موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
محقق
علي الرضا الحسيني
الناشر
دار النوادر
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هجري
مكان النشر
سوريا
تصانيف
أن ينشأ فيهم من يناوئ سلطانه، ويعمل لتقويض أركان عرشه، وقد وقع ما تخوف منه؛ إذ نهض موسى- ﵇ ببني إسرائيل، وسار بهم في طريق النجاة، فسقط عرشه، ومات غريقًا، ونُجي ببدنه ليكون لمن خلفه آية.
﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾:
البلاء في الأصل: الاختبار والامتحان، ويكون في الخير والشر. قال تعالى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥]. وقال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨]. فالله يبتلي الناس بالسراء ليشكروا، ويبتليهم بالضراء ليصبروا، أو ليقلعوا عما يتعرضون له من سخطه وأليم عقابه. والمتبادر من نظم الآية أن المشار إليه بقوله: ﴿وَفِي ذَلِكُمْ﴾ هو سوء العذاب الذي كان فرعون يسومهم إياه. ونسبة البلاء إلى الله إذ قال: ﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾ من جهة أنه سلط عليهم آل فرعون. ووصف البلاء بالعظم، فقال: ﴿عَظِيمٌ﴾؛ لأن تذبيح الأبناء واستحياء البنات من أعظم البلاء الذي ينزل بالأمة على أيدي أعدائها.
﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾:
الفَرْق: الفصل بين الشيئين، يقال: فرق كذا؛ أي: فصل بعضه عن بعض.
و﴿الْبَحْرَ﴾: الماء الكثير مجتمعًا بمكان، ملحًا كان أم عذبًا. والواقعة تقتضي أنه بحر يصل مصر بالأرض المقدسة. وقال المفسرون: هو بحر القلزم "البحر الأحمر".
وقد انفلق البحر عند انتقال موسى ﵇ ببني إسرائيل إلى
1 / 96