180

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

الناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

السادسة

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

المبحث الأول الأدلَّة
أما النظر العقلي فلا يقتضي كون فعله ﷺ حجة (١)، بخلاف أقواله، لوجهين:
الأول: أن الأقوال معلومة المدلول، فهي موضوعة لمعان معينة تفيدها بالوضع، إمّا الخبر، وإما الطلب. وتصديقنا له ﷺ فيما أخبر، وطاعتنا له فيما طلب، هي مقتضى اللفظ بالضرورة، إذ لو لم يفدنا القول ذلك، لخلا عن أي فائدة، وكان عبثًا محضًا. بخلاف الفعل، كالصلاة المعينة، فإنه ﷺ قد يفعله لما في الفعل من المصلحة الخاصة به، كما يفعل كل منا إذ يقضي مصالحه الخاصة، وقد يفعله لنقتدي به، أو للمقصدين جميعًا. فلو تصورنا خلو فعله من فائدة الاقتداء به، بقي الفائدة الأخرى، وهي أن يكون فعله للمصلحة الخاصة به. فلم يخلُ فعله عن فائدة.
فافترق الفعل عن القول في ذلك.
ويكون الفعل الذي لم يدل على كونه حجة، بمنزلة اللفظ غير الموضوع، وأما الذي بمنزلة اللفظ الموضوع، فهو الفعل إذا دل الشرع على أنه حجة (٢).
ثانيًا: أنه يُتصوَّر في الفعل أن يكون مصلحة النبي ﷺ دون أمته، فيكون مطلوبًا منه دونهم. فقد يكون واجبًا عليه أو مندوبًا له أو جائزًا. وهو بخلاف ذلك

(١) انظر: في هذه المسألة القاضي عبد الجبار: المغني ١٧/ ٢٥١، ٢٥٢، ٢٥٧. وأبا الحسين البصري: المعتمد ١/ ٣٧٦
(٢) القاضي عبد الجبار: المغني ١٧/ ٢٥١، ٢٥٢

1 / 187