159

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

الناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

السادسة

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

ومن أجل ذلك فتحقيق القول في العصمة، ليس موضعه المباحث الأصولية، وإنما موضعه كتب العقائد. وقد أحسن الآمدي بإخراج تحقيق هذه المسألة عن مباحث الأصول، والإحالة بها على كتب علم الكلام.
هل يجوز أن يرتكب النبي ﷺ، المحرم للمصلحة الراجحة:
ذكر الشاطبي أن ذلك قد يقع (١). ومثّل ذلك بتقريره ﷺ للزاني بصريح القول. يعني الشاطبي قول النبي ﷺ للمِقِرّ: "لعلك ... لعلك ... " حتى قال له: "أنكتها؟ " لا يكني (٢). مع أن ذكر هذا اللفظ في الأصل محرم. ولكن فعل ذلك لأنه يترتب على ذكره الأمْنُ من أن يكون المقِرّ توهّم ما ليس بزنًا زنًا، فيفضي إلى رجمه بلا حقّ. ولذلك أكده ﷺ بقوله: "كما يغيب الميل في المكحلة، والرشاء في البئر". قال: نعم، قال: "أتدري ما الزنا؟ " إلى آخر الحديث.
وليس معنى ذلك أن النبي ﷺ يكون قد فعل ما فيه الإثم، بل المصلحةُ الراجحة ألغت التحريم، فعاد الفعل مباحًا، بل واجبًا، في تلك الحالة الخاصة.

(١) الموافقات ٣/ ٣٣١
(٢) رواه البخاري ١٢/ ١٣٥

1 / 165