ديوان إبراهيم
ملائكة الرحمة
ذكرى حمية أهل الشام
عارضي نوحي بسجع
يا موطني
يا سراة البلاد
عيناي مطبقتان
شوق وعتاب
ذكرى دمشق
عند شباكي
في المكتبة
سلام عليك
تحية الريحاني
نزيهة
كارثة نابلس
سر الخلود
معين الجمال
حملتني نحو الحمى أشجاني
منديل حسناء
حريق الشام
تفاؤل وأمل
كيف عيناك يا عمر
حطين
حيرة
الحبيب الذاهل
لذة العيش
وحي رسالة
في دير قديس
إلى ذات المنديل
إلى م ...
الزهرتان والشاعر
وداعا
اغفري لي
إلى بائعي البلاد
خطرة في الهوى
رد على رئوبين شاعر اليهود
رمان كفر كنا
البلد الكئيب
عنت الدهر
أين الرسالات؟
خل الشقي بحاله
رثاء نافع العبوشي
فرحتي ...!
ذكرى
التفاتة
موسم النبي موسى
يوم الثلاثاء
حلفت ألا تكلميني
الفدائي
مناجات وردة
الثلاثاء الحمراء
ليلى كوراني
هواك جبار
الحبشي الذبيح
صاحب غمدان
تحية مصر
إلى ذات العصابة الزرقاء
طيف الأمل
بهاء
الغرام الأول
اشربي
أعجب الهوى
غادة إشبيلية
بيني وبين الناس ...
اشتروا الأرض تشتريكم من الضيم
طير الصبا
عاش كلانا بالمنى
الدم الخفيف
الشريف حسين
الشاعر المعلم
مداعبة قدري طوقان
نعمة العافية
ذكرى عشية زهراء
آل عبد الهادي
هدية رمان
صورتها المكبرة
يا رجال البلاد
بعد عام
نسر الملوك
ورد يغيض وهجرة تتدفق
أطلقي ذاك العيارا
الشهيد
إلى الأحرار
فلسطين مهد الشهداء
مصرع بلبل
يا قوم!
الإيمان الوطني أو جماعة (السار)
الشيخ المظفر
السماسرة!
أيها الأقوياء
زيادة الطين!
إلى ثقيل
تعزية البيت الهاشمي
غايتي
مناهج!
أنتم!
لمن الربيع؟
يا حسرتا
1000
نعمة ...!
أيتها الحكومة
رثاء الشيخ سعيد الكرمي
القدس
شريعة الاستقلال
إلى الممرضة الروسية ...
رثاء أبي المكارم عبد المحسن الكاظمي
ناشدتك الإسلام
إلى ذات السوار
مرابع الخلود
رثاء أديب منصور
بلا عنوان ...!
قصائد ومقطعات غير مؤرخة
اقتباسات من القرآن
عتاب إلى شعراء مصر
ما لك والذكريات
أناشيد
نشيد بطل الريف عبد الكريم الخطابي
وداع
نشيد البراق
وطني أنت لي
فتية المغرب
نشيد فلسطين
موطني
العمل
نشيد رثاء غازي
أشواق الحجاز
ديوان إبراهيم
ملائكة الرحمة
ذكرى حمية أهل الشام
عارضي نوحي بسجع
يا موطني
يا سراة البلاد
عيناي مطبقتان
شوق وعتاب
ذكرى دمشق
عند شباكي
في المكتبة
سلام عليك
تحية الريحاني
نزيهة
كارثة نابلس
سر الخلود
معين الجمال
حملتني نحو الحمى أشجاني
منديل حسناء
حريق الشام
تفاؤل وأمل
كيف عيناك يا عمر
حطين
حيرة
الحبيب الذاهل
لذة العيش
وحي رسالة
في دير قديس
إلى ذات المنديل
إلى م ...
الزهرتان والشاعر
وداعا
اغفري لي
إلى بائعي البلاد
خطرة في الهوى
رد على رئوبين شاعر اليهود
رمان كفر كنا
البلد الكئيب
عنت الدهر
أين الرسالات؟
خل الشقي بحاله
رثاء نافع العبوشي
فرحتي ...!
ذكرى
التفاتة
موسم النبي موسى
يوم الثلاثاء
حلفت ألا تكلميني
الفدائي
مناجات وردة
الثلاثاء الحمراء
ليلى كوراني
هواك جبار
الحبشي الذبيح
صاحب غمدان
تحية مصر
إلى ذات العصابة الزرقاء
طيف الأمل
بهاء
الغرام الأول
اشربي
أعجب الهوى
غادة إشبيلية
بيني وبين الناس ...
اشتروا الأرض تشتريكم من الضيم
طير الصبا
عاش كلانا بالمنى
الدم الخفيف
الشريف حسين
الشاعر المعلم
مداعبة قدري طوقان
نعمة العافية
ذكرى عشية زهراء
آل عبد الهادي
هدية رمان
صورتها المكبرة
يا رجال البلاد
بعد عام
نسر الملوك
ورد يغيض وهجرة تتدفق
أطلقي ذاك العيارا
الشهيد
إلى الأحرار
فلسطين مهد الشهداء
مصرع بلبل
يا قوم!
الإيمان الوطني أو جماعة (السار)
الشيخ المظفر
السماسرة!
أيها الأقوياء
زيادة الطين!
إلى ثقيل
تعزية البيت الهاشمي
غايتي
مناهج!
أنتم!
لمن الربيع؟
يا حسرتا
1000
نعمة ...!
أيتها الحكومة
رثاء الشيخ سعيد الكرمي
القدس
شريعة الاستقلال
إلى الممرضة الروسية ...
رثاء أبي المكارم عبد المحسن الكاظمي
ناشدتك الإسلام
إلى ذات السوار
مرابع الخلود
رثاء أديب منصور
بلا عنوان ...!
قصائد ومقطعات غير مؤرخة
اقتباسات من القرآن
عتاب إلى شعراء مصر
ما لك والذكريات
أناشيد
نشيد بطل الريف عبد الكريم الخطابي
وداع
نشيد البراق
وطني أنت لي
فتية المغرب
نشيد فلسطين
موطني
العمل
نشيد رثاء غازي
أشواق الحجاز
الأعمال الشعرية الكاملة
الأعمال الشعرية الكاملة
إبراهيم طوقان
تأليف
إبراهيم طوقان
ديوان إبراهيم
ملائكة الرحمة
بيض الحمائم حسبهنه
أني أردد سجعهنه
رمز السلامة والودا
عة منذ بدء الخلق هنه
في كل روض فوق دا
نية القطوف لهن أنه
ويملن والأغصان ما
خطر النسيم بروضهنه
فإذا صلاهن الهجي
ر هببن نحو غديرهنه
يهبطن بعد الحوم مث
ل الوحي، لا تدري بهنه
فإذا وقعن على الغدي
ر، ترتبت أسرابهنه
صفين طول الضفتي
ن، تعرجا بوقوفهنه
كل تقبل رسمها
في الماء ساعة شربهنه
يطفئن حر جسومهن
بغمسهن صدورهنه
يقع الرشاش إذا انتفض
ن لآلئا لرؤوسهنه
ويطرن بعد الابترا
د إلى الغصون مهودهنه
تنبيك أجنحة تصف
فق كيف كان سرورهنه
ويقر عينك عبثهن،
إذا جثمن، بريشهنه
وتخالهن بلا رؤو
س حين يقبل ليلهنه
أخفينها تحت الجنا
ح ونمن ملء جفونهنه
كم هجنني ورويت عن
هن الهديل، فديتهنه!
المحسنات إلى المري
ض، غدون أشباها لهنه
الروض كالمستشفيا
ت، دواؤها إيناسهنه
ما الكهرباء وطبها
بأجل من نظراتهنه
يشفي العليل عناؤهن
وعطفهن ولطفهنه
مر الدواء بفيك حل
و من عذوبة نطقهنه
مهلا، فعندي فارق
بين الحمام وبينهنه
فلربما انقطع الحما
ئم في الدجى عن شدوهنه
أما جميل المحسنا
ت، ففي النهار وفي الدجنه
1924
ذكرى حمية أهل الشام
هو ذا البحر مزبدا يتعالى
إثر بعض أمواجه تتوالى
تلطم الصخر كبرياء وعنفا
ثم ترتد للخضم خذالى
بضجيج كأنه زجل الرع
د، ورجف تخاله زلزالا
ما ونت عن جهادها الدهر لكن
لطف الصبح كرها والنضالا
وهي تستأنف الجهاد بعزم
كل يوم إذا النهار تعالى •••
عند ذاك الخضم بقعة أرض
قدر الله منحها استقلالا
هي حد السوريتين شمالا
وجنوبا، وما تنوء مجالا
لست تلقى سوريتين ولكن
قيل هذا تفننا وضلالا
يبتغون التفريق في الجسد الوا
حد، خابت تلك الشياطين فالا
خل عني وذكر من أعتقوا العب
د، وشدوا من الطليق العقالا
عند ذاك الخضم بقعة أرض
حرس الله سهلها والجبالا
لا ترى في فنائها آدميا
وهي آوت صوادحا وصلالا
شمسنا دون شمسها تتجلى
بدرنا دون بدرها يتلالا
وسكون الدجى يفك عن القل
ب قيودا، ويبعث الآمالا
ويهب النسيم في السحر الدا
كن، يحيي من الزهور تلالا
زانها من لآلئ الطل تيجا
ن، زهت رونقا، وفاضت جمالا
فإذا اجتاز تلكم الأرض غاد
يلبس الطل ساقه خلخالا
وترى الطير نافرات خفافا
وثقالا ويمنة وشمالا
ويلوح الصباح لونا فلونا
كلما الشمس قاربته استحالا
وكذا البحر خاشع مستكين
وهو يكسى من كل لون شالا
يا لها من مظاهر تملك الحس
وتوحي لناظريها الخيالا
أيها السائر المجد، رويدا
واخفض الطرف عندها إجلالا
تلك مأوى (حرية) سلبت منا
قديما، واليوم عزت منالا
إيه يا فتنة الشعوب ويا أن
شودة الكون شقتنا أجيالا
لك وجه ملائكي وسيم
نوره يفعم القلوب جلالا
ومزاج جهنمي عتي
يصدع الجور يصهر الأغلالا
صانك الله كم فداك وفي
أوتحصين كم أبدت رجالا؟
أنا أستغفر الوفا لم يبيدوا
يوم خلدت بعدهم أعمالا •••
لك في ترب «ميسلون» دفين
كان للذائدين عنك مثالا
مات في ميعة الشباب شهيدا
وكذا الحر لا يموت اكتهالا
في سبيل الأوطان سالت دماه «ذي المعالي فليعلون من تعالى»
فسلام عليه يوم دعاه
وطن مرهق فصال وجالا
وسلام عليه يوم أريق الد
دم منه، وضمخ الأجبالا
هذه روحه أطلت على الشا
م، تزور الربى وتغشى الظلالا
وتحض الرجال فيها على تض
حية النفس ما أهينوا احتلالا
يوم كانت قلوبنا تتلظى
والعدى توسع البلاد احتمالا
برجيم لما أتاهم وقاح
كان إتيانه عليه وبالا
لم يبت غير ليلة كان فيها
يبصر الموت حوله أشكالا
وكأني به تجاذبه الأو
هام رعبا، فيستوي إجفالا
قلق يرقب الصباح فلما
أن تجلى شد الرحال، وقالا
الفرار الفرار ألفيت في الشا
م نكالا، وفتية أبطالا
ولو أن المقام طال ببيرو
ت؛ لكان المصير أسوأ حالا •••
هذه شيمة الكرام بني الشا
م، سمت همة، وطابت فعالا
عربي إباؤكم أموي
لا أباد الزمان تلك الخلالا
كل جرح أصابكم حل منا
في صميم القلوب يأبى اندمالا
يحرس الله مجدنا ما بذلنا
في سبيل الأوطان نفسا ومالا
24 مارس 1925
عارضي نوحي بسجع
خطرت بالأمس ريح صرصر
فالتوى غصن شبابي الأخضر
ورأيت الزهر عنه ينثر
مثلما ينثر دمعي •••
يا شبابي أنت أحرى بدمي
لا بدمعي أو شكايات فمي
خل عني فصحابي لومي
ملأوا باللوم سمعي •••
سئموا نوحي وعافوا منطقي
هم ذوو أفئدة لم تخفق
أنا - إن يدروا - بحتفي ملتق
وغدا يهدأ روعي •••
وطأة الليل على قلبي الحزين
مزجت منه بأنفاسي أنين
ما له وقع بسمع العالمين
وبسمعي أي وقع •••
أنت يا ورقاء من دون الأنام
تسمعين النوح مني في الظلام
فإذا ما نحت يا رمز السلام
عارضي نوحي بسجع
يا موطني
ألقيت في حفلة توزيع الشهادات في مدرسة النجاح النابلسية.
خطر المسا بوشاحه المتلون
بين الربى يهب الكرى للأعين
وتلمس الزهر الحيي فأطرقت
أجفانه شأن المحب المذعن
ودعا الطيور إلى المبيت فرفرفت
فوق الوكون لها لحون «الأرغن»
وتسللت نسماته في إثره
فإذا الغصون بها ترنح مدمن
آمال أيام الربيع جميعها
حسن (وعيبال) اكتسى بالأحسن
جبل له بين الضلوع صبابة
كادت تحول إلى سقام مزمن
وتفجرت شعرا بقلبي دافقا
فسكبت صافيه ليشرب موطني •••
يا موطنا قرع العداة صفاته
أشجيتني ومن الرقاد منعتني
يا موطنا طعن العداة فؤاده
قد كنت من سكينهم في مأمن
لهفي عليك وما التهافي بعدما
نزلوا حماك على سبيل هين
وأتوك يبدون الوداد وكلهم
يزهو بثوب بالخداع مبطن
قد كنت أحسب في التمدن نعمة
حتى رأيت شراسة المتمدن
فإذا بجانب رفقه أكر الوغى
وإذا الحديد مع الكلام اللين
الذنب ذنبي يوم همت بحبهم
يا موطني هذا فؤادي فاطعن
واغمر جراحك في دمي فلعله
يجدي فتبرأ بعده يا موطني •••
عجبا لقومي مقعدين ونوما
وعدوهم عن سحقهم لا ينثني
عجبا لقومي كلهم بكم ومن
ينطق يقل يا ليتني ولعلني
لم يوجسون من الحقيقة خيفة؟
لم يصدفون عن الطريق البين؟
إن البلاد كريمة يا ليتها
ضنت على من عقها بالمدفن •••
قالوا: الشباب ... فقلت: سيف باتر
وإذا تثقف كان صافي المعدن
مرحى لشبان البلاد إذا غدا
كل بغير بلاده لم يفتن
مرحى لشبان البلاد فما لهم
إلا السمو إلى العلا من ديدن
نهض الشباب يطالبون بمجدهم
يا أيها الوطن المجيد تيمن
16 يوليه 1925
يا سراة البلاد
يا سراة البلاد يكفي البلادا
ما أذاب القلوب والأكبادا
انتداب أحد من شفرة السيف
وأورى من المنايا زنادا
وعد بلفور دكها فلماذا
تجعلون الأنقاض منها رمادا
ما الذي تفعلون والجو مربد
وهذي الأعداء تقضي المرادا
أفرغتم من كل أمر سوى
المجلس يحتاج همة وجهادا
أحبط الله سعيكم ألحب
الذات قمتم تهيئون العتادا
تنبذون الأوطان في طلب
المنصب والدين والهدى والرشادا
إن في الموطن العزيز سواه
ألف شغل فأوسعوها اجتهادا
وطن بائس يباع وأنتم
لا تزالون تخدعون العبادا
مثخن بالجراح أبرأه الله
فهلا كنتم له عوادا
كيف يلقى من هادميه بناة
كيف يرجو من جارحيه ضمادا
يا جناة على البلاد بدعوى
الخير والبر لا نعمتم رقادا
قام من بينكم سماسرة السوء
فهل تشتكون ثم اقتصادا
في غد ينشأ الصغار فيبغون
تلادا وما تركتم تلادا
بعتموه إلى العدو فمن أي
ن يلاقون ملجأ ومهادا
أنتم اليوم تزرعون فسادا
وغدا سوف يثمر استعبادا
يا سماء انقضي ويا أرض ميدي
قتلت أمة وبادت بلادا
29 آب 1925
عيناي مطبقتان
القلب متصل الوجي
ف تكاد تلفظه ضلوعي
والليل لم يهب الكرى
لكن حباني بالدموع
والصبح في مهوى سحي
ق، لا يبشر بالطلوع
والكون نائم والفكر هائم
يتلمس الحسناء فا
تنتي بهاتيك الربوع •••
عيناي مطبقتان ... ل
كني أرى تلك النجوم
متألقات بالفضا
ء على غياهبه تعوم
فإخال فاتنتي تمت
تع بينهن بما تروم
فأجيل عينا تنهل حزنا
فأرى النجوم تريد أن
تنقض فوقي كالرجوم •••
لا شيء يخترق السكو
ن سوى هديل حمائمي
حملته لي بعض النسا
ئم في الظلام القاتم
فوددت لو يشفى الفؤا
د من الأسى المتقادم
فإذا الهديل لا يستحيل
قلبا يسير به الهوى
في لجه المتلاطم •••
عبثا أخفف عن فؤا
د لا يقر له قرار
عبثا أعلله بلق
ياها، وقد شط المزار
حذرته حبا عوا
قبه اللواعج والدمار
لله قلب أغواه حب
فإذا به جم العثا
ر ويستجير ولا يجار
1925
شوق وعتاب
كيف أغويتني وأمعنت صدا
يا حبيبا أعطى قليلا وأكدى
ود قلبي لو يجهل الحب لما
أن رآه يحول سقما ووجدا
وشكت أضلعي من القلب نارا
هل عهدن الهوى سلاما وبردا؟! •••
طلع الفجر باسما فتأمل
بنجوم الدجى ترنح سهدا
هي مثلي حيرى وعما قريب
تتوارى مع الظلام وتهدا
لك حملتها رسالة شوق
وعتاب، أظنها لا تؤدى ... •••
قلت للطير حين أصبح يشدو «أيها الطير عم صباحا!» فردا
ثم غنى أنشودة عن حبيب
لم يكن ظالما، ولا خان عهدا
أضرم الذكريات بي ثم ولى
لا رماك الصياد ... أسرفت جدا •••
جمع الله في محيا حبيبي
أقحوانا وياسمينا ووردا
وابتساما لا يهجر الثغر إلا
عند قولي له: أتنجز وعدا؟
لا عرفت الوفا ولا كان وعد
يجعل البسمة الوديعة حقدا
الجامعة الأميركية، 16 أيار 1926
ذكرى دمشق
بمناسبة استشهاد المجاهد أحمد مريود
هادئ القلب مطبق الأجفان
مطلق الروح راقد الجثمان
ملك عند رأسه باسم الثغ
ر جناحاه فوقه يخفقان
غادة تملأ الكؤوس وخود
تنضح الجرح من رحيق الجنان
وحواليه طاف أسراب حور
بغصون النخيل والريحان
وتهاوى الطيور عن شجر الخل
د تغنى بأعذب الألحان
من كبير يزهو بأبهى رياش
وصغير مصور من حنان
وأفاق الشهيد منشرح الصد
ر شكورا لأنعم الرحمان
واستوى جالسا على رفرف خض
ر غوال وعبقري حسان
وسقته ملائك الله خمرا
جعلته حيا مدى الأزمان •••
وتجلت أنوار من ملك المل
ك، فخر الحضور للأذقان
ثم حيا ذاك الشهيد ونادى
أيهذا الشهيد لست بفان
رضي الله عن جهادك فاخلد
وتبوأ في الخلد أعلى مكان
وخلود النعيم عندي جزاء
للذي مات في هوى الأوطان •••
ما مصير الشهيد يا رب إلا
غبطة عند راسخ الإيمان
غير أن الشباب إن كان غضا
والتوى الغصن منه في الريعان
وتراءت أزهاره ذابلات
عبثت للرياح فيها يدان
تعذر العين في البكاء عليه
دمع سلوى لكن بلا سلوان •••
رب عفوا إن راعنا فقد ندب
ضاحك الوجه في قطوب الزمان
صارم كان مغمدا صقلته
يد حرية أنوف حصان
شهرته حتى أذابته مسحا
في رقاب الأعداء يوم الطعان
يا دموعي وهبتك القلب إن لم
تقنعي بالقريح من أجفاني
فهو قلبي أليف همي وحزني
وحليف الزفير والخفقان •••
يا ربوع «الفيحاء» أنت عروس
أيمتها طوارق الحدثان
الأكاليل لم تزل غضة الزه
ر ولم تنقطع أغاني الغواني
والمغاني مأهولة والروابي
باديات نواضرا للعيان
والندامى بين الكؤوس قيام
رنحتهم مدامة الغدران
والعذارى سوافر لاهيات
بالأراجيح وهي في الأغصان
يا عروس الدنيا وما حال قلب
فجعته أحزانه بالأماني
الخطوب اللائي نزلن جسام
قد أحلن الهنا إلى أحزان
والأسى في الضلوع أشبه شيء
بك لما قذفت بالنيران
منك دمع ومن محبك دمع
بردى والمحب متفقان
رحل العام عنك جهم المحيا
مكفهرا فكيف حال الثاني؟ •••
لا ترعك الخطوب يا ابنة مروا
ن ولوذي بالله والفتيان
الشباب النضير والأمل الثا
بت خلان كيف يفترقان
والشباب النضير إن سيم خسفا
ثائر باسل وثوب الجنان
لفرنسا أن تحشد الجيش كالسي
ل وتبدي عجائب الطيران ...
لفرنسا ما تشتهي لفرنسا
ما تمنى فموعد الثأر دان •••
يا لهول الوغى وقد هاج سلطا
ن وأضحى يجيش كالبركان
أسد فوق ضامر عربي
شاهر للوغى حساما يماني
أرهقته المنون، ثم أنامت
ه ليوم محجل أرونان «صفحتاه عقيقتان من البر
ق وفي مضربيه صاعقتان» •••
وطبيب أغر يعطي دواء
لسقام الأوطان ... والأبدان ...
