156

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

الناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

السادسة

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

والدليل لذلك أنه لا امتناع فيه عقلًا. وقد ورد في الكتاب العظيم نسبته إلى الأنبياء، كقوله تعالى: ﴿ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزمًا﴾ ووقع فعلًا كما قد ذكر في السنة. فقد حفظ من سهوه ﷺ في الصلاة مواضع، وقوله: "أُريتُ ليلة القدر ثم أُنسِيتُها".
الإقرار على النسيان:
الذين قالوا بجواز النسيان عليه ﷺ في الأفعال التكليفية، قال بعضهم: لا يُقَرّون عليه، بل ينبّهون عن قرب. وهو قول الجمهور، كما حكاه الزركشي. وقيل: قد يتراخى التصحيح، وإليه مال الجويني، ولكن لا ينقرض زمانهم وهم مستمرّون على النسيان.
وهذا فيما يترتب عليه تشريع من الأفعال.
أما الأفعال التي لا يترتب عليها تشريع، فقد قال ابن القشيري: لا بُعد أن ينسى، ثم لا يتذكر حتى ينقرض زمانه، وهو مستمر على النسيان، مثل أن ينسى صلاة ثم لا يتذكرها (١).
ملحق: العوارض البدنية والنفسية:
لم يقل أحد بوجوب عصمة الأنبياء عن أن تلحقهم العوارض التي تلحق غيرهم، من المرض والجوع والعطش، والنوم والإغماء (٢) والتعب، والضعف والكبر، والجراح والموت. وسواء لحقهم ذلك بدون تسببٍ من البشر أو بتسبّب منهم، فقد قُتل بعض الأنبياء قتلًا.
وفي بعض الأحوال كان الله ﷿ يعصمهم من أعدائهم، كما عصم

(١) البحر المحيط ٢٤٧ أ.
(٢) الإغماء الذي يطول الشهر والشهرين وأكثر، قال الداركي: هو غير جائز لأنه كالجنون. بخلاف الساعة والساعتين، فهو جائز لأنه شبيه بالمرض (البحر المحيط للزركشي ٢/ ٢٤٧ ب).

1 / 162