فالتفت الدهقان إلى ابنته وابتسم كأنه يقول لها: «ألم أقل لك ذلك؟» ثم التفت إلى الضحاك وقال: «كيف تقول ذلك والأمويون لا يزالون أهل سلطان، وخليفتهم في الشام عنده الجند والأعوان، ألا تظنه ينجد هذه المدينة وينقذها من أصحاب الكرماني؟»
فقهقه الضحاك قهقهة عظيمة وقال: «مسكين نصر بن سيار! لقد بح صوته وهو يستنجد بني أمية وينذرهم بسوء المغبة، إن لم ينجدوه، وما من مجيب. وقد بلغني أنه استعان في إقناع الخليفة بالشعر، فنظم له قصيدة قال له فيها.
أرى بين الرماد وميض نار
وأخشى أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب مبدؤها كلام
فقلت من التعجب ليت شعري
أأيقاظ أمية أم نيام؟ «أتدري بماذا أجابه الخليفة على ذلك؟»
قال الدهقان: «بماذا أجابه؟»
قال: «كتب إليه أن الشاهد يرى ما لا يراه الغائب.» وضحك ضحكة طويلة «ولم يسعفه بشيء.»
صفحة غير معروفة