أليوثا أفلت يا سجن أروا
د تذيق العداة كأس الهوان
أي حرب أثار ظلم فرنسا
فدهاها ما ليس بالحسبان
المغاوير حضر وبداة
زمجروا دون أمة الطغيان
والجياد العتاق ولهى طراد
مسرعات بهم إلى الميدان
والسيوف الرقاق ظمأى دماء
تشتكي بثها إلى المران
فاسألي عن فعالهم يا فرنسا
إن أبناءهم لدى غملان
وأقيمي ممالكا وعروشا
وافزعي للخداع والبهتان
إن من تمنحين مجدا وملكا
ورثوا الملك عن بني مروان
سوف لا ينثنون عن طلب الحق
قتالا أو تضرعي للأمان •••
إيه روح الشهيد زوري فلسطي
ن، وطوفي قدسية بالمغاني
وانزعي من صدورنا جمرة الحق
د، وسلي سجية الشنآن
هم إخواننا الجهاد وأضحى
همنا في مجالس ولجان
أيها العاشق المناصب مهلا
أبتاج ظفرت أم صولجان
كيف أنساك حب ذاتك مهدا
أنت لولاه كنت للنسيان
يا فلسطين هل لديك سري
غير ذي مطمع ولا متوان
ليس عندي سوى التلهف أهدي
ه، وقلب موله بك عان
وشعور نسقته في بياني
ودموع أودعتها أشجاني
هل أمنا العداة حتى رقدنا
أم وجدنا الهوان حلو المجاني؟
أين منا الأبي؟ أين المعزي؟
أين منا معذب الوجدان؟
فاتقوا الله واذكروا نهضة الشا
م وخصوا العدو بالأضغان
نابلس، 16 تموز 1926
عند شباكي
بكوري عند شباكي
لأنشق طيب رياك
ولا سلوى سوى نجوى
أسر بها لمغناك
أسرح نحوه طرفا
أمنيه بمرآك
وطرفا في قرار (الدا
ر) موعودا بلقياك
تمر علي ساعات
أشيعها بذكراك
وأخشى أن يرف الجف
ن يحرمني محياك •••
طلعت فما لقلبي شا
ء يفضحني فسماك
صباح النور! من دنف
تنهد، ثم حياك ...
سلام الروح والريحا
ن، أنت نعيم دنياك
مررت وقيل مر النا
س هل أبصرت إلاك؟! •••
وداعا يا معذبتي
وعين الله ترعاك
وداع سويعة تمضي
على جمر وألقاك
وأنسى ليلة سلفت
وطرفي ساهر باك
ومضجع أضلع منيت
بنيران وأشواك •••
شكرت الله أن (الدا
ر) تجمعني وإياك
وتلقين السؤال علي
في أمر تعداك
وحين أجيب تمنحني
ابتسام الشكر عيناك •••
هجرت (الدار) أضرب في
فضاء الله لولاك
ولولا رحمة العيني
ن قلبا بات يهواك
وعطف من لدنك على
أسى في النفس فتاك
إذن لرأيتني يوما
صريعا تحت شباكي
1926
في المكتبة
وغريرة في المكتبه
بجمالها متنقبه
أبصرتها عند الصبا
ح الغض تشبه كوكبه
جلست لتقرأ أو لتك
تب ما المعلم رتبه
فدنوت أسترق الخطى
حتى جلست بمقربه
وحبست حتى لا أرى
أنفاسي المتلهبه
ونهيت قلبي عن خفو
ق فاضح فتجنبه •••
راقبتها، فشهدت أن
الله أجزل في الهبه
حمل الثرى منها على
نور اليدين وقلبه
وسقاه في الفردوس مخ
توم الرحيق وركبه
فإذا بها ملك تنز
ل للقلوب المتعبه
يا ليت حظ كتابها
لضلوعي المتعذبه
حضنته تقرأ ما حوى
وحنت عليه وما انتبه
فإذا انتهى وجه ونا
ل ذكاؤها ما استوعبه
سمحت لأنملها الجمي
ل بريقها كي تقلبه
وسمعت وهي تغمغم ال
كلمات نجوى مطربه
ورأيت في الفم بدعة
خلابة مستعذبه ...
إحدى الثنايا النيرا
ت بدت، وليس لها شبه
مثلومة من طرفها
لا تحسبنها مثلبه ...
هي، لو علمت، من المحا
سن عند أرفع مرتبه
هي مصدر (السينات) تك
سبها صدى، ما أعذبه •••
وأما وقلب قد رأت
في الساجدين تقلبه
صلى لجبار الجما
ل، ولا يزال معذبه
خفقانه متواصل
والليل ينشر غيهبه
متعذب بنهاره
حتى يزور المكتبه ...
وأما وعينك والقوى الس
حرية المتحجبه
ما رمت أكثر من حدي
ث طيب ثغرك طيبه
وأروم سنك ضاحكا
حتى يلوح وأرقبه
نشرت في العدد 40 من الأحرار المصورة، 1926
سلام عليك
سلام عليك ولو شفني
من الوجد واليأس ما شفني
أداري غرامك جهد الحليم
فما يستريح وما أنثني
وقلبي كما يشتهيه الهوى
لغير جمالك لم يذعن
خفوق، ولو شئت سكنته
ولو شاء غيرك لم يسكن
سقيم، ولو شئت أبرأته
بعطفك من دائه المزمن
إذا كنت منه تجاه اليمين
يخف إلى جانبي الأيمن
ألا إنه مرهق يستجير
فترثي له أدمع الأعين
31 كانون الأول 1926
تحية الريحاني
مرحبا بالثقافة الغربيه
تتجلى في روحك الشرقيه
مرحبا بالحكيم محيي المعري
مرحبا بالنبوغ والعبقريه
مرحبا بالعظيم أكرم ضيف
لملوك الجزيرة العربيه
فيلسوف الفريكة الصائب الرأ
ي، ربيب الحرية الفكريه
لم يزدنا قدومك اليوم علما
بك يا صاحب البنان النديه
حملت هذه البنان يراعا
فبلونا كيف القوى السحريه
فاض حتى غدوت، والناس منه
بعيون عن أن تراك غنيه
عيبه أنه لسان حسود
نشر الفضل منك بين البريه
فيه ما شاء ذو الحجى، وتمنى
من غذاء له، ومن أمنيه
حكمة تملأ الصدور ضياء
خبرة الدهر أمها والرويه
وهدى جائر، وسلوى حزين
من ضمير حي، وأصدق نيه
ببيان كأنه نفحات
حملتها يد النسيم زكيه •••
جئت والقوم يا أمين سكارى
وعبيد المآرب الشخصيه
جئت والقوم ذاهلون نيام
قد أضاعوا القضية الوطنيه
جئت والقوم في فلسطين نهب
لأيادي المطامع الأشعبيه
بلدي كان قدوة لفلسطي
ن، شديدا دفاعه في القضيه
كان ذا نخوة وفيه حميه
أين منها حمية الجاهليه
كان يدعى حصن البلاد فأضحى
وفلسطين منه تلقى الرزيه
نبه القوم يا أمين، وسلهم
أين باتت تلك النفوس الأبيه
جعلتهم أهواؤهم ساعة الشدة
شتى القلوب سود الطويه
بينما أنت بالجزيرة تسعى
لوفاق ووحدة قوميه
وترود القفار وهي سعير
من حجازية إلى نجديه
دب فينا الشقاق يا لبلاد
أصبحت تحت رحمة الحزبيه
دمعة يا أمين قد غاض دمعي
وفلسطين منه ليست رويه
صرخة يا أمين قد بح صوتي
أتراهم في رقدة أبديه؟
بث فيهم روحا جديدا يفيقوا
ويروا كم يد تعيث خفيه •••
إن أكن مسرفا بلومي فلومي
صادر عن محبتي القلبيه
وعزيز علي أن تبصر العي
ن فلسطين، وهي تعطى هديه
وفلسطين لن تكون ضحيه
قبل أن تذهب النفوس ضحيه
أيها الفيلسوف جئت بخير
فسلاما وراحة وتحيه
دمت حتى تشاهد العرب طرا
في ظلال السلام والحريه
19 نيسان 1927
نزيهة
رأيتها ألف مره
فلم تجد لي بنظره
حتى غدوت وما لي
على التجلد قدره
فباح بالحب دمعي
ونلت بالحب شهره
فهل أتاك حديثي
ففيه للغيد عبره؟
يا غادة في جبين ال
جمال واللطف غره
متى تجودين للنف
س بالهنا والمسره
عجبت للحب إني
أرى الحسان بكثره
خلقن من طلعة الفج
ر، وهو يفتح صدره
فما ابتغيت وعيني
ك من هواهن ذره
لكن لحسنك والل
ه، فتح الحب زهره
أنت الحديث وشغلي
لدى العشي وبكره
لم تغربي يا ذكاء ال
جمال عني فتره
فهل لقلب كئيب
يا منيتي من مبره
مارس 1927
كارثة نابلس
أدموع النساء والأطفال
تجرح القلب أم دموع الرجال
بلد كان آمنا مطمئنا
فرماه القضاء بالزلزال
هزة، إثر هزة تركته
طللا دارسا من الأطلال
مادت الأرض ثم شبت وألقت
ما على ظهرها من الأثقال
فتهاوت ذات اليمين ديار
لفظت أهلها، وذات الشمال
بعجاج تثيره ترك الدن
يا ظلاما، وشمسها في الزوال
فإذا الدور وهي إما قبور
تحتها أهلها، وإما خوال
وأرق النسيم لو مر بالقا
ئم منها لدكه، فهو بال •••
لا تقف سائلا بنابلس الثك
لى، فما عندها مجيب سؤال
أرأيت الطيور تنفر ذعرا
من خفاف عن سرحها وثقال
هكذا نفرت عن الدور أهل
عمروها، إلى كهوف الجبال
أرسوم؟ وكن قبل صروحا
كل صرح عات على الدهر عال
فالتحفنا السماء بعد ستور
وشفوف مذالة وحجال
وليالي الأعراس يا لهف قلبي
عطلتها تقلبات الليالي
أضحك الدهر يا ابن ودي وأبكى
يوم لم يخطر الأسى في بال
رب واد كأنه النهر الأخ
ضر، يختال في برود الجمال
خطرات النسيم ذات اعتلال
فيه والدوح مائس باختيال
غشيته الطيور مختلفات
رائعات الألوان والأشكال
صادحات على أرائك في الأي
ك، يصلن الغدو بالآصال •••
نغمات أرسلنها ذات تسجي
ع وكر في اللحن واسترسال
يا طيور الوادي غليل فؤادي
كان يشفيه برد تلك الظلال
يا طيور الوادي رزايا بلادي
مزجت لي الغناء بالإعوال
كان واديك للسرور مآلا
فغدا بالثبور شر مآل
كان (عيبال) من صدى الأنس
يهتز فماذا سمعت في عيبال؟
كان (جرزيم) منزها والغواني
في ظلال منه، وماء زلال
أدموع عيونه؟ أصباه
زفرات الإرمال والإثكال؟ •••
يا يد الموت ما عهدت ألوفا
منك هوجا تمتد للاغتيال
طغت الحرب خمسة ما دهتنا
كثوان مرت بغير قتال
ووجوه المنون شتى، فبانت
كلها عند هذه الأهوال
من وحيد لأمه وأبيه
جمعوه مفرق الأوصال
ومكب على بنيه بوجه
خلط الدمع بالثرى المنهال
وفتاة لاذت بحقوي أبيها
جزعا، وهو ضارع بابتهال
وحريض رأى ابنه يسلم الرو
ح قريبا منه بعيد المنال
ومريض وعود صرخ المو
ت، وكانوا يدعون بالإبلال
خسف البيت بالمريض، ومن عا
د، وبالمحصنات والأطفال
قد رأينا في لحظة وسمعنا
كيف تلهو المنون بالآجال
ههنا نسوة جياع بلا مأ
وى، سترن الجسوم بالأسمال
ههنا أسرة تهاجر والغم
بديل الأثاث فوق الرحال
ههنا مبتلى بفقد ذويه
ههنا معدم كثير العيال
ملأ الحزن كل قلب وأودت
ريح يأس بنضرة الآمال •••
دخلاء البلاد، إن فلسطي
ن لأرض كنوزها من نكال
تبرها صفرة الردى فخذوه
عن بنيها، وآذنوا بارتحال
رب لطفا! فقد أتانا نذير
بوباء من بعد هذا الوبال
وجراد، وكل آت قريب،
أوبعد الإمحال من إمحال؟
رب إن الكروب تترى علينا
حسبنا كرب هجرة واحتلال
16 تموز 1927
سر الخلود
في رثاء سعد زغلول
لي بالحياة تعلق وتشدد
والعمر ما بعد المدى فيسنفد
نفس أردده وأعلم أنه
للموت بين جوانحي يتردد
ويلم بي ألم أخاتله بما
يصف الطبيب فيستكين ويخمد
ويسرني أني نجوت من الأذى
ويلي كأني إن نجوت مخلد
وكأنني ضللت سير منيتي
إن الطريق إلى الفناء معبد
هيهات لست بخادع عين الردى
عين الردى يقظى وعينك ترقد
أنا أنت بعد الموت لا مستعبد
حرا فأحقره ولا مستعبد
ورأيت خزاف الحياة يذلها
فيدوسها، ويعزها فينضد
هل كان سعد كما علمت من الورى
فيموت؟ كلا إن سعد لأوحد
هبت عواصف نعيه مصرية
فإذا بها شرقية تتمرد
وطفقت أسأل يومه فإذا به
يوم لعمر الموت أبكم أسود
وارتبت في الأقدار ليلة نعيه
ولحدت ريبي يوم قيل سيلحد
فجعت بنو مصر بفقد زعيمها
الله أكبر أي أروع تفقد؟
يا سعد يا ابن النيل رنق ماءه
ثكل البنين، وهل كسعد يولد؟
مصر التي فقدتك قلب خافق
والشرق أضلعه التي تتوقد
وكأنها كبد يصرعها الأسى
وكأنه لما تعلقها يد
عبدتك مصر، وأنت باعث مجدها
إن البطولة منذ كانت تعبد
رب البطولة عبدها قذفت به
شمل الخطوب يبيدها ويبدد
يلقى الخطوب وقد طغى تيارها
فإذا به صخر هنالك جلمد
وإذا بها لجج تدافع موجها
فيصدها فتحور عنه ويصمد
وإذا به فوق الأكف مكلل
بالغار يكبره الورى ويمجد
وإذا به تحت الصفيح بمعبد
والكعبة الغراء حيث المعبد
وإذا به عين الخلود وسره
تعنو له حر الوجوه وتسجد
يا سعد شأنك والبطولة إنها
تجثو لديك، وأنت أنت السيد
الله، في سبع وستين انطوت
والموت مضاء العزيمة يطرد
نصب الحبائل جمة فتقطعت
وعهدته يرمي السهام فيقصد
ما كان في المنفى بأخفق منه في
مصر يريش سهامه ويسدد
ورأى بطولتك التي صمدت له
وكأنها درع عليك مسرد
فرمى حبائله، وحطم قوسه
وأتى سريرك خائفا يترصد
فسقاك خمرة كأسه فعرفتها
وجرعتها، «وأنا انتهيت» تردد
نعم انتهيت، وإنما تلك القوى
نور يفيض وجذوة لا تهمد
فهدت سبيل الشرق في ظلماته
فجرى يغور في الحياة وينجد
وهوت بكلكلها على أعدائها
وتفرعنت مصر لمن يتنمرد
الفرقد الهادي يحجبه الثرى
فمتى يؤوب؟ وأين يطلع فرقد؟
يا حسرتاه على البلاد يقيمها
غدر المنية بالرئيس ويقعد
زفراتها زفرات مصر تصدعت
من هولهن قلوبنا والأكبد (عيبال) منذ تزلزلت أركانه
ما انفك يسعده نداك ويسعد
عزيته بمصابه ووصلته
حسبي عزاؤك نعمة لا تجحد
جود ختمت به الحياة وإنه
لختام ألف صنيعة لك تحمد
ولقد نعيت له فبات وحزنه
عين تسيل به وعين تجمد
هذا ثرى مصر التي أحببتها
نم هادئا يا سعد طاب المرقد
تفديك أفئدة تود لو أنها
أمست هي الرمس الذي تتوسد
وتود لو أن الأزاهير التي
قد كللوك بها عيون تسهد
الروح والريحان خير تحية
والسلسبيل - ولست تظمأ - مورد
لم يخل منك الذكر في وطن وما
برحت لذكرك لوعة تتجدد
نابلس، في 27 سبتمبر 1927
معين الجمال
أسعديني بزورة أو عديني
طال عهدي بلوعتي وحنيني
أدعي الهجر كاذبا، وغرامي
في قرار من الفؤاد مكين
غيض دمعي وكان ريا لروحي
من غليل الأسى فمن يرويني
يا معين الجمال أذبلت قلبي
أنعشيني بنهلة أنعشيني
يا معين الجمال، قطرة ماء
أو أفيضي ابتسامة تحييني •••
ضجعتي في الرياض بين الرياحي
ن قريبا من ماء عين معين
فتناولت أقحوانا نديا
ونداه كاللؤلؤ المكنون
ونزعت الأوراق عنها تباعا
أتحرى شكي بها ويقيني
فإذا وافقت مناي تفاءل
ت، وإلا كذبت فيها ظنوني
ذاك لهو فيه العزاء لنفسي
فاضحكي من تعللي وجنوني
طفت بين الأزهار، والنشر من نش
رك فيها ودقة التكوين
قطرات الندى عليها دموعي
أنت أدرى مني بما يبكيني
أنتقي طاقة وذوقك يهدي
ني إلى الرائعات في التلوين
يا حياة القلوب ويلي عليها
ذبلت من بقائها في يميني
فخذيها عسى ترد إليها الروح
إني أخاف مرأى المنون •••
ما أشد الهوى، وما أطول اللي
ل، وما أبعد الكرى عن جفوني
رب ذكرى - وما هجعت - استحالت
لخيال سرى فأذكى شجوني
ضمني، ثم ردني وتلاشى
في الدياجي كما تلاشى أنيني
راعني أمره فنبهت من حو
لي ذعرا بصرخة في السكون
سألوني فلم أجب، بل تناوم
ت، فناموا وللأسى خلفوني •••
مرحبا بالحياة عاد صداها
وانجلى الليل عن صباح مبين
سفراء الصباح نور وطير
تتغنى في مائسات الغصون
ونسيم يداعب الدوح، والبح
ر شجي الغناء عذب المجون
وجلال الوديان ملء الحنايا
وجمال الجبال ملء العيون
في اخضرار كأنه أملي في
ك، وثلج نقاؤه كالجبين •••
إنما هذه الطبيعة أنسي
ومعيني إن لم أجد من معين
أتقرى جمال ذاتك في ما
أبدعته يمينها من فنون
في الغدير الصافي، وأنشودة الطي
ر وطيب الورود والياسمين
غير أني ما ازددت إلا حنينا
أسعديني بزورة أو عديني
نظمت في 1927 (ونشرت سنة 1928)
حملتني نحو الحمى أشجاني
نبهتني صوادح الأطيار
تتغنى على ذرى الأشجار
وتجلت مليكة الأنوار
فوق عرش الصباح ترشف طلا
من ثغور الأقاح غلا ونهلا
فتمنيت لو شقيقة روحي
باكرتني إلى جنى الأزهار •••
أنا في روضة أباحت جناها
كل ذي صبوة كئيب أتاها
ها هنا وردة يفوح شذاها
ها هنا نرجس يحيي الأقاحا
والدوالي تعانق التفاحا
بادري نستبق معا وارف ال
ظل، ونقض النهار بعد النهار •••
ضحك الروض حين فاضت عيونه
وترامى فوق الثرى ياسمينه
هام صفصافه فناحت غصونه
فسواء هيامه وهيامي
غير أني أبكي على أيامي
فجعتني بك النوى حين شبت
لوعة في الضلوع ذات أوار •••
مر عام أخفي عن الناس ما بي
من حنين مبرح وعذاب
ولقد يسألون فيم اكتئابي
ويحهم كيف يبصرون دموعي
ثم لا يدركون ما بضلوعي؟
ولقد يكتم المحب هواه
فتبوح الدموع بالأسرار •••
ذاكر أنت عهدنا يا غدير
يوم كنا والعيش غض نضير
وعلى ضفتيك كنا نسير
فرويت الحديث عنا شجونا
وأخذنا عليك ألا تخونا
فأعد لي ذاك الحديث فإني
أذهلتني النوى عن التذكار •••
ذاكر أنت والأزاهير تندى
كم نظمنا منهن للجيد عقدا
فإذا هبت الصبا فاح ندا
وانقضى اللهو مؤذنا بالفراق
فذوى العقد من طويل العناق
لم يزل خيطه يلوح وجسمي
يتوارى سقما عن الأبصار •••
يا ابنة الأيك غردي أو فنوحي
فعسى يلأم الهديل جروحي
نفد الصبر عن شقيقة روحي
فاحملي هذه الرسالة عني
واسجعي إن أتيتها فوق غصن
فهي عند الأصيل تصغي إلى ال
طير عساها تروح بالأخبار •••
حملتني نحو الحمى أشجاني
فتهيبت من جلال المكان
وإذا فوق مقلتي يدان
فتلمست نضرة ونعيما
وتعرفت ما لثمت قديما
قلت يا مرحبا وقبلت كفا
أنزلتني ضيفا بأكرم دار •••
خطرات النسيم في واديك
صبحتني بقبلة من فيك
ثم عادت بقبلة تشفيك
فسلاما يا «وادي الرمان»
فزت بالروح منك والريحان
واحنيني إلى ديارك والرمان
دان يظل أهل الديار
نشرت في 21 أيار 1928
منديل حسناء
ما رونق الفجر والظلماء عاكفة
إذا تنفس نورا في حناياها
فهبت الطير تدعو الطير مرسلة
من الأغاريد أحلاها وأشجاها
ولا الورود كأمثال الخدود وقد
تفتحت في الرياض الفيح تغشاها
كلا ولا قطرات الطل كامنة
في الأقحوان وأم الشهد ترعاها
يوما بأجمل من مي إذا ابتسمت
تحت النقاب، ولاحت لي ثناياها
غدا تفارقني مي وفي كبدي
شوق أكابده آها وأواها
مساء 12 حزيران 1928
حريق الشام
إلى نديم
لهفي على الشام وسكانها
لهفة ظامي الروح حرانها
ما أحرقتها النار لكنما
ضلوع مفتون بغزلانها
والحب إما أضرمت ناره
تسمعه الدنيا بآذانها «نديم» أخبرني فقد راعني
تشبث النار بغيطانها
هل سرت النار إلى (تينها)
وتوتها الغض ورمانها
25 حزيران 1928
تفاؤل وأمل
كفكف دموعك، ليس ين
فعك البكاء ولا العويل
وانهض ولا تشك الزما
ن، فما شكا إلا الكسول
واسلك بهمتك السبي
ل، ولا تقل كيف السبيل
ما ضل ذو أمل سعى
يوما وحكمته الدليل
كلا، ولا خاب امرؤ
يوما ومقصده نبيل
أفنيت يا مسكين عم
رك بالتأوه والحزن
وقعدت مكتوف اليدي
ن، تقول: حاربني الزمن
ما لم تقم بالعبء أن
ت، فمن يقوم به إذن؟ •••
كم قلت: «أمراض البلا
د» وأنت من أمراضها
والشؤم علتها فهل
فتشت عن أعراضها؟
يا من حملت الفأس ته
دمها على أنقاضها
اقعد فما أنت الذي
يسعى إلى إنهاضها
وانظر بعينيك الذئا
ب تعب في أحواضها
وطن يباع ويشترى
وتصيح: «فليحي الوطن»؟!
