أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية
محقق
الضعفاء - وأجوبته على أسئلة البرذعي
الناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة النبوية
رقم الإصدار
١٤٠٢ هـ
سنة النشر
١٩٨٢ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
قال: "ثم بعد وفاة النبي ﷺ كان بعض الصحابة يرخص في كتابة العلم، وبعضهم لا يرخص في ذلك. ودرج التابعون أيضًا على مثل هذا الاختلاف" (^١).
ولما وقعت الفتنة الظلماء، والمحنة الدهياء بمقتل صهر رسول الله ﷺ وثالث الخلفاء عثمان بن عفان شهيد الدار ﵁، ركب الناس الصعب والذلول، وهاجوا وماجو وولجوا الفتن وزين لهم إبليس - لعنه الله - المعاصي ملبّسة بثياب الطاعات، أخذ رؤوس الفتن ومشايعوهم يضعون الأحاديث لنصرة مذهبهم، ولزيادة سوادهم، وإضلال الناس عن دينهم، إضافة إلى ذلك دور الزنادقة والشعوبيين وأبناء المجوس وغيرهم ممن ادعى محبة أهل بيت النبي الكريم، وهم يضمرون للإسلام الشر الدفين، وكذا القصاص، والجهال من الصالحين (^٢).
فهبّ رجال شرح الله صدورهم للتقوى، وجعل في قلوبهم الحمية والغيرة على سنة نبيه الكريم ﷺ، فأخذوا يفتشون عن الرجال ويميزون الأصيل من الدخيل، والمستقيم من الإفك المبين، ونذروا أنفسهم لله، وتركوا الأهل والأحباب والديار والأتراب، وشدوا الرحال، وأخذوا بالأسباب، وبحثوا عن آثار المصطفى ﷺ حيث نزل الأصحاب ﵃ وصبروا على تدوينها، وصابروا على حفظها، وتظافرت الجهود، والتحمت الأفكار، فوضعوا قوانين للسنة النبوية، وميزوا بين الرجال العدول الثقات، عن المجروحين والكذابين وصنفوهم حسب الأمصار أو الطبقات، وميزوا بين من تشرف بمرتبة الصحبة، عمن انتحلها أو وهم فيه، واهتموا بالإسناد، وعدوه من عدتهم، حتى إن سفيان الثوري قال: " الإسناد سلاح المؤمن" (^٣)، وقال ابن مبارك: "الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" (^٤).
_________
(^١) انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب، ص ٦٤.
(^٢) انظر: المجروحين ج ١، ص ٦٢ - ٨٨.
(^٣) المجروحين لابن حبان ج ١، ص ٢٧.
(^٤) المجروحين لابن حبان ج ١، ص ٢٧.
1 / 7