وسأل الحر: أتريد أن تصلي أنت بأصحابك وأصلي بأصحابي؟
فقال الحر: بل نصلي جميعا بصلاتك. •••
ثم تياسر الحسين إلى طريق العذيب، فبلغها وفرسان عبيد الله يلازمونه، ويصرون على أخذه إلى أميرهم، وصده عن وجهته حيثما اتجه غير وجهتهم، فأقبل عليهم يعظهم وهم يصغون إليه، فقال:
أيها الناس! إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال: «من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله.» ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالغي، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيري، وقد أتتني كتبكم ورسلكم ببيعتكم وأنكم لا تسلمونني ولا تخذلونني، فإن بقيتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم، وأنا الحسين بن على وابن فاطمة بنت رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، نفسي مع أنفسكم وأهلي من أهلكم، فلكم في أسوة. وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدي، وخلعتم بيعتي، فلعمري ما هي لكم بنكير، والمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم. ومن نكث فإنما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم، والسلام.
فأنصت الحر بن يزيد وأصحابه، ثم توجه إليه يحذره العاقبة، وينبئه: «لئن قاتلت لتقتلن!»
فصاح به الحسين: أبالموت تخوفني! ما أدرى ما أقول لك، ولكني أقول كما قال أخو الأوس لابن عمر وهو يريد نصرة رسول الله، فخوفه ابن عمر وأنذره أنه لمقتول فأنشد:
سأمضي وما بالموت عار على الفتى
صفحة غير معروفة