لو كنت تبغي خيره
لبذلت من دمك الثمن
ولقمت تضمد جرحه
لو كنت من أهل الفطن •••
أضحى التشاؤم في حدي
ثك بالغريزة والسليقه
مثل الغراب نعى الديا
ر وأسمع الدنيا نعيقه
تلك الحقيقة، والمري
ض القلب تجرحه الحقيقه
أمل يلوح بريقه
فاستهد يا هذا بريقه
ما ضاق عيشك لو سعي
ت له، ولو لم تشك ضيقه
لكن توهمت السقا
م، فأسقم الوهم البدن
وظننت أنك قد وهن
ت، فدب في العظم الوهن
والمرء يرهبه الردى
ما دام ينظر للكفن •••
الله ثم الله ما أحلى
التضامن والوفاقا
بوركت مؤتمرا تأل
لف، لا نزاع ولا شقاقا
كم من فؤاد راق في
ه، ولم يكن من قبل راقا
اليوم يشرب موطني
كأس الهناء لكم دهاقا
لا تعبأوا بمشاغبي
ن، ترون أوجههم صفاقا
لا بد من فئة - أجل
كم - تلذ لها الفتن
تلك النفوس من الطفو
لة، أرضعت ذاك اللبن
نشأت على حب الخصا
م، وبات يرعاها الضغن •••
لا تحفلوا بالمرجفي
ن، فإن مطلبهم حقير
حب الظهور على ظهو
ر الناس منشؤه الغرور
ما لم يكن فضل يزي
نك، فالظهور هو الفجور
سيروا بعين الله أن
تم ذلك الأمل الكبير
سيروا فقد صفت الصدو
ر تباركت تلك الصدور
سيروا فسنتكم لخي
ر بلادكم خير السنن
شدوا المودة والتآ
لف والتفاؤل في قرن
لا خوف إن قام البنا
ء على الفضيلة وارتكن •••
حي الشباب وقل سلا
ما إنكم أمل الغد
صحت عزائمكم على
دفع الأثيم المعتدي
والله مد لكم يدا
تعلو على أقوى يد
وطني أزف لك الشبا
ب، كأنه الزهر الندي
لا بد من ثمر له
يوما وإن لم يعقد
ريحانه العلم الصحي
ح، وروحه الخلق الحسن
وطني، وإن القلب يا
وطني بحبك مرتهن
لا يطمئن، فإن ظفر
ت بما يريد لك اطمأن
نشرت في 12 تموز 1928
كيف عيناك يا عمر
إلى صديقه عمر فروخ وكان يشكو ألما في عينيه
كيف عيناك يا عمر
أنا أدماهما السهر
وعصي من الدمو
ع طغى الهم فانهمر
وخيال ألم بي
من حبيب لدى السحر
طاف حينا بمضجعي
وتوارى عن النظر
أتبعته جوانحي
مهجتي عندما نفر •••
أين ليلي على شوا
طىء بيروت يا عمر
كان من فرعها الظلا
م، ومن وجهها القمر
وسميري مقبل
طيب اللثم والسمر
ومدامي وقد ظفر
ت بها نشوة الظفر •••
أين لهوي وشرتي
والزمان الذي غبر
حين لم أفتكر بهج
ر، ولا الهاجر افتكر
أين لا أين والحيا
ة، هي اللمح بالبصر
هكذا يذهب السرو
ر سريعا إذا حضر
نابلس، في 31 آب 1928 (وفي بعض الأصول: أيلول 1928)
حطين
نظمها يوم عزم أمير الشعراء المرحوم أحمد شوقي بك على زيارة فلسطين، وأخذ الأدباء يعدون العدة؛ لإقامة مهرجان له، ولكن الزيارة لم تتم، وقد رمى إبراهيم من وراء هذه القصيدة إلى إثارة أمير الشعراء؛ لينظم شعرا في فلسطين، وفي قضيتها.
أهلا برب المهرجان
أهلا بنابغة البيان
ملك القلوب المستقل
بعرشها، والصولجان
ومتوج حالت أشع
عة تاجه دون العيان
أهلا «بشوقي» شاعر ال
فصحى ومعجزة البيان
يا فرقد الشعراء كم
من فرقد لعلاك ران
علما الخلود منشرا
ن، على سريرك يخفقان
جبريل ينفخ في فؤا
دك ما يفيض على اللسان
وأمد بالنفحات رو
حك، حين طوف بالجنان
فإذا بأبكار الجنا
ن لديك أبكار المعاني
يا باكي الفيحاء حي
ن أبت تقيم على الهوان
أيام كانت وردة
بدم البواسل كالدهان
أرسلت عن (بردى) سلا
مك في لظى الحرب العوان
وذرفت «دمعا لا يكف
كف» هيجته الغوطتان
البيت مما قلته
فيه تخايل جنتان
أبدا رثاؤك فيهما
عينان دمعا تجريان
هذا وإن جناهما
للصعب فاعجب وهو دان •••
عرج على حطين واخ
شع يشج قلبك ما شجاني
وانظر هنالك هل ترى
آثار (يوسف) في المكان
أيقظ (صلاح الدين) رب
التاج والسيف اليماني
ومثيرها شعواء أي
يوبية الخيل الهجان
بالعاديات لديه ضب
حا والأسنة في اللبان
ترمي بمارجها وما
غير العجاجة من دخان
في كل خطار على ال
أخطار صبار الجنان
حلقات أدرعهم قيو
د الموت في درك الطعان
وسيوفهم ماء الحمي
م، على مضاربهن آن
والخيل طوع كماتها
في النقع مرخاة العنان
لا تنثني أو تحرز ال
قصبات في يوم الرهان
حطين يومك ليس ين
كر شاهديه الخافقان
تتطاير الأرواح في
ه، من السنان إلى السنان
وترى السهام مقوما
ت، فوق أجسام حوان
فإذا أديم الأرض أح
مر، من دم الإفرنج قان
يسقون من كأس الردى
ومليكهم ظمآن عان
حتى انجلى رهج الوغى
والنصر مرموق العنان
ومشى صلاح الدين تح
ت لوائه في مهرجان
وعلا الأذان ورجعت
تكبيره شرف الأذان •••
أمقوض الدولات من
لي من صروفك بالأمان؟
دكت صروح ما بنى
أمثالها في المجد بان
جل المصاب «أبا علي»
فابك هاتيك المغاني
ذهب الذين عهدتهم
لا يصبرون على الهوان
في مصر يطمع أشعب
وهنا تنادى أشعبان
وهنا التخاذل في الشدا
ئد، والتشاؤم والتواني
والنفس يقتل عزمها
طول التعلل بالأماني •••
خذها إليك وأنت عن
ها يا أمير الشعر غان
حسناء فيها للصبا
نزق على خفر الحسان
نفحاتها من «كرمة»
تعزى إلى الحسن بن هاني
هيهات تبلغ شأوك
الشعراء يوما أو تداني
نشرت في تشرين الأول 1928
حيرة
وقد رآها مستلقية نائمة
ما كنت أرغب أن أسمى قاسيا
فأنفر الأحلام من عينيها
والشوق يدفعني إلى إيقاظها
ويدي تحاذر أن تمد إليها
وكأنما شعر الرقاد بنعمة
فأقام غير مفارق جفنيها
ويل لقلبي، كيف لم يفتك به
مرأى تقلبها على جنبيها؟
وتنهدت مما تكن ضلوعها
يا شوق ويحك لا ترع نهديها
حسبي جوى أني نظرت لشعرها
ينكب مرتشفا ندى خديها
وأغار منه إذا اطمأن بها الكرى
ويثيرني متوسدا زنديها •••
أرنو بلهفة عاشق لم يبق من
صبر لدي، وقد حنوت عليها
فيصدني أدبي فأبعد هيبة
وأود لو أجثو على قدميها
فالنفس بين تهيب مما ترى
وتلهب، فاحترت في أمريها
ولعل أشواقي بلغن بي المدى
فوقعت لا أصحو على شفتيها
8 نوفمبر (تشرين الثاني) 1928
الحبيب الذاهل
على لسان (م ...)
قم حبيبي وأطفئ المصباحا
قد أباح الهوى لنا ما أباحا
حبذا الاعتناق إن كانت الظل
مة سترا من دونه ووشاحا
تحبس العين عن ملذة مرآ
ه، ولكن تسرح الأرواحا
قم حبيبي وأطفئ المصباحا •••
رقد الكون غير تلك العيون
في السماوات ساهرات الجفون
لا تخفها فلن تبوح بسر
وسواها يثير سوء الظنون
وأراها أحنى وأوفى من الأه
ل، وكم بين أهلنا من خؤون
لا تخفها وانظر لها باسمات
مبديات لنا وجوها وضاحا
قم حبيبي وأطفئ المصباحا •••
كم سهرنا من قبل ليلا طويلا
فشكا الصمت فيه منا العويلا
وبغى البين أشهرا لا يبالي
ما نقاسيه صبوة ونحولا
فالتقينا، إن اللقاء قصير
فانتهزه وخل عنك الذهولا
ولنودع تلك الهموم اللواتي
يتوثبن في الدجى أشباحا
قم حبيبي وأطفئ المصباحا •••
هل نسيت الأسفار والأخطارا
يا حبيبي، وكيف جئنا فرارا
غفلة الناس مرة نعمة الحب،
ويا ليتها تكون مرارا
ويلك اسمع قلب الزمان فقد
دق ثلاثا لا تسترد قصارا
ليروعنك الصباح إذا لاح قريبا،
فلا تقل كيف لاحا
قم حبيبي وأطفئ المصباحا
نظمت في 17 نوفمبر 1928
لذة العيش
لذة العيش بسفح الكرمل
ليلة الكرمل عودي كرما
ليلة الكرمل عودي واسألي
عن محب كاد يودي سقما •••
ليلة الكرمل عودي وانظري
أي قلب قطعته الزفرات
أي نفس زهقت بعد جوى؟
أي روح قد تلاشت حسرات؟
ليس لي غير البكا والسهر
وهما للدهر عندي حسنات •••
فيهما ذكرى اللقاء الأول
أرشف الأدمع منها واللمى
فصلي الليل بليل أطول
يا جفوني واذرفي الدمع دما •••
كنت أجني ثمرا حلو الجنى
رب طير ... فوقه لم يقع
حوم الدهر عليه وانثنى
يدعي من خيبة ما يدعي
هل درى، يا ويحه، أن المنى
في الهوى لا تجتنى بالخدع؟ •••
إنما يدرك أقصى الأمل
ثابت القلب على ما عزما
من يرم أمرا بقلب حول
ينقض الدهر له ما أبرما
2 كانون الثاني 1929
وحي رسالة
رسالة واها لها واها
شرقت بالدمع لفحواها
من غادة عذبني نأيها
ما ضر لو كنت وإياها
أضراسها تؤلمها ليتني
أشكو الذي سبب شكواها
تلك ثناياها التي نضدت
عقدين والمكسور إحداها
آثارها في شفتي لم تزل
يا ضل من يجهل معناها
رشفت منها سلسلا باردا
صادف نيراني فأطفاها
في ليلة لم أدر ساعاتها
أضعت طولاها وقصراها
حتى طغى الصبح بأنواره
على نجوم الليل يغشاها
ورجع الطير أغاريده
شجوا فأبكاني وأبكاها
فقلت يا طير كذا عاجلا
قمت على اللذات تنعاها
وقلت يا طير متى نلتقي؟
يا طير هل أحيا وألقاها؟
ثم تعانقنا فلله ما
تذرف عيناي وعيناها
قبلتها في فمها قبلة
ما كان أزكاها وأحلاها
وقبلتني مثلها قبلة
ما زلت أستنشق رياها
تلك هي الزاد غداة النوى
قد يهلك العاشق لولاها
حبيبتي عودي إلى ربوة
أضحى فؤادي رهن مغناها
يا منيتي عودي نعد ليلة
ما زال قلبي يتمناها
ذقت بها منك ألذ الهوى
فكيف أنساك وأنساها
21 كانون الثاني 1929
في دير قديس
لم ألق بين ليالي التي سلفت
كليلة بتها في دير قديس
ضممت حسناء لم يخلق لها مثل
بين الحسان ولا حور الفراديس
ما عرش بلقيس في إبان دولتها
ولا سليمان مزفوفا لبلقيس
يوما بأعظم منا في السرير وقد
دام العناق إلى قرع النواقيس
24 كانون الثاني 1929
إلى ذات المنديل
نزيهة ليس للمندي
ل فيما بيننا حاجه
وإن سرك أن يبقى
فأنوارك وهاجه
فيا من تأمر الحسن
فيلقي دونها تاجه
لقد قطعت بالدل
عرى قلبي وأوداجه
25 كانون الثاني 1929
إلى م ...
خلفت قلبي فوق سفح «الكرمل»
حيران يسأل عنك أهل المنزل
خلفته يهفو على غرف الهوى
في شكل طير بينهم متنقل
لم يعلموا ما سره، فإذا بكى
حسبوه يضحك للربيع المقبل
5 شباط 1929
الزهرتان والشاعر
يا زهرة الوادي أتيت بزهرة
لك من ربى لبنان فاح شذاها
والزهر أبهى منظرا مع أمه
فنقلتها معها فزاد بهاها
وحفظتها لك في الطريق من الأذى
ولأجل عينك أضلعي مثواها
وجمعت في آذار بينكما فما
أحلاك في قلبي وما أحلاها
إني جمعتكما ولكن لم يطل
أنسي بقربكما فواها واها
واها على ساعات لهو كنتما
يا زهرتي هناءها وصفاها
واها على روحي التي خلفتها
بين الربى والروح حيث هواها
واها عليها مهجة ضيعتها
فإذا سألتكما فهل ألقاها؟
2 نيسان 1929
وداعا
وداعا سأقتل هذا الهوى
وأدفنه في ضلوع السنين
أرد رسائلك الباكيات
فردي رسائل قلبي الحزين
ولكن تعالي ... ألم تغدري؟! •••
وداعا سأسحق تلك المنى
وأنسفها بددا في الفضا
سأهزأ بالعشق والعاشقين
وأذهب مستهترا بالقضا
ولكن تعالي ... ألم تغدري؟! •••
وداعا وهيهات أن نلتقي
فما أنا بعد المحب الحبيب
أطيعي ذويك بما يشتهون
فإن لهم فوق حق الغريب ...
ولكن تعالي ... ألم تغدري؟!
15 مارس 1929
اغفري لي
إلى م. ص.
اغفري لي إذا اتهمتك بالغدر
فقد كنت غائبا عن صوابي
اغفري لي، لعل ما كان مني
صرخة الهول عند مرأى عذابي
وصدى اليأس رجعته ضلوعي
أو بكائي على أماني الشباب
لم تكوني كما زعمت، ولكن
هالني ما قرأته في الكتاب
ولعمري رأيت منك وفاء
لم يكن فيه ذرة لارتيابي
اغفري لي ما قلته في جنوني
وتعالي أشرح إليك مصابي •••
رب صرح ممرد من أماني
أظل النجوم تحت جناحه
قد نمت حوله الأزاهير شتى
وسقاها الهوى علالة راحه
فنزلناه آمنين زمانا
نجتني من وروده وأقاحه
لم تحرك منه العواصف ركنا
ولكم خاب مثلها في كفاحه
ثم كانت يد، سأسكت عنها
هدمته إلى سواء التراب
أين تلك السماء؟ هل كان ذاك
الصرح فيها مشيدا من سحاب؟ •••
اغفري لي فإن أشقى المحبي
ن محب حياته ذكريات
أينما كنت هيج القلب ذكرى
صورتها آثارنا الباقيات
ما هنا؟ إنها رسوم دموع،
وهنا؟ آه إنها قبلات
وهنا؟ طائر يعيد حديثا
لم تغب عنه هذه الكلمات:
يا حياتي، لا تغضبي، وتعالي
عانقيني وأقصري من عتابي
حسب قلبي عذابه، فاغفري لي
يا حياتي فقد لقيت عقابي
2 حزيران 1929
إلى بائعي البلاد
باعوا البلاد إلى أعدائهم طمعا
بالمال لكنما أوطانهم باعوا
قد يعذرون لو أن الجوع أرغمهم
والله ما عطشوا يوما ولا جاعوا
وبلغة العار عند الجوع تلفظها
نفس لها عن قبول العار رداع
تلك البلاد إذا قلت: اسمها «وطن»
لا يفهمون، ودون الفهم أطماع •••
أعداؤنا، منذ أن كانوا، (صيارفة)
ونحن، منذ هبطنا الأرض، زراع
لم تعكسوا آية الخلاق، بل رجعت
إلى اليهود بكم قربى وأطباع
يا بائع الأرض لم تحفل بعاقبة
ولا تعلمت أن الخصم خداع
لقد جنيت على الأحفاد، وا لهفي
وهم عبيد، وخدام، وأتباع
وغرك الذهب اللماع تحرزه
إن السراب كما تدريه لماع
فكر بموتك في أرض نشأت بها
واترك لقبرك أرضا طولها باع
نشرت في 25 آب 1929
خطرة في الهوى
أعيدي إلى المضني وإن بعد المدى
بلهنية العيش الذي كان أرغدا
تبارك هذا الوجه ما أوضح السنا
وما أطيب المفتر والمتوردا
فقدتك فقدان الصبا، وهل امرؤ
تولى صباه اليوم يرجعه غدا؟
فقدتك لكني فقدت ثلاثة
سواك: فؤادي، والأماني، والهدى
وأبقيت لي غير القنوط ثلاثة:
هواك، وسقمي، والحنين المؤبدا •••
أيا (وادي الرمان)! لا طبت واديا
إذا هي لم تنعم بظلك سرمدا
ويا (وادي الرمان)! لا ساغ طعمه
إذا أنا لم أمدد لذاك الجنى يدا
ويا (وادي الرمان)! واها!! وعندهم
حرام على المحزون أن يتنهدا
كأني لم أنزل ديارك مرة
ولم ألق في أهليك حبا ولا ندى
ولم تسقني كأس المدام حبيبة
وردت ثناياها مع الكأس موردا
ولم توح لي شعرا، ولا قمت منشدا،
ولم يرو شعري عندليبك منشدا •••
أخي وحبيبي كنت أرجوك مسعدا
يسامحك الرحمن لم تك مسعدا
ألم ترني في مصر أطلب شافيا
وراعك إشفائي على هوة الردى؟
ألم ترني في مضجعي متقلبا
أقلب في الأفلاك طرفا مسهدا؟
ومن عجب أنا شبيهان في الهوى
بمن أنت تهوى، هل أطقت تجلدا؟
آب 1929 (ونشرت في 11 أيلول 1929)
رد على رئوبين شاعر اليهود
نشرت الجريدة اليهودية (دوار هايوم) قصيدة لشاعر اليهود «رئوبين»، نقلتها إلى العربية جريدة «فلسطين»، وعنوان القصيدة «أنشودة النصر»، أتى فيها الشاعر على الحوادث الأخيرة في فلسطين مشيدا بذكر اليهود وشجاعتهم ... في الطعن والضرب زاريا على العرب (أبناء هاجر وإسماعيل ...!) خوفهم ووحشيتهم وهزيمتهم! زاعما تارة أنهم عزل مظلومون، وأن العرب على تسليح الإنكليز لهم كانوا لصوصا وقطاع طرق وأهل خيانة وغدر يعتدون على الأطفال والشيوخ والنساء، وقد نظمت هذه القصيدة ردا على أنشودة النصر غير معترض كثيرا إلى الحوادث بقدر اعتراضي إلى تاريخ اليهود وتوراتهم، وما عرفوا به من قبل، وما هم عليه اليوم من الادعاء الباطل، والغدر، ونكران الجميل؛ مما يناقض كل ما ادعاه الشاعر رئوبين، وما وصف به قومه من المزايا والأخلاق.
هاجر أمنا ولود رؤوم
لا حسود ولا عجوز عقيم ...
هاجر أمنا ومنها أبو العر
ب، ومنها ذاك النبي الكريم
نسب لم يضع، ولا مزقته
بابل أيها اللقيط اللئيم
ودم في عروقنا لم يرقه
سوط فرعون والعذاب الأليم
يعلم الدهر أي أهرام مصر
ذلكم في صخوره مرقوم
فهرم خالد يغشيه ظل
من عبودية لكم لا تريم
أي رئوبين غط وجهك حتى
لا يرى الأنف أنه مهشوم •••
يا يهودي كيف علمك بالتو
راة، قل لي، أم فاتك التعليم؟
بين أسفارها خلائق عنكم
مبتداها ومنتهاها ذميم
يوسف باعه أبوكم يهوذا
إن حب الدينار فيكم قديم
وكفرتم بنعمة الله حتى
ضاق ذرعا بالكفر موسى الكليم
يشهد (التيه) أنكم، شعب إسرا
ئيل، شعب منذ الخروج أثيم
يشهد (العجل) أن ألواح موسى
يوم زغتم أصابها التحطيم
وبطون التاريخ فيها عجيب
وغريب بعاركم موسوم •••
أي رئوبين، أين ألواح موسى
والوصايا؟ فكلهن قويم
هن عشر نبذتموها جميعا
ورتعتم في الغي وهو وخيم
ونقضتم أحكامها فإذا الما
ل مقام الإله فيكم يقوم
والربا ربكم له صنم الحر
ص، مثال أنتم عليه جثوم
وإذا السبت فيه مكر وغدر
أين فيه التقديس والتعظيم؟
وعكستم آياتها فإذا القت
ل مباح والفسق فيكم عميم
فجهلتم آباءكم فغدوتم
واحترام الآباء فيكم عديم
وهضمتم حق الجوار وصحتم: «أيها الناس حقنا مهضوم» ...
كلكم شاهد على الحق زورا
هل أتاكم من شأنه تحريم!؟
حسبكم، لا يبارك الله فيكم،
أن شيطان بغيكم لرجيم
فلو أن النجوم أمست رجوما
ما عدتكم والله تلك الرجوم
أي رئوبين أي شعب تنادي؟
إن ربا أباده لحكيم •••
أي رئوبين هل قرأت شكسبي
ر؟ بلى، أنت شاعر مشؤوم
وشكسبير خالد القول فيكم
أمر (شيلوخ) في الورى معلوم
غير أن الذين منهم شكسبي
ر، تناسوا ما قال ذاك العظيم •••
يا يهودي، هل سمعت بشعب
ضل حتى في كل قطر يهيم؟
شعبكم كالذباب في كل أرض
منه شيء على القذور يحوم
وعجيب من العجائب أن يط
لب حكما ودهره محكوم
وغريب من الغرائب أن يج
مع شملا شتاته محتوم
غضب الله ما يزال عليكم
وعد بلفور دونه مهزوم
ناد أبطالك الذين تواروا
في الشبابيك إنهم لقروم
يرقبون الأطفال منا فإن لا
حوا، رموهم، فهالك وكليم
في يديهم سلاح قوم ... عليه (أسد) في حديده مختوم
نادهم يقذفوا القنابل واصرخ: «شعب صهيون أعزل مظلوم»
والعن الإنكليز واحمل ظباهم
إن نكران فضلهم لجسيم •••
لبن الأرض فاض سما زعافا
ودما، فانزلوا بها وأقيموا
واشربوه ملء البطون هنيئا ...
