الفصل الرابع عشر
في ذكر وفاته وكثرة من صلى عليه وشَيَّعه
أخبرني غيرُ واحد ممن كان حاضرًا بدمشق حين وفاته ــ ﵁ قال: إنّ الشيخ ــ قدّس الله روحه ــ مرض أيامًا يسيرة، وكان إذ ذاك الكاتب شمس الدين الوزير (^١) بدمشق المحروسة، فلما علم بمرضه استأذن في الدخول عليه لعيادته، فأذن الشيخ له في ذلك، فلما جلس عنده أخذ يعتذر له عن نفسه، ويلتمس منه أن يحلّه مما عساه أن يكون قد وقع منه في حقّه من تقصير أو غيره، فأجابه الشيخ ــ ﵁ ــ بأني قد أحللتك وجميع من عاداني وهو لا يعلم أنّي على الحقّ، وقال ما معناه: إني قد أحللت السلطان المعظّم الملك الناصر من حبسه إيّاي؛ كونه فعل ذلك مقلِّدًا غيره معذورًا، ولم يفعله لحظّ نفسه، بل لما بلغه ممّا ظنّه حقًّا من مُبلِّغه، والله يعلم أنه بخلافه، وقد أحللتُ كلَّ واحد مما بيني وبينه، إلا من كان عدوًّا لله ورسوله.
قال: ثم إن الشيخ بقي إلى ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة الحرام، وتوفي إلى رحمة الله تعالى ورضوانه في بكرة ذلك اليوم، وذلك من سنة ثمانٍ وعشرين وسبع مائة، وهو على حاله، مجاهدًا في ذات الله تعالى، صابرًا، محتسبًا، لم يجبن، ولم يهلع، ولم يضعف، ولم يتتعتع، بل