قال: نعم.
قال: وقد ذكر في شهادة ولادتك أنك ابن رجل بستاني.
قال: ليس هذه الشهادة شهادة ولادتي أنا، بل إنها شهادة ولادة ابن البستاني الذي مات ليلة تنصيري.
قال: هو ذاك، ولكنك ربيت في بيت ذلك البستاني فبت منتسبا إليه، ثم إن مسجل الوفيات في تلك القرية يثبت أن ابن الكونت دي نيفيل مات ودفن في يوم كذا وعام كذا.
قال: إن ابن البستاني هو الذي دفن وليس ابن الكونت. - إني واثق بما تقول ولكن أين البرهان؟ إن برهانك الوحيد هو هذه الخصلة البيضاء في شعرك، وهو برهان قد يقنع العلماء والأطباء ولكنه لا يقنع المحاكم، وفوق ذلك فإن خصمك هو عمك البارون دي نيفيل، وهو خصم غني عنيد قوي، فكيف تثبت أنه نومك بمخدر، وأنه شحنك في صندوق كما يشحنون البضائع؟ إن كل ما قلته أكيد، وقد تبينت صدقك من لهجتك ومن عينيك، ولكن رجال القضاء لا يثقون بهذه الأقوال.
قال: ولكني واثق أن أمي إذا رأتني ...
لقد أخبرتك بما كان من مصير أمك، فقد ذهب عقلها، وهي الآن في مستشفى المجانين.
قال: قد يمكن شفاؤها.
أجاب: هذا ما يدعيه الأطباء، لكن لنفرض أن هذا الجنون الذي أصابها حين علمت أنك في قيد الحياة، قد يذهب حين تراك، وترى ذلك الشبه العظيم بينك وبين أبيك، أتحسب أنهم يصدقون أقوالها؟ كلا، بل يقولون إنها ازدادت جنونا، فإن كل حكايتك تشبه الحكايات الموضوعة، ولا تحتمل التصديق.
ثم إنها معقدة؛ إذ يجب في البدء أن يكون هذا البستاني في قيد الحياة ، وأن يعترف بالحقيقة أمام المحاكم، وألا يكون اشتهر عنه أنه أصيب بالجنون، فأنت ترى أن إثبات حقيقة مولدك ضرب من المحال، وأنك سيئ البخت كما لقبوك.
صفحة غير معروفة