هكذا تشرب الذئاب الهيم
يا يهودي لا عليك سلام
وإذا شئت لا عليك شلوم
14 أيلول 1929
رمان كفر كنا
جزت بالحي في العشي فهبت
نفحة أنعشت فؤادي المعنى
قلت: منها، ودرت أنظر حولي
نظرات الملهوف يسرى ويمنى
وإذا طيب جني من الرم
ان مثل النهود لو هي تجنى
وافقت نظرتي نداء غلام: (ناصري يا رمان!) من (كفر كنا)
قلت أسرع به فدى لك مالي
وترنم بذكره وتغن
يا رسول الحبيب من حيث لم تد
ر، لقد جئتني بما أتمنى
18 أيلول 1929 (ونشرت في الجامعة الإسلامية في 5 / 4 / 1933)
البلد الكئيب
بمناسبة إضراب فلسطين يوم وعد بلفور
يا أيها البلد الكئيب
حياك منهمر سكوب
لا تبتئس بالظلم «إن
غدا لناظره قريب»
وغد عصيب لا يسر
الظالمين، غد عصيب
أشرق بوجهك ضاحكا
ولشمس شانئك الغروب
ما بعد غمك غير يو
م، تطمئن به القلوب •••
لهفي على البلد الكئي
ب، تعطلت أسواقه
عار كما اعرورى الخري
ف، تساقطت أوراقه
خفقت جوانحه أسى
وتقرحت آماقه
صبرا فإن الصبر قد
يحلو بفيك مذاقه
هذا عدوك، لا يرع
ك، وهذه أخلاقه •••
بلفور كأسك من دم الش
هداء، لا ماء العنب
لا يخدعنك أنها
راقت وكللها الحبب
فحبابها الأرواح قد
وثبت إليك كما وثب
فانظر لوجهك إنه
في الكأس لوحه الغضب
وانظر، عميت، فإنه
من صرخة الحق التهب •••
بلفور يومك في السما
ء، عليك صاعقة السماء
ما أنت إلا الذئب قد
صورت من طين الشقاء
والذئب وحش لم يزل
يضرى برائحة الدماء
اخسأ بوعدك، إن وع
دك، دونه رب القضاء
وإلى جهنم أنتما
حطب لها طول البقاء •••
اخسأ بوعدك لن يضي
ر الوعد شعبا هب ناهض
لا تنقض الوعد الذي
أبرمته فله نواقض
ويل لوعد الشيخ من
عزمات آساد روابض
أتضيع يا وطني وها
عرق العروبة في نابض؟
فلأذهبن فداء قومي
في غمار الموت خائض •••
بشراك يا وطني فقد
نفض الرقاد عن البلاد
نهضت بواسل فيك تق
ذف بالنفوس إلى الجهاد
شقوا الطريق إلى العلا
وخطوا على نهج السداد
ولسوف تنطق في سبي
ل الحق ألسنة الجماد
والويل يا وطني لمن
أضحى يصر على العناد •••
بشراك يا وطني فقد
نهضت بك الغيد الأوانس
حيت جموع الغانيا
ت عيون نرجسك النواعس
أقبلن من باب الخلي
ل، يمسن في سود الملابس
وصرخن في وجه العمي
د، وحقهن لهن حارس
وطني، ظفرت إذا النسا
ء، هتفن باسمك في المجالس •••
وطني، علينا العهد جم
عا أن نسير إلى الأمام
ونعيش إخوانا على
محض المودة والوئام
ونرد عنك النازلا
ت، مسابقين إلى الحمام
ونكون، في إعلاء شأ
نك، عاملين على الدوام
حتى ترى متفيئا
ظل الكرامة والسلام
2 تشرين الثاني 1929
عنت الدهر
يوم كنا نقول: «عاكسنا الده
ر»، وجدنا من صحبنا من يلوم
فيقولون: «اتق الله واقنع
كم تظلمت طامعا يا ظلوم
هذه (نزهة) وأنت تراها
كل يوم، فما عساك تروم؟»
ويحهم لو يرون ما صنع الده
ر لقالوا: معذب مشئوم
كنت أرجو لو أن نزهة أضحت
في مكان قد كنت فيه أقيم
لم يكن ما رجوت حتى ترحل
ت، فمن ظالم ومن مظلوم؟
28 نوفمبر 1929
أين الرسالات؟
إلى ل ...
أين الرسالات والشو
ق؟ فالجواب تأخر
كم قلت: «شوقي كثير»
أظن شوقي أكثر
أسائل البدر حيرا
ن عنك إن هو أسفر
ذكرت وجهك فيه
والشيء بالشيء يذكر
كوني بودك كالبد
ر، فهو يخفى ويظهر
28 نوفمبر 1929
خل الشقي بحاله
إلى م ...
إلى الحبيب الذي فا
ز غيرنا بوصاله
ولم نفز منه إلا
بصده ودلاله
ومن تعلم منه الص
دود طيف خياله
هلا تجرب شيئا
من الهوى واحتماله
عساك تعرف ما قد
عرفت من أهواله
عساك تسهد، أفدي
ك، ليلة من طواله
لكن أراك سعيدا
خل الشقي بحاله
28 نوفمبر 1929
رثاء نافع العبوشي
لهفي على (نافع) لو كان ينفعه
لهفي ... وهيهات ما في الموت نفاع
قد شيعوه إلى قبر يحف به
من المهابة أتباع وأشياع
حوته أوطانه في جوفها فغدا
كأنما هو قلب وهي أضلاع
يا موطنا، في ثراه غاب سادته
لو كان يخجل من باعوك ما باعوا
نوفمبر 1929
فرحتي ...!
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
جنة الحسن لديها
طيبها وقف عليها
وردها في وجنتيها
ثمل من مقلتيها
هي ريحانة قلبي
ليتها كانت بقربي
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
ونعيمي في شقائي •••
كان لي في الحب عهد
رب ماض لا يرد
فالتقى خد وخد
والتقى دمع وشهد
جف، يا أيام، دمعي
ضاق بالآلام ذرعي
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
ونعيمي في شقائي •••
بلبل فوق الغصون
ساحر جم الفنون
يا أخا الصوت الحنون
لست تدري ما شجوني
تتسلى، تتفلى
وتراني، أتقلى
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
ونعيمي في شقائي •••
سمع البلبل شجوي
باكيا أيام لهوي
فهفا البلبل نحوي
هاتفا: أصغ لشدوي
قلت يا بلبل دعني
عد إلى الدوح وغن
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
ونعيمي في شقائي •••
نح معي فالنوح أولى
بعد من أهوى وأحلى
طرب القلب وملا
أيها البلبل هلا
بجناحيك انقلبتا
وبمن أهوى رجعتا
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
ونعيمي في شقائي •••
الهوى أبلى شبابي
جاءني من كل باب
من صدود لعتاب
من عذاب لعذاب
كل هذا لا يطاق
ثم لا يحلو الفراق
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
ونعيمي في شقائي •••
عيشنا ركض بركض
بعضنا في إثر بعض
والصبا يوم ويمضي
ليته يمضي ويرضي
يا فؤادي ما بكائي؟
أترى يجدي ندائي؟
فرحتي يوم أراها
جنتي نار هواها
ونعيمي في شقائي
شباط 1930
ذكرى
جئت تتلو علي صفحة ماض
متنها الحب والأسى بين صحفي
صاح دعها وخذ سواها فإني
قد تبينتها لأول حرف
صاح دعها فقد دفنت أماني
ولهوي يا حسرتاه وقصفي
وخلت أضلعي فأمسى خليا
غزلي في هوى الحسان ووصفي
وليال ظفرت فيها من الده
ر - على بخله - بنعمة عطف
ساهر في ظلامها أقبس النو
ر لقلبي بلثم خد وكف
وفم كلما شكا ألم الوج
د، تعلقته بقطف ورشف
وجفون ما بين قتل بعنف
أنا منها وبين قتل بلطف
صاح يكفي! فقد تولت ليال
شيعتها المنى، بربك يكفي
20 آذار 1930
التفاتة
تلفت قلبي إلى الكرمل
وحن إلى عهده الأول
ومرت به ذكريات الهوى
رواجع من ذلك المنزل
تلفت كما شئت واخفق له
سحائب همك لا تنجلي
24 آذار 1930
موسم النبي موسى
أيها الموسم، هل أنت سوى
صورة المجد الذي كان لنا
قد مشى الدهر عليه وطوى
صحفا كن سناء وسنا •••
أيها الموسم هل بين الجموع
غير ترداد صدى النصر المبين
أصلاح الدين حي في الربوع
أم سيوف الفتح فيها ينجلين
أين قوم جهلوا معنى الخنوع؟
ذهب الآباء، تعسا للبنين
حلق المجد بهم ثم هوى
وانثنى ينشدهم لما انثنى
أيها الموسم، هل أنت سوى
صورة المجد الذي كان لنا •••
يا شواظ الحرب ترمي بشرر
يترك الآفاق في لون الدم
يا لظى حطين نشوى بالظفر
يا صلاح الدين اخلد وانعم
لك في التاريخ أيام غرر
كتبت بالسيف لا بالقلم
فرواها الدهر فيما قد روى
فاسمعوها، واجعلوها سننا
أيها الموسم، هل أنت سوى
صورة المجد الذي كان لنا
15 نيسان 1930
يوم الثلاثاء
حسبت أن الشبابا
ولى حميدا وغابا
وما ظننت فؤادي
إلا اهتدى وأنابا
هيهات لم يرض قلبي
من الهوى ما أصابا
يا نظرة لم أردها
ساقت إلي عذابا
لم أدر أن الزوايا
يا قلب فيها خبايا
رددت ماضي عهودي
علي، فاحمل هوايا •••
حسبت أن دموعي
جفت وأقوت ربوعي
وخلت نار فؤادي
خبت وراء ضلوعي
فأين وجدي وسهدي
وصبوتي وولوعي؟!
وكان يوم الثلاثا
شهدت فيه العجابا
اليوم يوم الصبايا
ففي الزوايا خبايا •••
لاحت وجوه ملاح
خلف الحجاب صباح
لكن بخلن ولما
بخلن هبت رياح
هذا نقاب، وهذا
شعر، وهذا وشاح ...
فانصب نور وطيب
على القلوب انصبابا
كم للجمال مزايا
وكم له من سجايا
لولاك يا ريح كانت
بين الزوايا خبايا ...
22 نيسان 1930
حلفت ألا تكلميني
حلفت ألا تكلميني
وسوء حظي قبل اليمين
إن ترحميني تعذبيني
أو تظلميني لا تنصفيني •••
يا من هواها أجرى دموعي
وأشعل النار في ضلوعي
لما تيقنت من خضوعي
حلفت ألا تكلميني •••
عرفت وجدي وطول سهدي
وكيف أرعى في الحب عهدي
الله حسبي، أبعد ودي
حلفت ألا تكلميني •••
حملت في القلب منك غما
أذاب جسمي لحما وعظما
وكنت أقسى علي لما
حلفت ألا تكلميني •••
هذا فؤادي لديك رهن
ذهلت عنه فيما أظن
غدا أنادي إذا أحن: «حلفت ألا تكلميني»
25 نيسان 1930
الفدائي
عينت الحكومة المنتدبة يهوديا بريطاني الجنسية لوظيفة النائب العام في فلسطين، فأمعن في النكاية والكيد للعرب بالقوانين التعسفية الجائرة التي كان (يطبخها)، ولما ثقلت على العرب وطأته، كمن له أحد الشبان المتحمسين في مدخل دار الحكومة في القدس، وأطلق النار عليه فجرحه.
لا تسل عن سلامته
روحه فوق راحته
بدلته همومه
كفنا من وسادته
يرقب الساعة التي
بعدها هول ساعته
شاغل فكر من يرا
ه، بإطراق هامته
بين جنبيه خافق
يتلظى بغايته
من رأى فحمة الدجى
أضرمت من شرارته
حملته جهنم
طرفا من رسالته
هو بالباب واقف
والردى منه خائف
فاهدئي يا عواصف
خجلا من جراءته •••
صامت لو تكلما
لفظ النار والدما
قل لمن عاب صمته
خلق الحزم أبكما
وأخو الحزم لم تزل
يده تسبق الفما
لا تلوموه، قد رأى
منهج الحق مظلما
وبلادا أحبها
ركنها قد تهدما
وخصوما ببغيهم
ضجت الأرض والسما
مر حين، فكاد يق
تله اليأس، إنما ...
هو بالباب واقف
والردى منه خائف
فاهدئي يا عواصف
خجلا من جراءته
9 حزيران 1930
مناجات وردة
جنى عليك الحسن يا وردتي
وطيب رياك فذقت العذاب
لولاهما لم تقطفي غضة
بل لانطوى في الروض عنك الشباب
لولاهما مر بك العاشقون
لا ينظرون
وربما أعرض عنك الندى
وجازك الطير فما غردا
عرفت بالفضل، وكم فاضل
جنى عليه الفضل يا وردتي
روضتك الغناء يا وردتي
قد أنبتت من كل زوج بهيج
تنفس الصبح بأزهارها
عن ضاحك اللون زكي الأريج
نسرينها، ورندها، والأقاح
كل مباح
تنقل عنها نسمات الصبا
تحية لكل قلب صبا
وطوف الناس بأرجائها
فوقفوا عندك يا وردتي!
لله ما أصدقها حكمة
فاه بها (المجهول في عهده) «تشتاق أيار نفوس الورى
وإنما الشوق إلى ورده»
تعزية أودع فيها الضرير
حكم البصير
ألم يكن في قومه كوكبا
لاح ليمحو نوره الغيهبا
فما لهم آلمهم فضله
حتى لقد آذوه يا وردتي
تحكم الناس بمستضعف
سر من الأسرار لا يدرك
يا وردتي ورب سهل بدا
طريقه يهلك من يسلك
هل حسبوا غصنك لما دنا
سهل الجنى؟
كلا، بل النفس التي تضعف
تصطنع البأس فلا تعرف
والسر في بطش الورى خوفهم
من هذه الأشواك يا وردتي
نشرت في حزيران 1930
الثلاثاء الحمراء
(1) مقدمة
لما تعرض نجمك المنحوس
وترنحت بعرى الحبال رؤوس
ناح الأذان وأعول الناقوس
فالليل أكدر، والنهار عبوس
طفقت تثور عواصف
وعواطف
والموت حينا طائف
أو خاطف
والمعول الأبدي يمعن في الثرى
ليردهم في قلبها المتحجر •••
يوم أطل على العصور الخاليه
ودعا: «أمر على الورى أمثاليه؟»
فأجابه يوم: «أجل أنا راويه
لمحاكم التفتيش، تلك الباغيه
ولقد شهدت عجائبا
وغرائبا
لكن فيك مصائبا
ونوائبا
لم ألق أشباها لها في جورها
فاسأل سواي، وكم بها من منكر» •••
وإذا بيوم راسف بقيوده
فأجاب، والتاريخ بعض شهوده: «انظر إلى بيض الرقيق وسوده
من شاء كانوا ملكه بنقوده
بشر يباع ويشترى
فتحررا
ومشى الزمان القهقرى
فيما أرى ...
فسمعت من منع الرقيق وبيعه
نادى على الأحرار: يا من يشتري!» •••
وإذا بيوم حالك الجلباب
مترنح من نشوة الأوصاب
فأجاب: «كلا، دون ما بك ما بي
أنا في ربى (عاليه) ضاع شبابي
وشهدت للسفاح ما
أبكى دما
ويل له ما أظلما
لكنما ...
لم ألق مثلك طالعا في روعة
فاذهب لعلك أنت يوم المحشر» ••• (اليوم) تنكره الليالي الغابره
وتظل ترمقه بعين حائره
عجبا لأحكام القضاء الجائره
فأخفها أمثال ظلم سائره
وطن يسير إلى الفناء
بلا رجاء
والداء ليس له دواء
إلا الإباء
إن الإباء مناعة، إن تشتمل
نفس عليه تمت ولما تقهر •••
الكل يرجو أن يبكر عفوه
ندعو له ألا يكدر صفوه!
إن كان هذا عطفه وحنوه
عاشت جلالته وعاش سموه!
حمل البريد مفصلا
ما أجملا
هلا اكتفيت توسلا
وتسولا
والموت في أخذ الكلام ورده
فخذ الحياة عن الطريق الأقصر •••
ضاق البريد وما تغير حال
والذل بين سطورنا أشكال
خسراننا الأرواح والأموال
وكرامة - يا حسرتا - أسمال
أو تبصرون وتسألون
ماذا يكون؟!
إن الخداع له فنون
مثل الجنون
هيهات، فالنفس الذليلة لو غدت
مخلوقة من أعين لم تبصر! •••
أنى لشاك صوته أن يسمعا؟
أنى لباك دمعه أن ينفعا؟
صخر أحس رجاءنا فتصدعا
وأتى الرجاء قلوبهم فتقطعا
لا تعجبوا، فمن الصخور
نبع يفور
ولهم قلوب كالقبور
بلا شعور
لا تلتمس يوما رجاء عند من
جربته فوجدته لم يشعر (2) الساعات الثلاث
الساعة الأولى
أنا ساعة النفس الأبيه
الفضل لي بالأسبقيه
أنا بكر ساعات ثلا
ث، كلها رمز الحميه
بنت القضية إن لي
أثرا جليلا في القضيه
أثر السيوف المشرفي
ة، والرماح الزاغبيه
أودعت، في مهج الشبي
بة، نفحة الروح الوفيه
لا بد من يوم لهم
يسقي العدى كأس المنيه
قسما بروح (فؤاد) تص
عد من جوانحه زكيه
تأتي السماء حفية
فتحل جنتها العليه
ما نال مرتبة الخلو
د بغير تضحية رضيه
عاشت نفوس في سبي
ل بلادها ذهبت ضحيه
الساعة الثانية
أنا ساعة الرجل العتيد
أنا ساعة البأس الشديد
أنا ساعة الموت المشرف
كل ذي فعل مجيد
بطلي يحطم قيده
رمزا لتحطيم القيود
زاحمت من قبلي لأس
بقها إلى شرف الخلود
وقدحت، في مهج الشبا
ب، شرارة العزم الوطيد
هيهات يخدع بالوعو
د، وأن يخدر بالعهود
قسما بروح (محمد):
تلقى الردى حلو الورود
قسما بأمك عند مو
تك، وهي تهتف بالنشيد
وترى العزاء عن ابنها
في صيته الحسن البعيد
ما نال من خدم البلا
د أجل من أجر الشهيد
الساعة الثالثة
أنا ساعة الرجل الصبور
أنا ساعة القلب الكبير
رمز الثبات إلى النها
ية، في الخطير من الأمور
بطلي أشد على لقا
ء الموت من صم الصخور
جذلان يرتقب الردى
فاعجب لموت في سرور
يلقى الإله (مخضب ال
كفين) في يوم النشور
صبر الشباب على المصا
ب، وديعتي ملء الصدور
أنذرت أعداء البلا
د بشر يوم مستطير
قسما بروحك يا (عطا
ء)، وجنة الملك القدير
وصغارك الأشبال تب
كي الليث بالدمع الغزير
ما أنقذ الوطن المفدى
غير صبار جسور (3) الخاتمة
الأبطال الثلاثة
أجسادهم في تربة الأوطان
أرواحهم في جنة الرضوان
وهناك لا شكوى من الطغيان
وهناك فيض العفو والغفران
لا ترج عفوا من سواه
هو الإله
وهو الذي ملكت يداه
كل جاه
جبروته فوق الذين يغرهم
جبروتهم في برهم والأبحر
27 حزيران 1930
ليلى كوراني
بين ليلى وسعاد ومنى
حار إلياس كما حرت أنا
غير أني لا أرى من عجب
أن يكون الاسم قد حيرنا
تكثر الأسماء في شيء إذا
كثر المعنى به أو حسنا
طفلة عن والديها نسخة
كرمت أصلا وطابت معدنا
قل لوجه البدر إن قابلتها
جاءك الحسن انعكاسا من هنا
لكن البشرى بليلى أنها
أول الأزهار في روض الهنا
أطعم العزاب ربي مثلها
رب ما ضرك لو أطعمتنا؟
رب أطعمني غلاما شاعرا
لدواعي الحسن مثلي مذعنا
وليكن مجنون ليلى، وليكن
طيب القلب ظريفا لسنا
وليكن مثل أبيه: إننا
لم نوفر غادة في شعبنا
بيروت، 15 / 11 / 1930
هواك جبار
هواك جبار
على القلب جار
أمان!! أمان!!
من زفرة الليل
وغم النهار
أمان!
يا أملي يا نور مستقبلي
أوقعني صمتك في مشكل
ما خبأ الدهر بعينيك لي؟
هل ابتسام فيهما أم دموع؟
تذيب قلبي كمدا في الضلوع
يا ليت مكنونهما ينجلي •••
سعاد لا يهدأ هذا الفؤاد
ولن يذوق الجفن حلو الرقاد
ما لم تصافيني الهوى يا سعاد
لو كان حظي منك أن تعلمي
ما تصنع الأشواق بالمغرم
لرق لي قلبك والدمع جاد •••
أبصرت في جنح الدجى طائفا
كلمحة البرق سرى خاطفا
ثم دنا يصعقني هاتفا: «سعاد، لم تخطر على بالها
ولم تكن موضع آمالها ...»
ثم تولى يسبق العاصفا •••
أصبحت لا يشفي غليلي ابتسام
ولا انحناء الرأس عند السلام
أولى بنا لو نتشاكى الغرام
يا حبذا لقيا على موعد
وحبذا أخذ يد في يد
حتى يقول الناس هامت وهام! •••
ماذا أصاب الروض حتى ذوى
وا لهفا، والغصن حتى التوى؟
وأي برد للربيع انطوى؟
الروض يملي يا سعاد العبر
في زهر مثل الأماني انتثر
يا روضة الحسن حذار الهوى •••
هواك جبار
على القلب جار
أمان! أمان!
من زفرة الليل
وغم النهار
أمان!
22 كانون الأول 1930
الحبشي الذبيح
... هذه الديكة الحبشية أو الديكة الهندية - إذا شئت - التي يذبحونها على رنين الأجراس وأفراح المعيدين؛ لتكون (عروس المائدة)، تعمل فيها المدى تقطيعا وتشذيبا؛ لتمتلئ بها البطون مروية بكؤوس الخمر من بيضاء وحمراء ...
كذلك هي الأمم المغلوبة على أمرها كانت، وما برحت «عروس الموائد» شأن «الحبشي الذبيح» أما ريشه فتحشى به الوسائد، وأما لحمه فتحشى به البطون.
