ولم يكد صاحب هذا القول يتم جملته حتى قرع جرس الباب الخارجي، فصاحت الأم قائلة: قد أتى زائر جديد.
وبعد هنيهة دخل رئيس الخدم فقال لصاحب المنزل: إن بالباب يا سيدي الكونت مسافرا يلتمس الضيافة ، فأدخلته دائرة المطبخ، وأتيت أسأل سيدي إذا كان يأذن له بزجاجة خمر يشربها داعيا لابنك الفيكونت.
فقال له الكونت: لقد تسرعت، فأخطأت بإدخاله المطبخ، فأدخله في هذا المكان، فإننا في يوم عيد، أتمنى أن يشترك به معنا جميع الناس.
قال: ولكنه يا سيدي زري الملابس، ويصحبه كلب.
قال: أعطه ملابس غيرها، وليدخل مع كلبه، فإننا نتفاءل خيرا بالكلاب.
فخرج الخادم ممتثلا، وبعد هنيهة دخل الرجل وكلبه في تلك القاعة التي كانت تتلألأ بالأنوار، ووقف عند بابها، فخيل لجميع الحضور حين رأوه أن تلك الأنوار قد اصفر شعاعها، وداخل قلوبهم شيء من الرعب لم يعرفوا سببه.
الفصل الرابع
غير أن الأعجب من ذلك أن الخادم حين ذهب بالملابس الجديدة إلى ذلك المسافر وجد أن ثيابه التي كانت المياه تقطر منها قد نشفت، وأن الثقوب التي كانت في ثوبه قد سدت كأنها رفئت، فنظر المسافر إلى الخادم نظرة احتقار، وقال له: أعد هذه الثياب إلى موضعها، فإن ملابسي تفضل ملابس مولاك، ثم تركه وذهب إلى القاعة التي كانوا ينتظرونه فيها.
فلما رآه صاحب المنزل نهض لاستقباله، وقال له: أهلا بك من قادم يا سيدي أيا كنت.
قال: إني رجل فاجأتني العاصفة في الطريق، فلم أجد فندقا أأوي إليه، وقد رأيت أنواركم المتألقة، وسمعت صوت ضحككم، فعلمت أنكم في حفلة أنس، ففكرت في التطفل عليكم كي أأمن شر العاصفة، فقال صاحب المنزل: حسنا فعلت، وقد أتيت على الرحب والسعة، فإن أبواب منزلي مفتوحة للأضياف.
صفحة غير معروفة