أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
٤ - ذكروا (١) أن آياتٍ نسخت بأحاديث، الصحيح فيها أنها مخصصة وليست ناسخة، منها: ﴿ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه﴾ (٢) نسخت في حق ابن خَطَل حينما قال ﷺ: "اقتلوه" (٣). وقد كان متعلقًا بأستار الكعبة. والصواب أن هذا تخصيص وليس نسخًا.
٥ - ومنها آية: ﴿قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرَّمًا على طاعمٍ يطعمه إلّا أن يكون ميتة ...﴾ (٤) الآية ذكروا نسخها بحديث النهي عن كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير.
وواضح أن هذا تخصيص أيضًا وليس بنسخ.
وممن نبّه إلى قلة جدوى الخوض في هذه المسألة الشاطبي، حيث قال: "البحث في هذه المسألة بحث في غير واقع أو في نادر الوقوع، ولا كبير جدوى فيه" (٥). وصرّح ابن تيمية بأنه يذهب إلى امتناع نسخ القرآن بالسنة وأن ذلك مقتضى حرمة القرآن (٦). وقال الشوكاني: "وبه جزم الصيرفي والخفاف، بل نقل بعضهم إجماع الشافعية عليه" (٧).
هذا بالنظر إلى ما يصدر عن النبي ﷺ. وإنما يقطع بذلك من يسمعها منه مباشرة، أو تنقل إليه نقلًا قطعيًا. فإن نقلت نقلًا آحاديًا انضم إلى المسألة عنصر جديد يؤيد عدم الأخذ بها فيما عارض القرآن، إذ إن احتمالات كذب الرواة ووهمِهم تدخل في البين، لتخفف من وزن الحديث في ميزان الترجيح. ويوافق في هذا المقام على مرجوحية السنة، كثير ممن عارض ذلك في المقام الأول. فقال الشوكاني: هذا رأي الجمهور. وذكر أن ابن السمعاني وسليمًا الرازي نقلا الإجماع عليه (٨).
_________
(١) ابن السمعاني (ق ١٤٩ أ).
(٢) سورة البقرة: آية ١٩٢
(٣) صحيح مسلم ٩/ ١٣١
(٤) سورة الأنعام: آية ١٤٥
(٥) الموافقات: ٤/ ١١
(٦) الفتاوى الكبرى. ط الرياض ٢٠/ ٣٩٧ - ٣٩٩
(٧) إرشاد الفحول: ١/ ١٩٠
(٨) إرشاد الفحول: ١/ ١٩٠.
1 / 33