جريدة البرق 1931
برقت له مسنونة تتلهب
أمضى من القدر المتاح وأغلب
حزت فلا خد الحديد مخضب
بدم ولا نحر الذبيح مخضب
وجرى يصيح مصفقا حينا فلا
بصر يزوغ ولا خطى تتنكب
حتى غلت بي ريبة فسألتهم:
خان السلاح أم المنية تكذب؟
قالوا حلاوة روحه رقصت به
فأجبتهم ما كل رقص يطرب
هيهات، دونكه قضى، فإذا به
صعق يشرق تارة ويغرب
وإذا به يزور مختلف الخطى
وزكية موتورة تتصبب
يعدو فيجذبه العياء فيرتمي
ويكاد يظفر بالحياة فتهرب
متدفق بدمائه متقلب
متعلق بذمائه متوثب
إن الحلاوة في فم متلمظ
شرها ليشرب ما الضحية تسكب
هي فرحة العيد التي قامت على
ألم الحياة، وكل عيد طيب
بيروت، تم نظمها يوم الجمعة 26 كانون الأول 1930
صاحب غمدان
رثاء العلامة المرحوم جبر ضومط (أستاذ الآداب العربية في جامعة بيروت الأمريكية) (أغمدان) ما يبكيك يا كعبة الهدى؟
وفيم الأسى يا هيكل الفضل والندى؟
عذرتك لو أصبحت وحدك مبتلى
أغمدان صبرا لست بالخطب أوحدا
لئن مات يا غمدان (جبر) فشدما
أعد رجالا للحياة وجندا
أتبكي على (جبر) وحولك جنده؟
عزاؤك فيمن راح حولك واغتدى
لبانيك روح ما يزال يمدهم
وظلك ممدود على الدهر سرمدا
ويا من رأى أركانك الشم في الربى
تبوأن من جنات لبنان مقعدا
حنوت على أم اللغات فصنتها
وكنت لها الصرح المنيع الممردا
وكان لها (جبر) أمينا وحاميا
إذا ما بغى الباغي عليها أو اعتدى
وللعلم في لبنان شيدت معاهد
فلم تبق أيدي الجهل منهن معهدا
وأقبح مما قد جنوه اعتذارهم
فقالوا: يضيع المال في رفعها سدى
وقد زعموها تنفد المال كثرة
فهل تركوا مالا هناك فينفدا؟!
مصابيح إن هم أطفأوها فإنها
حباحب شؤم كم أضلت من اهتدى
وما لهفي إلا على ساعة بها
صدقنا العدا، لا بارك الله في العدا
فكم من يد بيضاء للعرب عندهم «ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا»
لئن خلفوا لبنان يخبط في الدجى
فغمدان يا لبنان ما انفك فرقدا •••
طريق الردى مهما يطل يلقه الردى
قصيرا، وإن يوعر يجده ممهدا
وموت الفتى تحني الثمانون ظهره
كموت الفتى في ميعة العمر أمردا
حياتك يا إنسان شتى ضروبها
تحيط بها شتى ضروب من الردى
وما قهر الموت القوي سوى امرئ
يخلف بين الناس ذكرا مخلدا
يخلف طيب الذكر، لا كالذي قضى
وخلف وعدا في فلسطين أنكدا
فأبكى به قوما، وأضحك أمة
أبى الله إلا أن تهيم تشردا
ولكن خير الناس من كف شره
عن الناس أو أغنى الحياة وأسعدا (كجبر) و(عبد الله) طاب ثراهما
ولا زال فواح الشذى ريق الندى
على خير ما نرجوه كان كلاهما
جهادا وإسعادا وغيبا ومشهدا
وهاما هياما في هوى «مضرية»
كما انقطعا دهرا لها وتجردا
فكم نشرا من ذلك الحسن ما انطوى
وكم آية في ذلك السحر جددا
بلاغتها افتنت «بجبر» وآثرت
فصاحتها «البستان» ظلا وموردا
إذا لغة عزت - ولو ضيم أهلها -
فقد أوشك استقلالها أن يوطدا ••• (لجبر) يد عندي تألق كالضحى
وقل لها شكرا رثائيك منشدا
غشيتك في دار ببيروت للندى
وللأدب العالي فناء ومنتدى
وحف ذويك البشر من كل جانب
وبين أسارير الوجوه ترددا
وآنست بي من فيض نورك لمحة
فأعليت من شأني معينا ومرشدا
لقد كنت بي برا فيا بر والد
توسم خيرا في ابنه فتعهدا
ويا حسرتا أضحي بنعماك نائحا
وكنت بها من قبل حين مغردا
عجبت لها من همة كان منتهى
حياتك فيها حافلا مثل مبتدا
فيا لغتي تيهي (بجبر) على اللغى
ويا وطني ردد بآثاره الصدى
القدس، 1930
تحية مصر
قيلت القصيدة في الحفلة التي أقامتها الجمعية المصرية (في الجامعة الأميركية) لفرقة لاعبي كرة القدم من الجامعة المصرية، وقد أقيمت هذه الحفلة في (فسيريو) وتكلم فيها كل من رئيس الجامعة، ورئيس القسم الطبي، والأستاذ الخولي، وقنصل مصر ... وغيرهم، وفي القصيدة إشارة إلى ترفع المصريين عن بقية الأقطار الشرقية على شدة تعلق هذه الأقطار بمصر، وقد وضعت الواقع في شكل عتاب لين الملمس في أنيابه العطب:
3394 البرق
تحية لك يا مصر الفراعين
ذوي المآثر من حي ومدفون
ولم تزل دوحة الآداب وارفة
على جوارك خضراء الأفانين
إليك يا مصر إيمائي وملتهفي
ونور نهضتك الغراء يهديني
ولي أواصر قربى فيك ما برحت
لما مضى ذات توثيق وتمكين
شقوا القناة عساها عنك تبعدني
أنى، ومن لغتي جسر سيدنيني
أحب مصر ولكن مصر راغبة
عني فتعرض من حين إلى حين
وإن بكت، لا بكت هما، فقد علمت
وأيقنت أن ذاك الهم يبكيني
وما عتبت على هجر تدل به
إن الدلال يمنيني ويغريني
لكن جزعت على ود أخاف إذا
فقدته لم أجد خلا يواسيني
في أصدقائي أعزي إن هم هلكوا
وفي الصداقات ما لي من يعزيني
قالوا شفاؤك في مصر وقد يئسوا
مني وأعيا سقامي من يداويني
خلفتها بلدة «يعقوب» خلفها
شوقا ليوسف قبلي فهو يحكيني
تقلني من بنات النار زافرة
تكتنني وهجير البيد يصليني
تمضي على سنن الفولاذ جامحة
وجذوة الشوق تزجيها وتزجيني
حتى سمت لي جنات النخيل على
ضفاف مطرد النعماء ميمون
هبطت مصر وظني أنها رقدت
في ظل أجنحة من ليلها جون
كأنها وكأن الليل منصدعا
بنورها سر صدر غير مكنون
والأزبكية في الأمساء راقصة
لها غلائل من شتى الرياحين
والنور ذو لحظات في خمائلها
كأنها لحظات النهد العين
ما لي وللسقم أخشاه وأسأل عن
طبيبه (وعماد الدين) يشفيني
لو أنشب الموت بي أظفاره لكفى
بأم كلثوم أن تشدو فتحييني
هذا، ومصر بساتين منمقة (شبابها) بعض أزهار البساتين
خاضوا ميادين من جد ومن لعب
فأحرزوا السبق في كل الميادين
6 شباط 1931
إلى ذات العصابة الزرقاء
روحي فداء عصابة زرقاء
لمت شعور مليحة حسناء
ما زينتك وإنما زينتها
بجوارها لجبينك الوضاء
ودنوها من مقلة مكحولة
فتانة، فتاكة، حوراء
إن الجمال إذا تجمع شمله
فالويل كل الويل للشعراء
15 شباط 1931
طيف الأمل
لله ما أعجبه
هوى بقلبي نزلا
هوى على علاته
أبني عليه أملا
هوى لمن لم أرها
يذهب عني مثلا
قيل: سمت خلقا على
أترابها قلت: بلى
قيل: انتهى الحسن لها
قلت: لها ... واكتملا
قيل: اسمها محاسن
جل من اسم وعلا
لا طاب لي عيش إذا
رضيت منها بدلا
20 شباط 1931
بهاء
بها! لم تقع العين
على أبهى ولا ألطف
ولا أدنى إلى القلب
ولا أشهى ولا أظرف
شغفت بها ومن يبل
غرائب دلها يشغف
وهام بها أخي (...)
حتى باع ما ألف
وقد صنف في الحب
عن العلم الذي صنف
وقال: الشمس والبدر
ولا والله ما أنصف
دع الشمس التي تكس
ف، والبدر الذي يخسف
بها فتنة، رام الل
ه من شتى ومن صيف
شفت نظرتها المدن
ف، لما أوشك المدنف
وكم خال من الأسقا
م، ردوه وقد أشرف •••
بها تطلع والشمس
فبادرت إلى المشرف
غدت معطفها ازدان
بغصن البانة الأهيف
صباح النور والنوا
ر والورد وما فوف
ترد تحية الكف
بغمزة جفنها الأوطف •••
لئن أشغلها عني
طيور حولها تعلف
وما تطعمها الحب
بل الكرم الذي يقطف
فبين جوانحي طير
على أيكتها رفرف
24 تشرين الأول 1931
الغرام الأول
عهد غرامي الأول
هيهات ما ترجع لي
أنت ومهجتي معا
أنت وحلو الأمل
وليلة زاهرة
سامرة بالقبل
وهجعة، أحلامها
صحت فلم تؤول
على ذراع خضل
عند فؤاد ثمل
أنت وما أودعته
في يد ماض مسبل
أنت وما أضعته
بين شعاب الكرمل
هيهات ما ترجع لي
تشرين الأول (أكتوبر) 1931
اشربي
اشربي أنت وحسبي
نشوة من مقلتيك
اشربي أنت وحسبي
نظرة في وجنتيك
اشربي أنت وحسبي
نهلة من شفتيك
اشربي أنت ومالي
وحياتي في يديك •••
نقل الكأس حديثا
عن ثناياك العذاب
أنه لولا شذاها
لم يكن لذ وطاب
لم يكن يسكر لولا
أنه مس الرضاب
اشربي أنت، وحدث
أنت عنها يا شراب •••
أنشديني، أطربيني
بهوى الأندلس
أرسلي اللحن شجيا
كالصبا في الغلس
هو يا روحي لروحي
كالندى للنرجس
إن أنفاسك فيه
لحياة الأنفس
8 شباط 1932
أعجب الهوى
تعلقها قلبي ولم أدر ما اسمها
وفي عينها ما بي، وما سمعت باسمي
وما كان إلا في الطريق لقاؤنا
ولحظ - كباقي الناس - يرمي ولا يصمي
أما عجب - والأرض ملأى بمثلها -
هيامي بها دون الحسان على رغمي؟
وما بالها لم تحمل الوجد والهوى
لغيري؟ له روحي ولم يعده جسمي
أراها فلم أملك تهالك واهن
بجنبي مسلوب الجراءة والعزم
فيخطف لوني فرط ما أنا واجد
بها، وبما يلقي هواها على وهمي
يخيل لي أني دنوت فأعرضت
فأصرف وجهي مثقل الصدر بالغم
ظننت بها سوءا، ولم تجن بعد ما
يظن به، ما أشبه الظن بالإثم
ويعرب عن سر الضلوع شحوبها
إذا ما تلاقينا، فبئس إذن زعمي
وأقسم لو حدثتها وتكشفت سرائرنا
ما شذ عن همها همي
هوى ألفت شتى القلوب يمينه
وكم قطعت يسراه من صلة الرحم
إذا كان في دنيا الهوى مثلما أرى
فأي عجيب في هوى العمي والصم
نشرت في 10 نيسان 1932
غادة إشبيلية
أفدي بروحي غيد إشبيليه
وإن أذقن القلب صاب العذاب •••
علقت منهن بترب النهار
وجها، وصنو الليل فرعا وعين
في مثلها يخلع مثلي العذار
ولا يبالي كيف أمسى، وأين
أشرب من فيها وكأس العقار
معا، فكيف الصحو من سكرتين؟
لهفي عليها يوم شط المزار
وساقها البين إلى (النيربين)
ودعتها، ومهجتي مشفيه
لم يشفني رشف الثنايا العذاب
وودعت بالنظرة المغريه
تصحب لبي معها في الركاب •••
يا أعصر الأندلس الخاليات
قد فاز من عاش بتلك الربوع
أهكذا كانت هناك الحياة
مترفة الأيام ملء الضلوع؟
أهكذا الفتنة في الغانيات
ونشوة الوصل، وحر الولوع ...
لئن مضى عهد ذوينا وفات
ولم يعد من أمل في الرجوع
فذمتي بعهدهم موفيه
أرد ماضيهم ببذل الشباب
أنا (ابن زيدون) وتصبو ليه (ولادة) في دمها والإهاب ... •••
أول عهدي بفنون الهوى ...
بيروت، أنعم بالهوى الأول ...
وقيل هل يرشد قلب غوى
والرشد غي في الصبا المقبل
مددت - لما قلت قلبي ارتوى -
يدي، فردته عن المنهل
بيروت، لو شئت دفعت النوى
طوعا، ولم أهجرك، فالويل لي
في ذمة الله منى موديه
باسقة خضراء، لدن رطاب
لعل في أختك يا سوريه
حسن عزاء عن جليل المصاب •••
يلذ لي يا عين أن تسهدي
وتشتري الصفو بطيب الكرى
لي رقدة طويلة في غد
لله ما أعمقها في الثرى
ألم تري طير الصبا في يدي؟
أخشى مع الغفلة أن ينفرا
طال جناحاه وقد يهتدي
إلى أعالي دوحه مبكرا
أرى الثلاثين ستعدو بيه
مغيرة أفراسها في اقتراب
وبعد عشر يلتوي عوديه
وينضب الزيت ويخبو الشهاب •••
لا بد لي إن عشت أن أعطفا
على ربى الأندلس الناضره
وأجتلي أشباح عهد الصفا
راقصة فتانة ساحره
هناك لا أملك أن أذرفا
دمعي على أيامنا الغابره
عساك يا دمع محب وفى
ترد جنات المنى زاهره
يومئذ ألقي على عوديه
لحن الهوى أمزجه بالعتاب
أفدي بروحي غيد إشبيليه
وإن أذقن القلب صاب العذاب
نابلس، في 12 تموز 1932، ونشرت في 13 آب 1932
بيني وبين الناس ...
كم قائل لو كنت تلقاها
لأنكرت عيناك مرآها
ذابلة، ناحلة، قد محت
يد الأسى القاسي محياها
لا تلقها، لا ترها، إنها
مر بها الموت فأخطاها •••
وسائل هل بقيت فضلة
لديك من حبها وذكراها!
قد مر عامان وها ثالث
فواحد كاف لتنساها
وأنت كالنحلة من زهرة
لزهرة، تسليك إياها
أخطأتما، لم تعرفا ما الهوى
كلاكما عن كنهه تاها: •••
السقم لا يصرف وجه امرئ
عن وجه محبوب وإن شاها
كلا ولا يقصيه يوما ولو
كان من الأسقام أعداها
والموت ما أبلى هوى عاشق
ومهجة المعشوق أبلاها
دونك قيسا مثلا إنه
إن جئت بالأمثال، أعلاها
ما زال يغشى قبر ليلى إلى
أن أسلم الروح فلباها •••
ألا ترى النحلة مهما حلا
زهر الربى، لم تنس مأواها
تطلبت عيني سواها، وقد
تعلق القلب بمغناها
نعم، تذوقت هوى غيرها
فلم يطب للقلب إلاها
وإن أجد حسنا فمن حسنها
أو نفحة فتلك رياها
أو قلت في شكواي واها سرت
وردد الوادي صدى آها •••
مظلومة سيقت إلى ظالم
نغص مغداها ومسراها
كان أبوها راعيا ظالما
للذئب لا للحب رباها
القدس، 14 تموز 1932
اشتروا الأرض تشتريكم من الضيم
حبذا لو يصوم منا زعيم
مثل (غندي) عسى يفيد صيامه
لا يصم عن طعامه ... في فلسطي
ن، يموت الزعيم لولا طعامه ...
ليصم عن مبيعه الأرض يحفظ
بقعة تستريح فيها عظامه
بارك الله في حريص على الأر
ض، غيور ينهى إليها اهتمامه
هم حماة البلاد من كل سوء
وهم معقل الحمى ودعامه
نهجوا منهج القوي وصفوا
لجهاد منصورة أعلامه •••
إنما عدة الضعيف (احتجاج)
لم يجاوز حد السطور احتدامه
كل يوم حزب وحلم فحدث
عن ضعيف سلاحه أحلامه
مغرم بالبلاد صب ولكن
بسوى القول لا يفيض غرامه
بطل إن علا المنابر، كرا
ر، سريع عند الفعال انهزامه!
آزروا القائمين بالعمل الصا
لح، إن الأبي هذا مقامه
آزروهم بالمال فالأرض (صندو
ق) لمالكم، بل قوامه
اشتروا الأرض تشتريكم من الضي
م، وآت مسودة أيامه ...
14 أيلول 1932
طير الصبا
طير الصبا ولى
وكان لي جار
قلت له: «هلا
تعود للدار؟»
فقال لي: «كلا ...
كلا» وطار ...
أظنه ملا
مني الجوار
خلفني أبكي
عهد الهوى
خلعت من ملكي
عرشي هوى
عاش على الفتك
قلب غوى
واليوم في ضنك
واهي القوى
قال (أبو سلمى)
زين أترابي: «صباك قد هما ...
خل التصابي» ...
فهاج لي غما
أقتل مما بي
قلت: «نعم حتما
وشاب أحبابي» ...
نوفمبر 1932 ونشرت في 1 / 3 / 1933
عاش كلانا بالمنى
كان هزارا طربا
بالحسن مفتنا
فابتسم الحب له
فأحسن الظنا
ثم رماه بالتي
تبدل اللحنا
بات يهيم نائحا
وطالما غنى •••
حكم به الحب قضى
ما أظلم القاضي
حسبك أن ترضى به
فإنني راض
دعك من الماضي فلو
عدت إلى الماضي
وجدت وصل ساعة
ودهر إعراض •••
صح الذي جربته
عند (أبي سلمى)
الحب يقتاد الفتى
وقلبه أعمى
يسمو به حتى إذا
بوأه النجما
رمى به من حالق
يحطمه حطما
عاش كلانا بالمنى
نرسلها شعرا
تلك رفات بليت
تبعثها الذكرى
نصوغها ابتسامة
أو دمعة تذرى
نشقى به حتى تحي
ن الراحة الكبرى
نشرت في كانون الأول 1932
الدم الخفيف
وطبيب رأى صحيفة وجهي
شاحبا لونها وعودي نحيفا
قال لا بد من دم، لك نعطي
ه نقيا ملء العروق عنيفا
لك ما شئت يا طبيب ولكن
أعطني من دم يكون خفيفا!
1932
الشريف حسين
رحمة الله عليه إنه
غاله اليأس، وكان الأملا
ويح قوم خذلوه بعدما
أخذوا الميثاق ألا يخذلا
شيمة الغدر بمن ينصرهم
ذهبت يا (ابن علي) مثلا
آل بيت المصطفى لم تبرحوا
تردون الموت في ظل العلا
كادت الكأس التي في قبرص
تشبه الكأس التي في كربلا
1932
الشاعر المعلم
(شوقي) يقول: وما درى بمصيبتي «قم للمعلم وفه التبجيلا»
اقعد، فديتك، هل يكون مبجلا
من كان للنشء الصغار خليلا.؟!
ويكاد (يفلقني) الأمير بقوله: «كاد المعلم أن يكون رسولا!»
لو جرب التعليم (شوقي) ساعة
لقضى الحياة شقاوة وخمولا
حسب المعلم غمة وكآبة
مرأى (الدفاتر) بكرة وأصيلا
مئة على مئة إذا هي صلحت
وجد العمى نحو العيون سبيلا
ولو أن في «التصليح» نفعا يرتجى
وأبيك، لم أك بالعيون بخيلا
لكن أصلح غلطة نحوية
مثلا، وأتخذ «الكتاب» دليلا
مستشهدا بالغر من آياته
أو «بالحديث» مفصلا تفصيلا
وأغوص في الشعر القديم فأنتقي
ما ليس ملتبسا ولا مبذولا
وأكاد أبعث (سيبويه) من البلى
وذويه من أهل القرون الأولى
فأرى (حمارا) بعد ذلك كله
رفع المضاف إليه والمفعولا!!
لا تعجبوا إن صحت يوما صيحة
ووقعت ما بين «البنوك» قتيلا
يا من يريد الانتحار وجدته
إن المعلم لا يعيش طويلا!
نابلس، 31 / 3 / 1933
مداعبة قدري طوقان
لم يجر في بالي ولا حسابي
أن أحتفي بالجبر والحساب
درسان كانا في الصبا عذابي
ويحهما كم شنجا أعصابي
وخلفا قلبي في اضطراب •••
ما هذه الحروف والأعداد؟
ما هذه السين، أخي، والصاد؟
وكيف يا وفود يا بلاد
تجتمع الأشباه والأضداد
مثل الرياضيات والآداب؟ •••
يا محتفين بابن عمي قدري
إن أنا قصرت فهذا عذري:
أكفر إن غازلته بالشعر
فحسبكم منا جزيل الشكر
يا نخبة الأصحاب والأحباب
نشرت في 24 / 3 / 1933
نعمة العافية
إليك توجهت يا خالقي
بشكر على نعمة العافيه
إذا هي ولت، فمن قادر
سواك على ردها ثانيه؟
وما للطبيب يد في الشفاء
ولكنها يدك الشافيه
تباركت، أنت معيد الحياة
متى شئت في الأعظم الباليه
وأنت المفرج كرب الضعيف
وأنت المجير من العاديه
آذار 1933
ذكرى عشية زهراء
هل (كفركنة) مرجع لي ذكرها
ما فاتني من عنفوان شبابي؟!
أم في صباياها وفي رمانها
ما يبعث المدفون من آرابي
لو تنفع الذكرى ذكرت عشية
زهراء بين كواعب أتراب
فيهن آسرة القلوب بحسنها
ودلالها وحديثها الخلاب
روح أخف من النسيم وخاطر
كالبرق مقرون بحسن جواب
غر ثناياها وأشهد أنها
ممزوجة رشفاتها بشراب
نلقي أحاجي بيننا فتثيرنا
للضحك خاطئة وذات صواب
ونردد الألحان، بين شجية
تمري مدامعنا، وبين عذاب
ولقد نعرض باللقاء لموعد
فيها، ونسلكها طريق عتاب
قمنا وقد سقط الندى وتزاحفت
سجف الغمام ثقيلة الأهداب
تخفي محيا البدر ثم تبينه
عبث المليحة دوننا بنقاب ...
وجفت مضاجعها الجنوب وملؤها
خفقان مضطرم الهوى وثاب
بتنا على صفو وخوف تفرق
للعاشقين مهيئ الأسباب ••• (نيسان) هان علي حكمك بالنوى
لما تحطمت المنى في (آب ...)
