أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
بكثرة في زمن الأئمة الأربعة فمن بعدهم "وتصدى لهم الأئمة الأربعة، وأصحابهم، في دروسهم ومناظراتهم وتصانيفهم" (١).
وذكر الشاطبيّ (٢) طائفة شبيهًا حالها بحال هؤلاء، إلّا أنها كانت تقبل الحديث إذا وافق القرآن. ومع ذلك فقد قال الشاطبي عنهم: "أنهم قوم لا خلاق لهم". ولا شك أنهم أهل لهذا الحكم.
ومما تمسّك به هؤلاء ظواهر قرآنية، نحو ظاهر قوله تعالى: ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ (٣) وقوله: ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء﴾ (٤).
والجواب أن الآية الأولى ليس المراد بالكتاب فيها القرآن، بل اللوح المحفوظ، كما هو واضح من السياق. وكان القرآن تبيانًا لكل شيء بما دل عليه من الأدلة الأخرى، وهي السنة والإجماع والقياس.
ومما تمسّكوا به أيضًا أحاديث ضعيفة مردودة، كما روي أن النبي ﷺ قال: "ما أتاكم عني فأعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله أنا، وكيف أخالف كتاب الله وبه هداني الله؟ ". قال عبد الرحمن بن مهدي: "الزنادقة وضعوا هذا الحديث" (٥). وقال الصَّغَاني: "هذا الحديث موضوع" (٦).
ومنه ما روي أن النبي ﷺ قال: "لا تكتبوا عني شيئًا إلا القرآن، فمن كتب عني شيئًا غير القرآن فليمحه" (٧). وهو معارض بقوله ﷺ: "اكتبوا لأبي شاهٍ" (٨). وإذنه لعبد الله بن عمرو (٩) في كتابة ما يسمعه منه ﷺ.
_________
(١) السيوطي: مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة ص ٣، ٤
(٢) الموافقات ٤/ ١٧، ١٨
(٣) سورة الأنعام: آية ٣٨
(٤) سورة النحل: آية ٨٩
(٥) الموافقات للشاطبي ٤/ ١٨
(٦) المقاصد الحسنة. وانظر أيضًا: السيوطي: مفتاح الجنة، ص ١٤
(٧) رواه أحمد ومسلم (الفتح الكبير).
(٨) رواه البخاري (فتح الباري) ط مصطفى الحلبي ١/ ٢١٦
(٩) رواه أحمد وأبو داود (فتح الباري ط مصطفى الحلبي ١/ ٢١٨)
1 / 22