد أشار إلى اعتبار قيد الحجية في التعريف صاحب تيسير التحرير ٣/ ٢٠
(٣) رواه مسلم ٩/ ٥٨
1 / 20