أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
هذا وقد ورد عن بعض أهل العلم أنه قال: "السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاضٍ على السنة" (١). ومعناه أن السنة تبين مجمل القرآن، وتخصص عامه، وتقيّد مطلقه. ولكن هذا القائل عبّر تعبيرًا غير موفق، أوجد نوعًا من التصور الفاسد لتقديم السنة على القرآن، وفتح لأعداء الإسلام مطعنًا، إذ ادّعوا أن تقييم المسلمين للسنة تطوّر صُعُدًا، حتى قدموها على القرآن. وقد ذكر أن الإمام أحمد سمع مثل هذا القول، فكان تعليقه على ذلك أن قال: "لا أجسر أن أقوله، ولكن أقول: السنة تفسر القرآن وتبيّنه" (٢).
أدلة حجية السنة النبوية:
١ - من القرآن:
قوله تعالى: ﴿قل أطيعوا الله والرسول﴾ (٣). وقوله: ﴿وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون﴾ (٤)، ﴿ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا﴾ (٥) وهو ﷺ أمَرنا باتباع سنته، والأخذ بها، فيلزم طاعته في ذلك، ليتحقق امتثال هذه الآيات المذكورة وأمثالها.
وهو ﷺ قد أمَرَنا أيضًا بأمور تفصيلية، ونهانا عن غيرها، فيلزمنا طاعته فيها عملًا بالآيات المذكورة أعلاه، وذلك هو الأخذ بالسنة.
وورد في كتاب الله تعالى أمره لنا باتباع نبيه ﷺ، وتعليق فلاحنا على ذلك، وجعله مقتضى محبتنا الله، ومقتضيًا لمحبة الله لنا.
فقد قال تعالى: ﴿الذين يتّبعون الرسول النبيّ الأمّي الذي يجدونه مكتوبًا
_________
(١) ذكره الشاطبي في الموافقات (٤/ ١٠) ونقل أيضًا في مادة (السنة) من دائرة المعارف
الإسلامية (١٢/ ٢٨٤) غير منسوب إلى قائل معين، ولم نجده في مصدر مسند.
(٢) نقله الشاطبي في الموافقات ٤/ ٢٦
(٣) سورة آل عمران / ٣٢.
(٤) سورة آل عمران: آية ١٣٢
(٥) سورة الأحزاب: آية ٧١
1 / 24