197

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محقق

علي الرضا الحسيني

الناشر

دار النوادر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هجري

مكان النشر

سوريا

تصانيف

والكتاب: القرآن، ووصفه بكونه من عند الله إيماء إلى أن ما يوحي به الخالق- جل شأنه - جدير بأن يُتلقى بالقبول وحسن الطاعة. و﴿لِمَا مَعَهُمْ﴾؛ أي: مع اليهود: التوراة. ومعنى كون القرآن مصدقًا لما معهم من التوراة: أنه موافق لها فيها يختص ببعث النبي ﷺ ونعته.
﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾:
﴿يَسْتَفْتِحُونَ﴾: يستنصرون؛ من الاستفتاح، وهو طلب الفتح؛ أي: النصرة.
و﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: المشركون. وقد كان اليهود يستنصرون على أعدائهم من المشركين بالنبي ﷺ قبل بعثته، فيقولون: اللهم انصرنا عليهم بالنبي الذي نجد نعته في التوراة. ولإيراد ما اشتملت عليه التوراة والإنجيل من النصوص الواردة في بعثة النبي ﷺ وصفته، مقامٌ غير هذا المقام.
﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾:
﴿مَا عَرَفُوا﴾: نبوة النبي ﷺ، أو القرآن المشار إليه فيما سبق بقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. ومعرفتهم للنبوة أو القرآن - أي: صدقهما- حصلت بنظرهم في علامات النبي الموعود به في التوراة وصفاته، ومعرفتهم لتحققها في النبي محمد ﵊.
وإيضاح هذا: أن انطباق العلامات والصفات الواردة في التوراة على النبي- صلوات الله عليه -، مع ما انضم إليه من آيات صدقه الأخرى، يجعل اليهود على معرفة لا يخالجها ريب بأن نبوته صادقة، وكتابه وحي سماوي، ولكن فوات ما كانوا يحرصون عليه من أن يكون خاتم النبيين منهم، ملأ قلوبهم غيظًا وحسدًا، وأخذ هذا الغيظ والحسد يغالب تلك المعرفة حتى

1 / 163