يا ليت من فجعت فؤادي بالمنى
لم تبق لي ذكرى تطيل عذابي
26 / 4 / 1933
آل عبد الهادي
بمناسبة افتتاح ناديهم في نابلس
عهد الجدود سقاك صوب عهاد
ورجعت للأحفاد بالإسعاد
ماض تحصنت البلاد بظله
من كيد منتدب وصولة عاد
المشرفية في الوغى خطباؤه
تعلو منابر من متون جياد
وشبا الأسنة فيه ألسنة إذا
نطقت فمنطق سؤدد وسداد
وطنية إن لم يكن عرف اسمها
لم يخف جوهرها على الأجداد
وتحرجوا أن لا يمس حروفها
قلم الجبان يخطها بمداد
حمراء أوردها الدماء حفاظهم
كدراء لم تنفض غبار جهاد
سائل بها (عزون) كيف تخضبت
بدم الفرنجة عند جوف الوادي
دعت الرجال ولم تكد حتى مشت
همم إلى الهيجاء كالأطواد
ثم التقوا تحت السيوف وبينهم
كأس الحتوف تقول هل من صاد
كسروا من النسر الكبير جناحه
ذي التاج والأعلام والأجناد
تركوه يجمع في الشعاب فلوله
ويصب لعنته على القواد
هل أهلكت (فروخ) إلا نخوة
منا لعسف فيه واستبداد؟
لم يا دعاة السوء يطمس فضل من
أضحى غداة الظلم أول فادي؟
ثارت (بصالح) نخوة قذفت به
في وجه أقبح ظالم متماد
ومضت به صعدا إلى كرسيه
والموت في يده وراء زناد
ألقى به وبظلمه من حالق
متضرجين بحمرة الفرصاد •••
هل عهد (إبراهيم) غير صحيفة
قد أشرقت بالعلية الأمجاد؟
أهل الفعال الغر من أنجاده
وذوي الحفاظ المر من أنداد
كرمت نحيزتهم فهم نبلاء في
أهوائهم نبلاء في الأحقاد
قالوا: أتمدح؟ قلت: أهل فضائل
وفواضل من آل عبد الهادي
أصفيتكم ودي وأعلم أنه
ثقل على اللؤماء من حسادي
لم يبتهج قلبي كبهجته بكم
لما تجمع شمل هذا (النادي)
شمخت بطارف مجدكم أركانه
وتوطدت منكم بخير تلاد
1 أيلول 1933
هدية رمان
«قالها حين أرسل إليه فكتور بشارة من الناصرة ومصباح كنعان هدية رمان قالا إنها من كفركنا.»
قد فهمنا من الهدية معنى
غير معنى الرمان من كفركنا
فأثارت ذكرى وهاجت جراحا
تركتني من الصبابات مضنى
قرية يقرن اسمها باسم (إبرا
هيم)، مما تفيض حبا وحسنا
ملعب للصبا وقد كان يوحي
كل يوم مهما أفاض وأثنى
5 / 10 / 1933
صورتها المكبرة
برح بي الشوق فلما طغى
فزعت للرسم فكبرته
وما شفى داء، ولكنما
قلبي شكا البعد فعللته
ولم أجد في الرسم أخلاقها
جربتها حينا وجربته
منتظري في غرفتي دهره
جود بخيل ما تعودته
ظل وقد ناجيته باسما
ولم يمانع حين قبلته
عرفت للرسام إبداعه
وعدت للرسم فأنكرته
قد فاته دل تعرفته
فيها، ومطل كم تذوقته
لو جاءني الرسام بالمشتهى
كفرت بالله وأشركته
1 تشرين الأول 1933 (ونشرت في القبس 9 / 10 / 1934)
يا رجال البلاد
لا تبالي بألف خطب عراها
نفس حر مفجوعة بحماها
شفها الغيظ والأسى وتراها
كظمت غيظها، وأخفت أساها
كلما أوشكت تسيل دموعا
كاذبات ضحكت ممن بكاها
قد سقى الأرض بائعوها بكاء
لعنتهم سهولها ورباها
وطني مبتلى بعصبة (دلا
لين)، لا يتقون فيه الله
في ثياب تريك عزا ولكن
حشوها الذل والرياء سداها
ووجوه صفيقة ليس تندى
بجلود مدبوغة تغشاها
وصدور كأنهن قبور
مظلمات قلوبهم موتاها
حسبوا في الرجال، هل كانت الأن
عام إلا لمثلهم أشباها؟ •••
يا رجال البلاد يا قادة الأم
ة، ماذا دهاكم ودهاها؟
هل لديكم سياسة غير هذا ال
قول، يحيي من النفوس قواها؟
صكت الألسن المسامع حتى
لقيت من ضجيجكم ما كفاها
عرف الناس والمنابر والأق
لام أفضالكم فهاتوا سواها
كلكم بارع بليغ بحمد ال
له، طب بحالنا ودواها
غير أن المريض يرقب منكم
هذه الجرعة التي لا يراها
كان أولى بكم لو أن مع القو
ل فعالا محمودة عقباها
مثل القول لا يؤيده الفع
ل، أزاهير لا يفوح شذاها
وهو كالدوحة العقيم: ظلال
واخضرار ولا يرجى جناها •••
رحم الله مخلصا لبلاد
ساوموه الدنيا بها فأباها
لو أتوه بالتبر وزن ثراها
لأباه وقال أفدي ثراها
انفروا أيها النيام فهذا
يوم لا ينفع العيون كراها
كشفت منكم المقاتل
وامتدت إليها المثقفات قناها
نبئوني عن القوي متى كا
ن رحيما، هيهات من عز تاها
لا يلين القوي حتى يلاقي
مثله عزة وبطشا وجاها
لا سمت أمة دهتها خطوب
أرهقتها، ولا يثور فتاها
1933
بعد عام
إليها ...
هواك أصبح نسيا
كلوعتي منسيا
قد كان شغلا لقلبي
فصار قلبي خليا
كأن حلو الأماني
والوصل لم تك شيا
مسحت آثار حب
كانت على شفتيا
فيا جفون استقري
عاد الرقاد شهيا
وارقص على حب ليلا
ك، يا فواد مليا
1933
نسر الملوك
رثاء المغفور له صاحب الجلالة فيصل الأول ملك العراق
ألقيت في حفلة الأربعين التي أقيمت في مدينة نابلس.
شيعي الليل وقومي استقبلي
طلعة الشمس وراء الكرمل
واخشعي، يوشك أن يغشى الحمى
يا فلسطين سنى من فيصل
يا لها من ديمة يرفعها
منكب الأفق لعين المجتلي
نشأت أمنا وظلا وهدى
كهدى النجم لفلك مقبل
ما دنا حتى همى الدمع، فهل «إيلياء» الغيث فوق الجبل؟
ذلك الفلك الذي يحمله
مثله منذ جرى لم يحمل
لو تعدى لجة البحر به
خاض في لجة دمع مسبل
وانطوى العاصف والموج له
فاكتسى البحر غضون الجدول
وإذا بالفلك يجري بينها
كمرور الطيف بين المقل
يكرم الراقد يدري أنه
يؤثر الراحة والقلب الخلي
راقد ينعم في ضجعته
خلف الدنيا به في شغل
أيقظ اللوعة فيها والأسى
وغفا بينهما لم يحفل
مطبق الأجفان عن جفن طغى
جامح الدمع وجفن مجفل
مطمئن القلب ما تزعجه
زفرات كالغضا المشتعل •••
ما الذي أعددت من طيب القرى
يا فلسطين لضيف معجل؟
لا أرى أرضا نلاقيه بها
قد أضاع الأرض بيع السفل
فاستري وجهك لا يلمح على
صفحتيه الخزي فوق الخجل •••
أكرمي ضيفك إن أحببته
بأمانيه الكبار الحفل
لا تقومي حوله معولة
من جلال الملك ألا تعولي
واسألي الباغين ماذا هالهم
منه في أكفانه إن تسألي
راعهم حيا وميتا فاتقوا
همة جبارة لم تخذل
ورأوا في كل قلب حوله
جذوة العزم ونور الأمل
بطل قد عاد من ميدانه
ظافرا يا مرحبا بالبطل •••
فارس «الشقراء» يجلو باسمها
غمرة ليلتها ما تنجلي
صاحب التاجين في موكبه
راية المجد المنيع الأطول
من رأى «نسر الملوك» المرتجى
طار من عقبانه في جحفل
وسواء في الأعاصير مضوا
أم مضوا في نفحات الشمأل
كجنود الله طارت خيلهم
يوم بدر في سماء القسطل •••
من رأى نارا على عاصفة
هكذا انقض غضوبا من عل
هبط المعقل يخشى حدثا
ويمين الله حرز المعقل
أشرت «آشور» حتى جاءها
أمرها بين الظبا والأسل
كل لؤم وعقوق دونه
فعل «شمعون» لئيم «الموصل»
ثورة الغاضب للحق ترى
هذه، أم شغب من وكل؟
ذلك السيف الذي جرده
فضحته عين هذا الصيقل
يا لعين سهرت عن فيصل
تحرس الملك له ما تأتلي
رأت الغدر فآذاها، فهل
تحمل الضيم ولما تغفل؟
خلق في ابنك «غازي» لم يكن
بغريب عن قريب المنهل
لم يطق شبلك ضيما سيدي،
فاستمع للعذر قبل العذل
قد يكون الحزم في العزم وقد
يكتب التوفيق للمستعجل
غضبة من رجل في أمة
جعلته أمة في رجل
من هفا للمثل الأعلى يجد
في بني هاشم أعلى مثل
أيكم يا آل بيت المصطفى
ما قضى مستشهدا منذ «علي»؟
لا أحاشي بينكم من أحد
فكمي الحرب صنو الأعزل
كلكم ينشأ قلبا ويدا
ولسانا في جهاد المبطل
فتح الخلد لكم هيكله
فإذا أنتم بدور الهيكل
ضم جبريل جناحيه على
سؤدد محض ونبل أمثل
وأطاف الملأ الأعلى بمن
عزمه في الحق عزم الرسل
فيصل شيد ملكا لم يزل
بحمى الله وغازي يعتلي
وبشعب بذل الروح، ومن
ينشد الملك وطيدا يبذل
ليس من «حام» لكيد ينبري
فيه أو «منتدب» مختتل
أضرموا النار وصبوا فوقها
دمهم حرا أبيا يغتلي
صهروا الأغلال وانصاعوا إلى
دنس الأرض فقالوا اغتسلي
وإذا دجلة عذب وردها
وإذا النخل كريم المأكل
وإذا بغداد مما ازدهرت
حلية التاريخ بعد العطل
ووقاها الله، والعون به،
دول الغدر وغدر الدول
1933
ورد يغيض وهجرة تتدفق
رثاء المرحوم موسى كاظم باشا الحسيني
وجه القضية من جهادك مشرق
وعلى جهادك من وقارك رونق
لله قلبك في الكهولة إنه
ترك الشبيبة في حياء تطرق
قلب وراء الشيب متقد الصبا
كالجمر تحت رماده يتحرق
أقدمت حتى ظل يعجب واجما
جيش من الأيام حولك محدق
تلك الثمانون التي وفيتها
في نصفها عذر لمن لا يلحق
لكن سبقت بها، فما لمقصر
سبب لمعذرة به يتعلق
غمرتها كالدوح، ظاهر عوده
صلب وما ينفك غضا يورق •••
وطني أخاف عليك قوما أصبحوا
يتساءلون: من الزعيم الأليق؟
لا تفتحوا باب الشقاق فإنه
باب على سود العواقب مغلق
والله لا يرجى الخلاص وأمركم
فوضى، وشمل العاملين ممزق
أين الصفوف تنسقت فكأنما
هي حائط دون الهوان وخندق؟
أين القلوب تألفت فتدافعت
تغشى اللهيب، وكل قلب فيلق؟
أين الأكف تصافحت وتساجلت
تبني وتصنع للخلاص وتنفق؟
أما الزعامة فالحوادث أمها
تعطى على قدر الفداء وترزق •••
يا ابن البلاد، وأنت سيد أرضها
وسمائها، إني عليك لمشفق
انظر لعيشك هل يسرك أنه
ورد يغيض وهجرة تتدفق
ماذا يرد الظلم عنك، أحسرة
أم زفرة، أم عبرة تترقرق؟
أم بثك الشكوى تظن بيانها
سحرا، وحجتها الضحى يتألق!
لا تلجأن إذا ظلمت لمنطق
فهناك أضيع ما يكون المنطق •••
أفضى الرئيس إلى ظلال نعيمه
وارتاح قلب بالقضية يخفق
آثاره ملء العيون، وروحه
ملء الصدور، وذكره لا يخلق
نشرت في 6 / 5 / 1934
أطلقي ذاك العيارا
في ذكرى وفاة الشريف حسين «... وتوكل الشريف على الله، ونهض في صباح اليوم التاسع من شعبان سنة 1334ه/2 حزيران سنة 1922، قبل الفجر وبيده بندقية أطلقها طلقة واحدة كان لدويها صدى في جدة والطائف والمدينة ...»
ملوك العرب للريحاني: ج1
1
أطلقي ذاك العيارا
قدك ضيما واصطبارا
يطلب العز ابتدارا
يدرك المجد اقتسارا
أطلقي ذاك العيارا
حطمي القيد الثقيلا
واركبي الهول سبيلا
عاش يا نفس ذليلا
بك من كان بخيلا
أطلقي ذاك العيارا
دبري الأمر نهارا
واطلبي الحق جهارا
واهبطي الهيجاء دارا
ذل من يغفل ثارا
أطلقي ذاك العيارا
يا لأعناق الرجال
كيف مالت بالحبال
فهاك أشبالي ومالي
وعتادي للقتال
أطلقي ذاك العيارا
أعنقت تسري انتشارا
فكرة تحمل نارا
تهبط القلب قرارا
تلهب الصدر استعارا
أطلقي ذاك العيارا
علقت ثم يداه
بزناد فطواه
أضرم البيد سناه
ثم رددن صداه
أطلقي ذاك العيارا
2
انظري يوم أغارا
أي أبطال أثارا
أي كاسات أدارا
بين صرعى وسكارى
أطلقي ذاك العيارا
احشدي البيد أسودا
واملئي الشام حقودا
ووعودا وعهودا
وبنودا وبنودا
أطلقي ذاك العيارا
المنايا تتبارى
والأماني الكبارا
طبقي الأرض انتصارا
واعتزازا وافتخارا
أطلقي ذاك العيارا
اغدري غدر القوي
بالحسين بن علي
لست بالخل الوفي
للحليف العربي
فاملئي التاريخ عارا
أمتي، قدك اصطبارا
فاطلبي العز ابتدارا
وخذي المجد اقتسارا
هاجني الماضي ادكارا
أطلقي ذاك العيارا
نشرت في 11 / 6 / 1934
الشهيد
عبس الخطب فابتسم
وطغى الهول فاقتحم
رابط الجأش والنهى
ثابت القلب والقدم
لم يبال الأذى ولم
يثنه طارئ الألم
نفسه طوع همة
وجمت دونها الهمم
تلتقي في مزاجها
بالأعاصير والحمم
تجمع الهائج الخضم
إلى الراسخ الأشم
وهي من عنصر الفداء
ومن جوهر الكرم
ومن الحق جذوة
لفحها حرر الأمم •••
سار في منهج العلى
يطرق الخلد منزلا
لا يبالي، مكبلا
ناله أم مجدلا
فهو رهن بما عزم
ربما غاله الردى
وهو بالسجن مرتهن
لم يشيع بدمعة
من حبيب ولا سكن
ربما أدرج الترا
ب سليبا من الكفن
لست تدري بطاحها
غيبته أم القنن
لا تقل أين جسمه
واسمه في فم الزمن
إنه كوكب الهدى
لاح في غيهب المحن
أرسل النور في العيو
ن، فما تعرف الوسن
ورمى النار في القلو
ب، فما تعرف الضغن •••
أي وجه تهللا
يرد الموت مقبلا
صعد الروح مرسلا
لحنه ينشد الملا
أنا لله والوطن
نشرت في 18 / 6 / 1934
إلى الأحرار
قرر الزعماء العرب في فلسطين الخروج بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع بمظاهرة سلمية تعلن في المدن الفلسطينية، الواحدة تلو الأخرى، فألقت الشرطة البريطانية القبض على بعض الزعماء العرب، واعتبرتهم مسؤولين عن هذه المظاهرات، وساقتهم إلى المحاكمة. ثم صدر عليهم الحكم بالسجن أو توقيع الكفالات؛ فوقعوا كلهم إلا المرحوم الشيخ عبد القادر المظفر الذي فضل السجن على توقيع الكفالة.
أحرارنا! قد كشفتم عن (بطولتكم)
غطاءها يوم توقيع الكفالات ...
أنتم رجال خطابات منمقة
كما علمنا، وأبطال (احتجاجات)
وقد شبعتم ظهورا في (مظاهرة) (مشروعة) وسكرتم بالهتافات
ولو أصيب بجرح بعضكم خطأ
فيها، إذا لرتعتم بالحفاوات
بل حكمة الله كانت في سلامتكم
لأنكم غير أهل للشهادات •••
أضحت فلسطين من غيظ تصيح بكم:
خلوا الطريق فلستم من رجالاتي
ذاك السجين الذي أعلى كرامته
فداؤه كل طلاب الزعامات
7 / 7 / 1934 (ونشرت في 10 / 7 / 1934)
فلسطين مهد الشهداء
كان بعض الناس في الأقطار العربية المجاورة يرون الثراء الزائف الذي تمتعت به قلة من السماسرة وباعة الأراضي العرب؛ فتعمى قلوبهم عما وراء هذه البيوع من خطر سيحل بفلسطين.
إخواننا أهل الوفاء
أهل المودة والولاء
من كل قطر بالعرو
بة ذي ازدهار وازدهاء
أحبابنا لا تخدعوا
عنا بظاهرة الرخاء ...
ليست فلسطين الرخية
غير مهد للشقاء
عرضت لكم خلف الزجا
ج تميس في حلل البهاء
هيهات ذلك إن في
بيع الثرى فقد الثراء
فيه الرحيل عن الربو
ع غدا إلى وادي الفناء
فاليوم أمرح كاسيا
وغدا سأنبذ بالعراء
وأضعت صادقة الرجاء
فأين كاذبة الرجاء
من ذا ألوم سوى بني
وطني على هذا البلاء •••
للحق سطر في صحا
فتنا وللتضليل نهر
قلب صحائفها يطل
عليك بهتان وهجر
للخاملين نباهة
فيها وللأغمار ذكر
هذا يقال له الزعي
م ... كما يقال لذاك حر ...
وهناك سمسار البلا
د، فإنه الشهم الأغر
فالمدح مثل القدح تض
منه لهم خضر وحمر
تلك الصحافة «كيميا
ء»، لها بخلق الله سر
تدع الكرامة وهي هز
ل، والمروءة وهي سخر
أين الصحافي الصري
ح، تراه يعلن ما يسر؟
صلب فلا قربى تمي
ل به، ولا مال يغر •••
منذ احتلال الغاصبي
ن، ونحن نبحث في السياسه
شأن الضمير مع السيا
سة، كالرقيق مع النخاسه
مرت علينا ست عش
رة، كن مجلبة التعاسه
فإلى متى يا ابن البلا
د، وأنت تؤخذ بالحماسه؟
وإلى متى (زعماء) قو
مك يخلبونك بالكياسه؟
ولكم أحطنا خائنا
منهم بهالات القداسه
ولكم أضاع حقوقنا الر
جل الموكل بالحراسه!
والله ليس هناك إلا
كل قناص الرئاسه
تأتيه من بيع البلا
د، وما إليه من الخساسه
وإذا اتقاك (فبالجرا
ئد) فالنجاسة للنجاسه
19 / 10 / 1934 (والقطعة الأخيرة مؤرخة 8 / 10 / 1934).
مصرع بلبل
حكاية رمزية تمثل الواقع في حياة المدن الكبرى حين يدخل غمارها الشاب قادما من البلدة الصغيرة أو القرية البسيطة ... هذه الحياة الصاخبة تخلب ذلك الشاب بزخرفها، وفنون لهوها، وألوان عبثها، تجتذبه فيرتمي بين أحضانها، ويلقي بقياده إليها فتذهب به في مزالق الضلال كل مذهب.
ثم تسفر هذه الحياة عن وجه كالح، وتنقشع نشوتها عن صحو مضى أوانه ... فإذا هنالك إفلاس في أحد ثلاثة: في المال، أو الصحة، أو المستقبل، وكثيرا ما أعلن الإفلاس في الثلاثة جميعا، وهنالك الفاجعة الأبدية ... أما «البلبل» في هذه الحكاية فرمز الشاب المخدوع، وأما «الوردة» فترمز إلى بائعة اللهو والعبث ... وأما «الروض» فهو رمز الحانة أو الملهى.
قدر ساقه فآواه روضا
لم يكن طار فيه قبلا وغنى
فاستوى فوق أيكة ورمى عي
نيه فيما هناك يسرى ويمنى
وإذا الروض بهجة الروح طيبا
وظلالا، وفتنة العين حسنا
وكأن الغدير بين ضلال
وهدى كلما استوى أو تثنى
تنحني فوقه كرائم ذاك الد
وح، منها الجنى، وكم يتجنى
مطمئن يسير تيها، فإن را
م عناق الصخور صدت فجنا
هكذا يصبح الحبيب المعني
بعد حين وهو المحب المعنى
ومضى البلبل الغريب يطوف الر
وض حتى انزوى محيا النهار
راح يأوي إلى الغصون، ولكن
كيف يغفو مشرد الأفكار؟
كان في الروض فوق ما يتمنى
من فنون الأثمار والأزهار
غير أن ليس فيه طير يغني
أي روض يحلو بلا أطيار؟
وسرت فيه رعدة حين لم يل
ق سوى دارس من الأوكار
وبقايا نواقف رخم المو
ت عليها مخضب الأظفار
أي خطب أصابكم معشر الطي
ر؟ وماذا في الروض من أسرار؟
طلع الفجر باسما إثر ليل
دونه وحشة كهوف المنيه
تتنزى أشباحه صاخبات
عاريات، أكفها، دمويه
ورجوم تفري الغيوم وتهوي
كل رجم من الجحيم شظيه
وخسوف تحدث البدر فيه
بفم الحوت منذرا برزيه
ذاك ليل قضى على البلبل المن
كود، لولا يد تصدت عليه
ملكة عرشها المشارق والتا
ج سناها، أعظم بها شرقيه
أنقذته فهب يشدو شكورا
مرحا، هاتفا لها بالتحيه:
مليكة النيرات
آلهة المشرقين
الناس في الغابرات
إليك مدوا اليدين
وأحرقوا في الصلاة
نضارهم واللجين
وقربوا الأعناق
زلفى تراق
يا ليل إن الصباح
رمز حياة الورى
أنفاسه في البطاح
وروحه في الذرى
أما رأيت الأقاح
أفاق بعد الكرى
وضوع الآفاق
لما أفاق
هناك راعي الغنم
جذلان، حي الفؤاد
يرتع بين الأكم
يهيم في كل واد
والناي صب النغم
وبثه في الوهاد
كزفرة الأشواق
غب الفراق •••
نسي الطير همه حين غنى
قلما يستقر هم الطروب
ألف الروض مفردا وتولى
عنه في دوحه شعور الغريب
مستقل في الملك، لا من شريك
طامع يتقى، ولا من رقيب
مطلق، يستقر عند نمير
تارة أو يقيل فوق رطيب
وإذا (وردة) تفيض جمالا
تتهادى مع النسيم اللعوب
قد حمتها أشواكها مشرعات
حولها دون عابث أو غصوب
تمنح العين حين تبدو وتخفي
من ضروب الإغراء كل عجيب
كل قلب له هواه ... ولكن
ليس يدري متى يجيء زمانه
هو إما في ظل جفن كحيل
كامن السحر، راقد أفعوانه
أو وراء ابتسامة حلوة الثغ
ر نقي، مفلج أقحوانه
أو على الصدر يستوي فوق عرشي
ن ... مكينا مؤيدا سلطانه
فإذا كان لفحة من جحيم الر
جس، أملى أحكامه شيطانه
وإذا هب نفحة من نعيم الط
هر، قامت ركينة أركانه
هو ذا الحب فليكن حين يأتي
ك بريئا من كل عيب مكانه
صارت الوردة الخليعة للبل
بل هما ومأربا يشقيه
حسرتا للغرير أصبح كربا
ما يلاقيه من دلال وتيه
شفه السهد واعتراه من الحب
سقام مبرح يضنيه
من رآها وقد تحامل يهفو
نحوها، كيف أعرضت تغريه
من رأى روحه تسيل نشيدا
لاهبا، لوعة الأسى تذكيه
هي (حواء) ذلك الخلد فاحذر
لا تكونن أنت (آدم) فيه
لا تهب قلبك الكريم لئيما
تحت رجليه عابثا يلقيه
هل يرى في ظلال وردته الحم
راء سرا بدا وكان خفيا؟
هل يرى للطيور فيها قلوبا
نبذتهن يابسا وجنيا؟
هل يرى اليوم ما الذي جعل الرو
ض كئيبا من الطيور خليا؟
كم نذير بدا لعينيه حتى
قام شخص الردى هناك سويا
سامه حبه شقاء ولكن
نعمة الحب أن يكون شقيا
والهوى يطمس العيون ويلقي
في قرار الأسماع منه دويا
هكذا يسلك المحب طريق ال
خوف أمنا ويحسب الرشد غيا
من ترى علم البخيلة حتى
سمحت أن يقبل الطير فاها
لم يصدق عينيه حتى أطلت
وأطالت في ختله نجواها
زلزل الروض عند ذلك بالأل
حان، فاسمع روايتي عن صداها:
نشيد البلبل للوردة
أنشدي يا صبا
وارقصي يا غصون
واسقني يا ندى
بين لحظ العيون
فيك يا وردتي
قد حلا لي الجنون
أنا مني الهوى
أنت منك الفتون
انشري ما طوت
من غرامي السنون
كان في أضلعي
فروته الجفون
اقربي من فمي
فحديثي شجون
ضمها الطير مطبقا بجناحي
ه، وهمت بثغره شفتاها
لم يمتع بنشوة الحب حتى
أشرعت شوكة تلظى شباها
أوردتها قلبا، إذا رف يوما
خافقا للهوى فذاك هواها
كرعت في الدم البريء فلما
عكسته وهاجة وجنتاها
نظر الطير نظرة أعقبتها
روحه طي شهقة معناها:
وردة تبهر العيون ولكن
كثرة الشم قد أضاعت شذاها
1934
يا قوم!
