أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
فالأكثرون على أن الفعل لا يكون بيانًا، إلاّ بقرينة تدلّ على أنه بيان (١).
والقرينة التي تبيّن أن الفعل الواقع هو بيان، اشترط صاحب (الكبريت الأحمر) أن تكون قولًَا، ورأى أن غير القول لا يقوم مقامه ما لم يتكرر الفعل (٢) [على صفة واحدة].
وقد حصر صاحب المحصول القرائن في ثلاثة: أن يعلم ذلك بالضرورة من قصده، أو بالقول، أو بالدليل العقلي، بأن يذكر الممُجْمل وقت الحاجة إلى العمل به ثم يفعل فعلًا يصلح أن يكون بيانًا. وقال: لا يحصل البيان إلاّ بأحد هذه الأمور الثلاثة (٣).
وغيره جعل كل ما فيه دلالة بيانًا، وجعل أيّ قرينة تدل على ذلك دالّة على كونه بيانًا. فذكر الغزاليّ في المستصفى سبع طرق، وذكر أبو شامة ثمانيًا (٤). ونحن نورد منها هنا ما يتعلق بهذا الموضوع ونترك باقيها إلى مواضع هي بها أليق.
وعندي أن مبنى اختلافهم قي هذا هو اختلافهم في ما يعبّرون عنه بـ (البيان) فمن رأى أن البيان هو (الدليل) أو العلم الحاصل عنه جعل كل ما يستدل به من الأفعال بيانًا. ومن جعل (البيان) هو (التبيين)، أي فعل المبين، فقد حصر طرق معرفة الفعل البياني في ما يدل على قصد الإظهار (٥).
وهذا هو الذي نعتمده في هذا المبحث، لأنا قد خصصناه بـ (الفعل البياني)، وجعلنا للفعل الامتثالي مبحثًا خاصًا، وبيَّنَّا أنه يستدل به أيضًا.
(١) الزركشي: البحر المحيط ١/ ٢ ونقله عن المازري.
(٢) الزركشي: البحر المحيط ٢/ ١٨١ أ.
(٣) وأبو الحسين البصري لم يذكر غير الثلاثة. المعتمد ٣٨١، ٣٨٦
(٤) المحقق ق ٣٥ ب
(٥) انظر الخلاف في ذلك في أصول البزدوي ٣/ ٨٢٤ - ٨٢٦ والمستصفى ١/ ١٥٣ والبحر المحيط ٢/ ١٨١ وبيان النصوص التشريعية ص ٢٣ - ٢٥ وغيرها.
1 / 288