أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
ومن هذا النوع سائر ما بُيِّن من الشرائط لتنفيذ الأوامر الشرعية في العبادات
والحدود وغيرها.
والثاني، وهو تقييد المطلق، مثل قوله تعالى في كفارة اليمين: ﴿أو تحرير رقبة﴾ (١) قال النبي ﷺ لمن أراد عتق جارية بكماء، كفارةً عن ضربه لها: "أعتقها فإنها مؤمنة" (٢) فقاسَ بعض الفقهاء على ذلك كفارة اليمين وأوجب فيها أن تكون مؤمنة.
وأما بيان إرادة خلاف الظاهر، فمثاله ما ورد أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن﴾ (٣) أهمَّ ذلك الصحابة، وقالوا: أيّنا لم يظلم نفسه؟ فبيّن لهم ﷺ أنه تعالى يريد بالظلم الشرك خاصة.
٤ - تبديل ما في القرآن بأحكام أخرى. وهو النسخ. فهذا يثبتُه بعض الأصوليين، وينفيه آخرون. ونفيه هو الذي رجحّناه، كما تقدم.
٥ - هذا وقد تضيف السنة إلى الشريعة أحكامًا مستقلة ليست في القرآن. وهذا النوع قسمان (٤):
أ- قسم يمكن إرجاعه إلى القرآن بنوع من القياس، أو من العمل بالمقاصد العامة التي أرشد إليها القرآن. فمثال القياس أن الله تعالى قال: ﴿حرّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ... وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة﴾ (٥) فذكر سبع محرمات بالنسب واثنتين بالرضاعة. فجاءت السنة تحرم سائر السبع من الرضاع، بحديث: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (٦).
ومثال العمل بالمقاصد العامة: إباحة المسح على الخفين والعمامة والجبيرة، رخصة لدفع الحرج أو الضرر المشهود لهما في القرآن.
_________
(١) سورة المائدة: آية ٨٩
(٢) رواه مسلم ٥/ ٢٤ وأبو داود ٩/ ١٠٦
(٣) سورة الأنعام: آية ٨٢
(٤) الموافقات ٤/ ١٢ وما بعدها.
(٥) سورة النساء: آية ٢٣. والمقصود بالقياس في هذا المثال الإلحاق بنفي الفارق.
(٦) متفق عليه (الفتح الكبير).
1 / 35