هزلت قضيتكم فلا
لحم هناك ولا دم
حتى العظام فقد تعر
فها الذئاب وأتخموا
بليت قضيتكم فصا
رت هيكلا يتهدم
ضمرت إلى (بلدية)
فيها العدا تتحكم
أوضاعها مجهولة
ومصيرها لا يعلم
يا قوم ليس عدوكم
ممن يلين ويرحم
يا قوم ليس أمامكم
إلا الجلاء فحزموا
18 / 1 / 1935
الإيمان الوطني أو جماعة (السار)
ليت لي من جماعة (السار) قوما
يتفانون في خلاص البلاد
أو كإيمانهم رسوخا عميقا
ثابت الأصل في قرار الفؤاد
مثل هذا الإيمان يضمن للأو
طان عزا، ومثل هذا التفادي
لا كإيمان من ترى في فلسطي
ن، قصير المدى، كليل الزناد
يتداعى إذا تسلط وعد
أو وعيد عليه عند العوادي
أو قطوب ... تخيب منه المساعي،
وابتسام ... تذوب فيه المبادي
لا تلمني إن لم أجد من وميض
لرجاء ما بين هذا السواد
13 / 1 / 1935
الشيخ المظفر
انظر لما فعل (المظفر) إنه
نفع القضية غائبا لم يحضر!
أحيا القلوب، ودونهن ودونه
غرف الحديد، وحاميات العسكر
عرضوا الكفالة والكرامة عنده
عبثا، وهل عرض يقاس بجوهر؟
ورأى التحير في التخير سبة
ففدى كرامته (بستة أشهر)
لم يخل ميدان الجهاد بسجنه
فلقد رماه بقلبه المتسعر
ولكم خلا بوجود جيش زاخر
يمشي إليه بخطوه المتعثر
إن (المظفر) من حديد جسمه
فيما أرى، وجسومهم من سكر!
28 / 1 / 1935
السماسرة!
أما سماسرة البلاد فعصبة
عار على أهل البلاد بقاؤها
إبليس أعلن صاغرا إفلاسه
لما تحقق عنده إغراؤها
يتنعمون مكرمين، كأنما
لنعيمهم عم البلاد شقاؤها
هم أهل نجدتها ، وإن أنكرتهم
وهمو، وأنفك راغم، زعماؤها!!
وحماتها، وبهم يتم خرابها
وعلى يديهم بيعها وشراؤها
ومن العجائب إن كشفت قدورهم
أن الجرائد، بعضهن، غطاؤها
كيف الخلاص إذا النفوس تزاحمت
أطماعها، وتدافعت أهواؤها؟
1 / 2 / 1935
أيها الأقوياء
قد شهدنا لعهدكم (بالعداله) ...
وختمنا لجندكم بالبساله!
وعرفنا بكم صديقا وفيا
كيف ننسى انتدابه واحتلاله
وخجلنا من (لطفكم) يوم قلتم:
وعد بلفور نافذ لا محاله
كل (أفضالكم) على الرأس والعي
ن، وليست في حاجة لدلاله
ولئن ساء حالنا فكفانا
أنكم عندنا بأحسن حاله
غير أن الطريق طالت علينا
وعليكم ... فما لنا والإطاله؟!
أجلاء عن البلاد تريدو
ن فنجلو، أم محقنا والإزاله؟
4 / 2 / 1935
زيادة الطين!
من كان ينكر نوحا أو سفينته
فإن نوحا بأمر الله قد عادا!!
حل الوبال «بعيبال» فمال به
يا هيبة الله إبراقا وإرعادا
في جارف كعجيج البحر طاغية
أمواجه تحمل الأسواق أمدادا
ولا تزال من الزلزال باقية
تذكارها يوقد الأكباد إيقادا
منذ احتللتم وشؤم العيش يرهقنا
فقرا وجورا وإتعاسا وإفسادا
بفضلكم قد طغى طوفان «هجرتهم»
وكان وعدا تلقيناه إيعادا
واليوم، من شؤمكم، نبلى بكارثة
هذا هو الطين والماء الذي زادا ...
10 / 2 / 1935
إلى ثقيل
أنت (كالاحتلال) زهوا وكبرا
أنت (كالانتداب) عجبا وتيها
أنت (كالهجرة) التي فرضوها
ليس من حيلة لقومك فيها
أنت أنكى من (بائع الأرض) عندي
أنت (أعذاره) التي يدعيها
لك وجه كأنه وجه (سمسا
ر)، على شرط أن يكون وجيها
وجبين مثل (الجريدة) لما
لم تجد كاتبا عفيفا نزيها
وحديث فيه ابتذال (احتجاج)
كلما نمقوه عاد كريها
جمعت فيك (عصبة) للبلايا
وأرى كل أمة تشتكيها
17 / 2 / 1935
تعزية البيت الهاشمي
إلى روح المغفور له الملك علي بن الحسين
بني هاشم بين المنايا وبينكم
ترات وما تغفو المنايا عن الوتر
مضت (بأبي الأشبال) يستشهد الوغى
وراياته فيها على دول الغدر
وما نكبت عن (شاكر) بعد (فيصل)
وغالت (عليا) واللواعج في الصدر
مقامات أقيال تغيب شموسها
وغارات أبطال ترد عن النصر
بني هاشم لا أخمدت جمراتكم
ولا أغمدت أسيافكم نوب الدهر
بأوجهكم تنفض حالكة الدجى
وأيمانكم ترفض مجفلة القطر
ونيطت (بعبد الله) آمال أمة
وفي ظل (غازي) عود أيامها الغر
19 / 2 / 1935
غايتي
إن قلبي لبلادي
لا لحزب أو زعيم
لم أبعه لشقيق
أو صديق لي حميم
ليس مني لو أراه
مرة غير سليم
ولساني كفؤادي
نيط منه بالصميم
وغدي يشبه يومي
وحديثي كقديمي
لم أهب غيظ كريم
لا ولا كيد لئيم
غايتي خدمة قومي
بشقائي أو نعيمي
25 / 2 / 1935
مناهج!
أمامك أيها العربي يوم
تشيب لهوله سود النواصي
وأنت، كما عهدتك، لا تبالي
بغير مظاهر العبث الرخاص
مصيرك بات يلمسه الأداني
وسار حديثه بين الأقاصي
فلا رحب القصور غدا بباق
لساكنها ولا ضيق الخصاص
لنا خصمان: ذو حول وطول
وآخر ذو احتيال واقتناص
تواصوا بينهم فأتى وبالا
وإذلالا لنا ذاك التواصي
مناهج للإبادة واضحات
وبالحسنى تنفذ والرصاص
3 / 3 / 1935
أنتم!
أنتم (المخلصون) للوطنيه
أنتم الحاملون عبء القضيه!!
أنتم العاملون من غير قول
بارك الله في الزنود القويه!! (وبيان) منكم يعادل جيشا
بمعدات زحفه الحربيه (واجتماع) منكم يرد علينا
غابر المجد من فتوح أميه
وخلاص البلاد صار على البا
ب، وجاءت أعياده الورديه
ما جحدنا (أفضالكم)، غير أنا
لم تزل في نفوسنا أمنيه:
في يدينا بقية من بلاد ...
فاستريحوا كي لا تطير البقيه
10 / 3 / 1935
لمن الربيع؟
أرأيت مملكة الربي
ع، يعيد رونقها الربيع؟
ويتوج الراعي بها
ملكا رعيته القطيع
الذئب يرهبه ويل
ثم كفه الحمل الوديع
آذار في رحب الفضا
ء سفير دولته الرفيع
هاتيك ألوان تشع،
وتلك ألحان تشيع
لمن الربيع وطيبه؟
وهواه والزهر البديع؟
فرح الربيع لمن له
أرض، وليس لمن يبيع ...
16 / 3 / 1935
يا حسرتا
يا حسرتا، ماذا دهى أهل الحمى؟
فالعيش ذل، والمصير بوار
أرأيت أي كرامة كانت لهم
واليوم كيف إلى الإهانة صاروا؟
سهل الهوان على النفوس فلم يعد
للجرح من ألم ... وخف العار
همدت عزائمهم، فلو شبت لظى
لتثيرها فيهم، فليس تثار
الظالم الباغي يسوس أمورهم
واللص والجاسوس والسمسار •••
يا من تعلل بالسياسة ظنها
لطفت ولان عصيها الجبار
ما لطفها؟ ما اللين ذاك؟ وكلهم
مستعمرون، وكله استعمار
22 / 3 / 1935
1000
أرى عددا في الشؤم لا كثلاثة
وعشر، ولكن فاقه في المصائب
هو (الألف) لم تعرف فلسطين ضربة
أشد وأنكى منه يوما لضارب
يهاجر ألف ... ثم ألف مهربا ...
ويدخل ألف سائحا، غير آيب
وألف (جواز)، ثم ألف وسيلة
لتسهيل ما يلقونه من مصاعب
وفي البحر آلاف ... كأن عبابه
وأمواجه مشحونة في المراكب •••
بني وطني، هل يقظة بعد رقدة؟
وهل من شعاع بين تلك الغياهب؟
فوالله ما أدري، ولليأس هبة،
أنادي (أمينا) أم أهيب (براغب)
27 / 3 / 1935
نعمة ...!
يقولون في بيروت: أنتم بنعمة
تبيعونهم تربا، فيعطونكم تبرا
شقيقتنا مهلا! متى كان نعمة
هلاك ألوف الناس في واحد أثرى؟
وباذل هذا المال يعلم أنه
يسلم باليمنى إلى يده اليسرى
على أنها أوطاننا ... ما كنوزهم؟
وأموالهم؟ حتى تساوى بها قدرا
ولو كان قومي أهل بأس ونخوة
إذن أصبحت للطامعين بها قبرا
ولكنهم قد آثروا السهل مركبا
تسيره الأهواء واجتنبوا الوعرا
وما حسرتي إلا على متعفف
يقوم (لوجه الله) بالنهضة الكبرى
11 / 4 / 1935
أيتها الحكومة
علام احتراسك؟ لا أعلم
وفيم احتشادك؟ لا أفهم
وهل في فلسطين ما ترهبين
سوى أنه اجتمع الموسم؟
جواد براكبه عاثر
وأين له الفارس المعلم؟
وسيف بحامله ساخر
وأين له الكف والمعصم؟
وهذا بتهديده يدعي
وذاك بتنديده يزعم
معازيل إلا من العنعنات
مشاغيل عن كل ما يكرم
مظاهر، ليس بها ما يخيف
ولكنما خاف من يظلم
25 / 4 / 1935
رثاء الشيخ سعيد الكرمي
أيها الموت، أي مجلس أنس
ووقار عطلت بعد سعيد؟
أدب كالرياض في الحسن والطي
ب، قريب جناه للمستفيد
وكأني بعلمه البحر عمقا
واتساعا، نغشاه عذب الورود
ونفوس الجلاس تأنف، إلا
عنده، أن تكون رهن القيود
بغزير من علمه ومفيد
وقريب من حفظه وبعيد
وغريب من أنسه وعجيب
وطريف من ظرفه وتليد
جامع الفضل في الرواية والشع
ر إلى الأصمعي، طبع الوليد
سلف صالح، بقية قوم
بارك الله عهدهم في العهود
عرفوا الخير، أكرموا فاعليه
جهلوا اللؤم جهلهم للجحود
وإذا ما تجردوا لعداء
وقفوا بالعداء عند حدود ...
ليت قومي تخلقوا بكريم ال
خلق هذا، عند الخصام الشديد
ما أشد افتقارنا لسمو ال
خلق في هذه الليالي السود
ما لكم بعضكم يمزق بعضا
أفرغتم من العدو اللدود؟
اذهبوا في البلاد طولا وعرضا
وانظروا ما لخصمكم من جهود
والمسوا باليدين صرحا منيعا
شاد أركانه بعزم وطيد
شاده فوق مجدكم، وبناه
مشمخرا على رفات الجدود
كل هذا استفاده بين فوضى
وشقاق، وذلة، وهجود
واشتغال بالترهات وحب الذ
ذات عن نافع عميم مجيد
شهد الله أن تلك حياة
فضلت فوقها حياة العبيد
أصبح الموت نعمة يحسد المي
ت عليها موسدا في الصعيد
وسعيد من نال مثل (سعيد)
بعد دار الفناء دار الخلود
فهنيئا لك النعيم مقيما
أنت فيه جار العزيز الحميد
30 / 4 / 1935
القدس
دار الزعامة والأحزاب كان لنا
قضية فيك، ضيعنا أمانيها
هل تذكرين وقد جاءتك ناشئة
غنية، دونها الأرواح تفديها؟
تود لو وجدت يوما أخا ثقة
لديك يوسعها برا ويحميها
ما كان كفؤا عفيف النفس كافلها
ولا أبيا حمي الأنف راعيها
ولا أفادت سوى الأحقاد تضرمها
فوق البلاد (زعامات) وتذكيها
ولم تبال بما تلقي لها حطبا
ولا بأي كرام الناس ترميها
قضية نبذوها بعدما قتلت
ما ضر لو فتحوا قبرا يواريها
10 / 5 / 1935
شريعة الاستقلال
يوم بداجية الزمان ضياء
وبهاؤه للخافقين بهاء
يزجي النسيم به هجير لافح
عجبا! وتبسط ظله الصحراء
ويرف من شظف المعيشة لينها
ويسيل من وهج السراب الماء
وإذا الرشاد من الضلالة والعمى
ومن الشقاق تآلف وإخاء
وإذا من الفوضى نظام معجز
وقيادة وسيادة ودهاء
وإذا الخيام قصور أملاك الورى
وإذا القفار دمشق والزوراء
وعلى ربوع الصين كبر فيلق
وبأرض قسطنطين رف لواء
تلك الخوارق إن طلبت أدلة
ثبت البراق بهن والإسراء
نزل الكتاب على النبي محمد
ما يصنع الخطباء والشعراء؟!
لو لم يكن وحي السماء ونوره
لمحته عارضة له وذكاء
سحر القلوب فراح يقذفها على
نار الجهاد أولئك البسلاء
هيهات ما نكصوا على أعقابهم
حتى انجلت عنهم وهم شهداء
حرية آي الكتاب وسؤدد
وعزيمة وكرامة وإباء •••
ناديت قومي لا أخصص مسلما
أبناء يعرب في الخطوب سواء
إن الكتاب شريعة استقلالكم
فتدبروه وأنتم الخلفاء ...
16 / 6 / 1935
إلى الممرضة الروسية ...
يا حلوة العينين يا قاسيه
سرعان ما أصبحت لي ناسيه
أما أنا فلست أنسى يدا
ناعمة تجود بالعافيه
لئن شفى الطب ضنى عارضا
فمهجتي أنت لها شافيه
وإبرة الآسي على نفعها
أفعل منها نظرة ساجيه
تبعثها عيناك في أضلعي
فياضة بعطفها، آسيه
تلأم قلبا نكأت جرحه
فعاد يهوى مرة ثانيه
وتطفئ النار التي حركت
فأرجعتها زفرة حاميه •••
قيصرة الحسن، ألا أشتكي
إليك من جورك يا طاغيه؟
هل كان نسيانك لي هفوة
أم خطة أشراكها خافيه؟
سيدتي، ذنبك مهما يكن
تغفره أعذارك الواهيه ...
حزيران 1935
رثاء أبي المكارم عبد المحسن الكاظمي
سل جنة الشعر ما ألوى بدوحتها
حتى خلت من ظلال الحسن والطيب
ومن تصدى يرد السيل مزدحما
لما تحدر من شم الأهاضيب؟
ومن أغار على تلك الخيام ضحى
يبيح تقويضها من بعد تطنيب؟
هي المنية ما تنفك سالبة
فما تغادر حيا غير مسلوب
حق العروبة أن تأسى لشاعرها
وتذرف الدمع منهلا بمسكوب
وترسل الزفرة الحرى مصدعة
ضلوع كل عميد القلب مكروب
من للقريض عريقا في عروبته
يأتي بسحرين من معنى وتركيب؟
ومن لغر القوافي وهي مشرقة «كأوجه البدويات الرعابيب»؟ (أبا المكارم) قم في الحفل مرتجلا
مهذباتك لم تصقل بتهذيب
وأضرم النار إن القوم هامدة
قلوبهم، ذل قلب غير مشبوب
وانفخ إباءك في آنافهم غضبا
فقد تحرك أصنام المحاريب
تمكن الذل من قومي فلا عجب
ألا يبالوا بتقريع وتأنيب
ما أشرف العذر لو أن الوغى نثرت
أشلاءهم بين مطعون ومضروب
لكن دهتهم أساليب العداة وهم
ساهون لاهون عن تلك الأساليب
ويقنعون بمبذول يلوحه
مستعمروهم بتبعيد وتقريب
كأنهم لم يشيد مجد أولهم
على السيوف وأطراف الأنابيب
يا رائدا كل أرض أهلها عرب
يجتازها نضو تصعيد وتصويب
ومنشدا عندهم علما ومعرفة
بحالهم بين إدلاج وتأويب
هل جئت منهم أناسا عيشهم رغد؟
أم هل نزلت بقطر غير منكوب؟
أم أي راع بلا ذئب يجاوره
إن لم تجد راعيا شرا من الذيب؟ •••
تبوأ الكاظمي الخلد منزلة
يلقى من الله فيها خير ترحيب (أبا المكارم) أشرف من علاك وقل
أرى فلسطين أم دنيا الأعاجيب؟
وانظر إلينا وسرح في الحمى بصرا
عن الهدى لم يكن يوما بمحجوب
تجد قويا وفى وعد الدخيل ولم
يكن لنا منه إلا وعد عرقوب
ومر سبع وعشر في البلاد له
وحكمه مزج ترهيب وترغيب
قد تنتهي هذه الدنيا وفي يده
مصيرنا رهن تدريب وتجريب
حال أرى شرها في الناس منتشرا
وخيرها للمطايا والمحاسيب •••
هل في فلسطين بعد البؤس من دعة؟
أم للزمان ابتسام بعد تقطيب؟
كم حقق العزم والإعجال من أمل
وخاب قصد بإمهال وتقليب
17 / 6 / 1935
ناشدتك الإسلام
إلى فوز ...
