أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية
محقق
الضعفاء - وأجوبته على أسئلة البرذعي
الناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة النبوية
رقم الإصدار
١٤٠٢ هـ
سنة النشر
١٩٨٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
الخصومات أبناءهم حتى جاءهم عدوهم فاستباح بيضتهم بعد أن وجد الحالقة حلت بهم. ولقد لعب أبو زرعة دورًا بارزًا متميزًا عن غيره في هذه المناظرات ومجالس الجدل وكان نشيطًا في نشر السنة وحث الناس على الالتزام بها، ومما زاده حماسًا لذلك صلته السابقة بأهل الرأي أيام كان حدثًا صغيرًا يطلب العلم، فيصف حاله بقوله: "كان أهل الري قد افتتنوا بأبي حنيفة وكنا أحداثًا نجري معهم، ولقد سألت أبا نعيم عن هذا وأنا أرى أني في عمل، ولقد كان الحميدي يقرأ كتاب الرد ويذكر أبا حنيفة وأنا أهم بالوثوب عليه حتى منَّ الله علينا … " (^١).
ويبدو أن السبب في تحوله عن مذهب أهل الرأي اتصاله بالأئمة المحدثين، واقتناعه برجحان مذهبهم، وخاصة اتصاله وصلته بالإمام أحمد ابن حنبل، إضافة إلى ذلك نفرته من بعض الآراء والأقوال في المعتقد التي كان أهل الرأي يوافقون بعض الفرق الكلامية فيها كالقول في مسألة خلق القرآن والتي أصبحت الحدَّ الفاصل بين الناس لاسيما إبان محنة الإمام أحمد (^٢)، وكذلك اتهام الإمام أبي حنيفة وأتباعه باعتناق مذهب الجهمية وكذا القول بالإرجاء، قال ابن عبد البر: (كثير من أهل الحجاز استجازوا الطعن على أبي حنيفة لرده كثيرًا من أخبار العدول، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما أجمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن، فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذًا، وكان مع ذلك يقول: الطاعات من الصلاة وغيرها لا تسمى إيمانًا، وكل من قال من أهل السنة: الإيمان قول وعمل ينكرون قوله ويبدّعونه بذلك، وكان مع ذلك محسودًا لفهمه وفطنته" (^٣)، لذا أصبح إمامنا يحمل راية أهل الحديث وكان يصدر الأوامر بمقاطعة الذين يلتحقون بجماعة أهل الرأي، والامتناع عن كتابة الحديث عنهم، فمثلًا يحيى بن محمد بن يحيى أبو بشر البصري نزيل الريّ قال عنه أبو حاتم: "قدم الري وكان صحيح الحديث، ولحق بابن مقاتل فنهى أبو
_________
(^١) انظر: أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي ورقة (٣٦ - ب- ٣٧ - م).
(^٢) سأذكرها في فصل الدفاع عن بعض الأئمة …
(^٣) انظر: الانتقاء لابن عبد البر ص ١٤٩، وجامع بيان العلم ج ٢ ص ١٤٨ - ١٤٩.
1 / 35