موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
محقق
علي الرضا الحسيني
الناشر
دار النوادر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هجري
مكان النشر
سوريا
تصانيف
أحب، والهوى يكون في الحق، ويكون في الباطل، وعلى هذا الوجه ورد قوله تعالى: ﴿بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ﴾.
و﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾: تكبرتم، والتكبر ينشأ عن الإعجاب بالنفس الذي هو أثر الجهل بها.
﴿فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾:
هذا معطوف على قوله تعالى: ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾، والمعنى: أنه كلما جاءكم رسول، استكبرتم عن إجابة دعوته؛ ازدراء له، فبادرتم فريقًا من الرسل بالتكذيب فقط؛ حيث لا تقدرون على قتلهم، وأقبلتم على فريق منهم بالقتل؛ حيث تقدرون على قتلهم، وقدم تكذيبهم للرسل على قتلهم إياهم؛ لأن التكذيب أول ما يصدر عنهم من الشر.
وعبّر في جانب القتل بالفعل المضارع، فقال: ﴿تَقْتُلُونَ﴾، ولم يقل: قتلتم كما قال: ﴿كَذَّبْتُمْ﴾؛ لأن الفعل المضارع- كما هو المألوف في أساليب البلاغة- يستعمل في الأفعال الماضية التي بلغت من الفظاعة مبلغًا عظيمًا، ووجهه: أن المتكلم يعمد لذلك الفعل القبيح؛ كقتل الأنبياء، ويعبر عنه بالفعل المضارع الذي يدل بحسب وضعه على الفعل الواقع في الحال، فكأنه أحضر صورة قتل الأنبياء أمام السامع، وجعله ينظر إليها بعينه، فيكون إنكاره لها أبلغ، واستفظاعه لها أعظم.
﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾:
هذا حديث عن اليهود الذين كانوا في زمن النبي ﷺ، وهو حكاية ما كانوا يقولون على سبيل الاعتذار عن عدم إيمانهم به. والغلف: جمع أغلف، ووصف القلوب بها على معنى: أن عليها أغشية تمنع ما جئت به
1 / 161