يا (فوز) ويلي منك يا قاسيه
عذبتني ظلما، كفى ما بيه
أراك في اليوم ثلاثا ولا
أنال إلا النظرة الجافيه
والله لو تدرين ما قصتي
ما كنت عن حالي إذن راضيه
بل كنت لي عونا على غربتي
وكنت لي راحمة آسيه
مرضت أياما ولم تطلعي
ظللت فيها مهجتي داميه
أسأل عنك الناس مستخبرا
ولهان أدعو لك بالعافيه
حتى إذا أبللت يا منيتي
خفف عني الله بلوائيه
بشراك يا قلبي فقد أصبحت
تغدو إلى ملعبها ثانيه
مليكة ما بين أترابها
يا ليتني كنت مع الحاشيه
يا وردة ترسل أنوارها
فيضا على الكون من الرابيه
يا ربة المنديل من تحته
نبعة حسن ثرة صافيه
ناشدتك الإسلام لا تقتلي
أخاك في دينك يا قاسيه
تموز 1935
إلى ذات السوار
هبيني لا أسميك
ولا أظهر حبيك
وتلقى بيننا الحجب
فأحيا لا ألاقيك
هبي ما شئت؛ إن القل
ب، ما انفك يناجيك
ويرتاح إلى النجوى
وفي النجوى يحييك
ويطغى الليل والشوق
فيدعوك ويبكيك
ويستأنس بالصبح
لما يرويه عن فيك
1935
مرابع الخلود
توطئة
لما انجلت من حجب الزمان
مرابع الخلود والمغاني
ضاق على النفس الكيان الفاني
وعالم يغص بالأشجان
ويفجع القلوب بالأماني •••
لاح لها من الخلود ما استتر
وامتلك السمع عليها والبصر
وامتزجت مع النسيم في السحر
وارتفعت على أشعة القمر
شفافة علوية الألحان •••
ولم يطل بها المدى حتى دنا
أبعد ما ترجوه من غر المنى
هنا هياكل الخلود، وهنا
كل عظيم القدر وضاح السنا
فانطلقت مرسلة العنان
الخالدون
طافت على الملوك والقياصره
فانقلبت تقول وهي ساخره
أضخمكم أسطورة أو نادره
وإنما الخلود للعباقره
جبابر النفوس والأذهان •••
للأنبياء أرفع المقام
يحف بالجلال والإكرام
وعندهم روائع الإلهام
فيها الهدى والنور للأنام
وغاية الكمال في الإيمان •••
والشهداء بعدهم في المرتبه
أهل الفدى في الأمم المعذبه
صب الشهيد دمه وقربه
يقول: إن المهج المخضبه
أدفع للضيم عن الأوطان •••
واجتمع السحر إلى الفتون
بين ربى الخلود والعيون
قرائح من جوهر مكنون
تشع بالعلوم والفنون
وتغمر العالم بالإحسان •••
أولئك الشموس والبدور
دائمة الإشراق لا تغور
أفلاكها، ما كرت الدهور،
الحب والجمال والسرور
والخير والحكمة في الإنسان
في حضرة المتنبي
أصغيت للنفس تقول: ما ليه
طوفت في الخلود كل ناحيه
فما وجدت مثل تلك الرابيه
مشرفة على الوجود عاليه
عاتية وطيدة الأركان •••
رأيت ظلا شاملا ظليلا
يضم صرحا ماثلا جليلا
فارتد طرفي عنهما كليلا
إذا طلبت لهما تمثيلا «فالحدث الحمراء» في «بوان» •••
رأيت بيضا يعتنقن سمرا
هن النجوم يأتلقن زهرا
في يد كل فارس أغرا
يلتمس المجد الأثيل قسرا
والمجد لن يكون للجبان •••
رأيت غيدا من أعاريب الفلا
حمر الجلابيب غرائب الحلى
خلقن من حسن وفتنة فلا
تطرية ترى ولا تجملا
وهكذا فلتكن الغواني •••
ذاك الذي وقفن عن جنبيه
خلت ملوك الأرض في برديه
أو الأنام تحت أخمصيه
قيل اسجدي خاشعة لديه (فالمتنبي) سيد المكان •••
إن كنت ممن يصحب الكتابا
ويألف الطعان و الضرابا
ويهجر النديم والشرابا
جئت أعز خالد جنابا
وفزت بالإكرام والأمان •••
نكست رأسي ودنوت أعثر
فأين كسرى هيبة وقيصر؟
بين يديه أسد غضنفر
عليه من ضربة سوط أثر
يغني «ابن عمار» عن البيان
كافور خالد!
ومضحك مشقق الكعبين
أسود، لابي، بمشفرين
عهدته يشد بالأذنين
وقدره يرد بالفلسين
يوم تروج سلعة الخصيان •••
كان لمصر سبة وعارا
يوم أثار الشاعر الجبارا
لم أدر هل كان الهجاء نارا
أم عاصفا هيج أم تيارا
أم شق ذاك الصدر عن بركان؟
والحسد خالد!
وثم وحش فمه دامي الزبد
في جيده حبل غليظ من مسد
قلت: ألا أسأل ما هذا الجسد؟
قال: بلى؛ هذا غريمنا الحسد
مرتبك الأخلاط في شيطان •••
رأيته يطمس عينيه العمى
سعير قلبه طغى عليهما
قلت: وهذا خالد أيضا؟ فما
أعجب أن يبقى الأذى ويسلما
وينعم الشر بعمر ثان!! •••
تبسم الشاعر، ثم رددا
في الوحش نظرة كأنها الردى
قال: لئن نكد عيشي بالعدى
حتى دعوت ولدي «محسدا»
فإنه خلد في الهوان •••
تقدمي، يا نفس، واسأليني
عن أثر المفتاح في جبيني
بدلني بكيده اللعين
ذل الوجار من حمى العرين
حمى الملوك من (بني حمدان) •••
وما ابتلى الحسود إلا جوهرا
يتم نورا ويطيب عنصرا
والفضل لا بد له أن يظهرا
تحدث الأعصر عنه الأعصرا
وللحسود غمرة النسيان
خاتمة
عودي إلى دنياك، دنيا العرب
بجذوة تضرم روح الأدب
وتغمر الشرق بهذا اللهب
قد يسترد الحق بعض الكتب
وقد يكون المجد في ديوان
1935
رثاء أديب منصور
عرفت «أديبا» فأحببته
وسرعان ما غاب هذا الحبيب
ويا لهفي، الآن كلمته
وفي لحظة بات لا يستجيب
ويا حسرتي للردى، مزقت
يداه رداء الشباب القشيب
وكان نضيرا على منكبيه
فأصبح منه سليبا خضيب
دعاني البكاء فلبيته
جزوعا عليه بدمع صبيب
وسرت بموكبه خاشعا
أشيعه بين حفل مهيب
تفيض أكاليله طيبها
ودون شمائله كل طيب
وعدت عن القبر في العائدين
أمامي نحيب وخلفي نحيب
وفي كل نفس له لوعة
وفي كل قلب عليه لهيب
عرفت «أديبا» حميد الخصال
وأحببت فيه الذكي اللبيب
وروحا على القلب مثل النسيم
يهب فينعش قلب الكئيب
وكان قريرا بآماله
فأدعو له الله ألا تخيب
وكان يراها بعين الأريب
ولكن للدهر عين الرقيب
ويكلؤها بالنشاط العجيب
وللدهر في الناس شأن عجيب
تناول ذاك الفؤاد الخصيب
فأصبح وهو الفؤاد الجديب
وحطم بنيان آماله
بكفي لئيم خؤون رهيب •••
عزاء لكم، أيها الأقربون،
جميلا لنا فيه أوفى نصيب
لئن باعدت رحم بيننا
لقد كان فينا الحبيب القريب
بنا ما بكم من غليل الأسى
بقلب ألح عليه الوجيب
ومر بنا يومه «الأربعون»
يجدد لي ذكر يوم عصيب
فقدت فتى كان في أسرتي
ملاذ القريب وعون الغريب
أبيا على الضيم، عف اليدين،
نقي السريرة مما يريب
فذاك ابن عم، وهذا صديق
وذاك «عفيف»، وهذا «أديب»
11 أيلول 1939
بلا عنوان ...!
لم تزل تهجرني منذ سنين
ليتني أنعم يوما برضاك
كنت في روض أنيق فإذا
بحبيبين من الطير هناك
إن هما طارا يكونان معا
ومعا لفهما دوح الأراك
ليتنا يا هاجري مثلهما
في تعاطينا الهوى، لكن أراك
لم تزل تهجرني منذ سنين
ليتني أنعم يوما برضاك
ههنا نرجسة قبلها
عاشق هام بها يدعى نسيم
منحته طيبها يشفي به
كل ذي قلب من الهجر سقيم
ليتنا يا هاجري مثلهما
في تساقينا الهوى، لكن أراك
لم تزل تهجرني منذ سنين
ليتني أنعم يوما برضاك
في ظلام الليل لاحت نجمة
وهفا نجم إليها مطرقا
يا حبيب الروح ها إنهما
في عتاب وانقضى، فاعتنقا
ليتنا يا هاجري مثلهما
في تشاكينا الهوى، لكن أراك
لم تزل تهجرني منذ سنين
ليتني أنعم يوما برضاك
شمل الكون الرضا حتى غدا
وهو طيب وجمال وصفا
يا ملول القلب ما في الكون من
عاشقين اثنين إلا ائتلفا
فمتى يا هاجري منك الرضى؟
ومتى يصفو الهوى؟ لكن أراك
لم تزل تهجرني منذ سنين
ليتني أنعم يوما برضاك
1940
قصائد ومقطعات غير مؤرخة
اقتباسات من القرآن
1
مسهدون وهم حيرى محاجرهم
تنوطها بنجوم الليل أسباب
إن يخب للحب في أكبادهم قبس
سقتهم من شراب المهل أكواب
وكيف يبغون عن نار الهوى حولا «وعندهم قاصرات الطرف أتراب»
2
أنا بالرحمن من حو
ر، يكسرن جفونا
دارجات كحمام ال
أيك، يبهرن العيونا
قلت من هن وقولي
كان جهلا وجنونا
فانبرت منهن حسنا
ء، فأذكتني شجونا
وأجابتني ولم أدر
أجدا أم مجونا
نحن من سمناك وجدا «وفتناك فتونا»
3
كبدي من فراقها بين بينا
فمتى موعد اللقاء؟ وأينا؟
رب طير مهاجر غاب عنا
شاقه وكره فعاد إلينا
كنت تبكين لو رأيت بكائي
وقديما أبكى جميل بثينا
غير أني ألفت همي وغمي «فكلي واشربي وقري عينا »
عتاب إلى شعراء مصر
روضنا من رياضكم فينان
وثرانا من نيلكم ريان
وهوانا - لو تقدرون هوانا -
كل قلب منه لكم ملآن
وبرغم العدا أواصر قربا
نا وثاق لم تبلها الأزمان
وعيون يقظى روان إليكم
دمعها في مصابكم لا يصان
إن سررتم ففي فلسطين عيد
أو حزنتم لم تعدها الأحزان
قد رأوا بالقناة أن يقطعونا
فإذا الدين جسرها واللسان
وإذا بالقلوب تهفو على الني
ل ظماء يودي بها الخفقان
أحسن الله وردكم، هل يغيض الن
يل كأس يحيا بها ظمآن؟
جئتكم عاتبا بلابل مصر:
بلبل الروض عتبه ألحان
رفرف الشعر فوقكم بجناحي
ه، وفي ساحكم غذاه البيان
وتسامى صرح العروبة في مص
ر، وهل غيركم له أركان؟
كم بلاد تهزكم ليس فيها
لكم جيرة ولا إخوان
خطبنا لا يهز «شوقي» ولكن
جاء روما فهزه الرومان
خطبنا لا يهز حافظ إبرا
هيم لكن تهزه اليابان
ما لمطران يا فلسطين شأن
بك لكن له بنيرون شان
سيقولون قدست هذه الأر
ض، فما أن لنا بها شيطان
بل فلسطين بالشياطين ملأى
ضجت الإنس منهم والجان
إن بلوتم منهم فريقا فإنا
قد رمانا باثنين هذا الزمان
فإذا المال فات ذاك فهذا
قرم لا تفوته الأبدان •••
سيقولون: رب إخوان صدق
لك في مصر بينهم أضغان
قطعوا الوحي بالتقاطع عنا
إن هذا جزاؤه الحرمان
تلك شكوى تروعني كيف صاروا
فعساها ذكرى لهم كيف كانوا
ما لك والذكريات
ما لك والذكريات تذعرها
تثير مكنونها وتنشرها؟
موءودة في الشجون أدفنها
وفي زوايا السنين أذخرها
أذهل عنها وربما ذهلت
عني وقد جئت بي تذكرها
يا مسعر النار كيف أطفئها - سامحك الله - حين تسعرها
أما تراني يدي على كبدي
أكاد من زفرة أطيرها؟ •••
يا رب نفس لله مسلمة
قام نبي الهوى ينصرها
أعيا على الدهر غمز جانبها
ما بال غمز العيون يقهرها؟
كلفتها السير والسرى شغفا
ألذ حال الغرام أخطرها
خلفت بيروت منعما طلبا
للكرمليات حيث «عزورها»
بلغتها والظلام مشتمل
على البرايا والنوم يسكرها
ألتمس الباب لا أفوز به
أطوف بالدار لست أبصرها
حتى هداني وميض سارية
أعقبه قاصف يفجرها
سعيت للباب ثم أطرقه
أقفاله الصلب لو أكسرها
ما تنثني نفس طالب وردت
ظمأى ومرعى الحمام مصدرها
وانفتح الباب عن مصلبة
خيفة شر هناك ينذرها
قلت: مسا الخير، هل لملتجئ
لديك نعمى هيهات يكفرها؟
قالت: على الرحب! قلت: هل نزلت
آنسة داركم تعمرها؟
قالت: أخوها؟ فقلت: «ذاك أنا»
قالت: «أنسعى لها نخبرها؟
قد أخذ النوم جفنها مللا
بعد انتظار، ترى أنشعرها؟»
قلت: «دعيها غدا أفاجئها
أحلامها الغر لا أنفرها
أقضي رقادي في غير مضجعها
أخشى إذا استيقظت أسهرها»
قالت: «ترى الضوء؟ ذاك مضجعها
كن جارها، والصباح تبدرها
أراك برا بها ورب أخ
مغرى بأخت له يكدرها»!
قرابة المكر أصبحت ثقة
أعشق بعض القلوب أمكرها
يا لك بلهاء ودعت ومضت
أثني على لطفها وأشكرها •••
زجرا، وهيهات لات مزدجر
أية نفس هوجاء أزجرها؟
صبرك يا نفس، لات مصطبر
ما لم تكن جارتي تصبرها
لم أدر حين انسللت أطلبها
خطى المحبين، من يسيرها
حورية في السرير راقدة
ود «رفائيل» لو يصورها
يا معدن الحسن أنت معدنها
يا جوهر الحب أنت جوهرها
عاطفة جيدها، موسدة
ذراعها والدموع تغمرها
والوجه والصدر باديان سوى
ما انثال من فرعها يخمرها
والشوق بين الضلوع أعرفه
من زفرة كالسعير تزفرها
يصيبني لفحها على كبد
في برح الشوق ذاب أكثرها
وثم رمانة قد اضطربت
واقتربت تربها تحذرها
تقول: أختاه تحتنا لهب
يصهرنا دائبا ويصهرها •••
إن أنس لا أنس وجهها وبه
غب انتظاري باد تحيرها
ألمح بين الجفون لؤلؤة
فاز بها النوم وهو يأسرها
أطبق أهدابها فقيدها
لولا اضطراب يكاد ينثرها •••
يا معدن الحسن أنت معدنها
يا جوهر الحب أنت جوهرها
قيد ذراعي غصون بانتها
آوي إلى ظلها وأهصرها
أناشيد
نشيد بطل الريف عبد الكريم الخطابي
في ثنايا العجاج
والتحام السيوف
بينما الجو داج
والمنايا تطوف
يتهادى نسيم
فيه أزكى سلام
نحو «عبد الكريم»
الأمير الهمام
ريفنا غابنا
نحن فيه الأسود
ريفنا نحميه
كلنا يعجب
بفتى المغرب
كلنا يطرب
لانتصار الأبي
أين جيش العدا
إن دعا للجهاد؟
أصبحوا أعبدا
بالسيوف الحداد
ريفنا غابنا
نحن فيه الأسود
ريفنا نحميه
طالما استعبدوا
وأذلوا الرقاب
أيها الأيد
جاء يوم الحساب
فليذوقوا الزعاف
بالظبا والأسل
ولنعل الهتاف
للأمير البطل
ريفنا غابنا
نحن فيه الأسود
ريفنا نحميه
وداع
لا تقل لله لبنان الأشم
لا تقل أشتاق ألحان الخضم
عش كما أهواك مكفوفا أصم
يا فؤادي واسل أيام الهوى •••
هل رأيت الروض أيام الخريف
ذابل الأزهار مسلوب الحفيف
متواري الحسن في الغيم الكثيف
يا فؤادي، أين أيام الهوى؟ •••
هل رأيت الطير في الروض يدور
هائما يبحث عن عهد السرور
مرغما ينساق والريح تثور
يا فؤادي، أين أيام الهوى؟! •••
لا تسلني يا فؤادي عن هناء
لك في الروض وفي الطير عزاء
إنما العمر نعيم وشقاء
يا فؤادي، وهنا ضل الهوى!
5 كانون الثاني 1926
نشيد البراق
لحن بدوي
لنا البراق والحرم
لنا الحمى، لنا العلم
أرواحنا، أموالنا
فدى البراق والحرم •••
نحن الشباب المسلم
والله لا نسلم
نموت أو نكرم
فدى البراق والحرم •••
دم العربي إن أبى
يجري على حد الظبى
وحقنا أن نغضبا
فدى البراق والحرم •••
شبابنا أهل الوفا
العار أن نوقفا
سيروا بحق المصطفى
فدى البراق والحرم •••
لا تسمعوا كذب الوعود
أعداؤنا خانوا العهود
دوسوا على روس اليهود
فدى البراق والحرم •••
شبابنا سدوا الصفوف
قوموا عليهم بالألوف
الله ما أحلى الحتوف
فدى البراق والحرم
23 أغسطس 1929
وطني أنت لي
وطني أنت لي والخصم راغم
وطني أنت كل المنى
وطني إنني إن تسلم سالم
وبك العز لي والهنا •••
يا شبابنا انهضوا
آن أن ننهضا
ولنعل الوطن
فلنعم الوطن
وانهضوا وارفعوا
عاليا مجدكم خالدا ساميا •••
وطني مجده في الكون أوحد
وطني صافح الكوكبا
وطني حسنه في الكون مفرد
جنة سهله والربى •••
يا شبابنا انهضوا
آن أن ننهضا
ولنعل الوطن
فلنعم الوطن
وانهضوا وارفعوا عاليا
مجدكم خالدا ساميا •••
وطني حيث لي محب ينطق
بلساني وما أشعر
وطني حيث لي فؤاد يخفق
وبه رايتي تنشر •••
يا شبابنا انهضوا
آن أن ننهضا
ولنعل الوطن
فلنعم الوطن
وانهضوا وارفعوا عاليا
مجدكم خالدا ساميا
27 أيلول 1929
فتية المغرب
فتية المغرب هيا للجهاد
نحن أولى الناس بالأندلس
نحن أبطال فتاها «ابن زياد»
ولها نرخص غالي الأنفس •••
قف على الشاطئ وانظر هل ترى
لهب النار وآثار السفين
يوم لا «طارق» عاد القهقرى
لا، ولا آباؤنا أسد العرين •••
يوم لا عزم الجبال الراسيات
مشبه عزم شباب المغرب
لا ولا همة بحر الظلمات
أشبهت همة جيش العرب •••
يا فتى المغرب سلها من بنى
دارها الحمراء تسمع عجبا
فأعدها لذويها وطنا
تحسد الدنيا عليه العربا •••
نحن أهلوها وإن هبت صبا
من رباها فعلينا أولا
جنة الفردوس هاتيك الربى
كيف تبقى لسوانا نزلا؟
20 تشرين الأول 1929
نشيد فلسطين
ديننا حبك يا هذا الوطن
سرنا فيه سواء والعلن
فارو يا تاريخ واشهد يا زمن •••
قد رأينا النار يعلوها الرماد
يا فلسطين فقمنا للجهاد
ونفضنا الذل عنا والرقاد
ونهضنا نهضة تحيي البلاد •••
ديننا حبك يا هذا الوطن
سرنا فيه سواء والعلن
فارو يا تاريخ واشهد يا زمن •••
المسيحي أخ للمسلم
يا فلسطين بقلب وفم
فانشري حبهما في العلم
رمزنا عقد الثريا في الدم •••
ديننا حبك يا هذا الوطن
سرنا فيه سواء والعلن
فارو يا تاريخ واشهد يا زمن •••
حرم طهره فادي الورى
وإليه المصطفى ليلا سرى
وكذا البيعة حيث عمرا
حبنا حب أبى أن ينكرا •••
ديننا حبك يا هذا الوطن
سرنا فيه سواء والعلن
فارو يا تاريخ واشهد يا زمن •••
لا حمى مثل فلسطين حمى
مجدها سطر في لوح السما
أي مجد مثله مهما سما
إنه نور يضيء الأنجما •••
ديننا حبك يا هذا الوطن
سرنا فيه سواء والعلن
فارو يا تاريخ واشهد يا زمن •••
يافلسطين دمي وقف على
أن تفوقي الشمس مجدا وعلا
وعلى العهد ألا أقبلا
بك ملك الأرض طرا بدلا •••
ديننا حبك يا هذا الوطن
سرنا فيه سواء والعلن
فارو يا تاريخ واشهد يا زمن
2 تشرين الثاني 1929
موطني
موطني الجلال والجمال
والسناء والبهاء
في رباك
والحياة والنجاة
والهناء والرجاء
في هواك
هل أراك
سالما منعما
وغانما مكرما؟
هل أراك
في علاك
تبلغ السماك؟
موطني •••
موطني الشباب لن يكل
همه أن تستقل
أو يبيد
نستقي من الردى
ولن نكون للعدى
كالعبيد
لا نريد
ذلنا المؤبدا
وعيشنا المنكدا
لا نريد
بل نعيد
مجدنا التليد
موطني •••
موطني الحسام واليراع
لا الكلام والنزاع
رمزنا
مجدنا وعهدنا
وواجب إلى الوفا
يهزنا
عزنا
غاية تشرف
وراية ترفرف
يا هناك
في علاك
قاهرا عداك
موطني
العمل
مجد البلاد
بالشباب العاملين
والاجتهاد
للعلى نهج مبين
هبوا إذن
واجنوا الثمن
عز الوطن
مدى السنين •••
إن العمل
يحيي الأمل
سر الوجود
فيه نسود
في العالمين •••
ما للكسول
قيمة بين الملا
ولا الخمول
سلم إلى العلا
إن الهمم
تبني الأمم
خير الشيم
أن نعملا •••
إن العمل
يحيي الأمل
سر الوجود
فيه نسود
في العالمين •••
عزم الشباب
قوة لا تغلب
ولا يهاب
أي هول يركب
لا ينثني
أو يجتني
للوطن
ما يطلب •••
إن العمل
يحيي الأمل
سر الوجود
فيه نسود
في العالمين
نشيد رثاء غازي
راية روعها خطب عراها
خفقت والهة فوق ذراها
والصبا مرت بها نائحة
جزعا تنعي إلى الدنيا فتاها
يا رايتي تجملي
وبعد غازي أملي
واعتصمي بفيصل
أمنية المستقبل •••
كعهد غازي أشرفي
على الحمى ورفرفي
منيعة بفيصل
ريحانة المستقبل •••
يا سليل المرهفات الباترات
وابن رايات المعالي الخالدات
نم رضي البال وانعم إنما
عهدنا عهدك عزم وثبات
نم بالهنا فإننا
وراء تحقيق المنى
نبني بهن الوطنا
فيعتلي ويعتلي •••
ولم نزل له الفدا
حتى ينال الفرقدا
مكرما مخلدا
مؤيدا بفيصل
1939
أشواق الحجاز
لحنه وغناه حليم الرومي، وأذيع من هنا القدس، وهو موجود.
بلاد الحجاز إليك هفا
فؤادي وهام بحب النبي
ويا حبذا زمزم والصفا
ويا طيب ذاك الثرى الطيب
ذكرى الهادي، والأمجاد
ملء الوادي، والأنجاد
أثر الهمم، منذ القدم
حول الحرم، أبدا باد
بلاد الكرام شموس الهدى
عليك سلامي مدى سرمدا •••
هنيئا لمن حضر المشهدا
وطاف بكعبة ذاك الحرم
ومن قبل الحجر الأسودا
وظلله الركن لما استلم •••
بروحي ربوع النبي الأمين
وصحب النبي هداة الملا
ومشرق نور الكتاب المبين
عماد الحياة وركن العلا
ذكرى الهادي والأمجاد
ملء الوادي والأنجاد
أثر الهمم منذ القدم
حول الحرم أبدا باد
بلاد الكرام شموس الهدى
عليك سلامي مدى سرمدا
1939
صفحة غير معروفة