قال: «يجب أن نمهد السبيل قبلا؛ خوفا من الفشل، وأرى أن يكون ذلك بمخاطبة كبار الأمراء سرا. ولولا انشغالي فيما هو أهم من ذلك لما تكلفت المشقة في تبغيض أبي مسلم إلى اليمنية أكثر من إطلاعهم على حيلته في إلقاء الفتنة بينهم وبين المضرية. وهو الرأي الذي أشرت به وعرضته عليه يوم وصوله، كما تعلمون، فإذا اطلعوا على هذا السر مع ما في قلوبهم من الكره الطبيعي للفرس اتحدوا معنا لا محالة، فما قولكم؟»
فلم يتمالكوا أن صاحوا بصوت واحد: «هذا هو الرأي الصائب.»
فوقف شبيب وهو يتوكأ على كتف الأمير شيبان ويقول: «دعوني أذهب الآن.»
فصاح شيبان: «إلى أين؟»
قال: «إلى أبي مسلم.»
قال: «إلى أبي مسلم؟ ولماذا؟»
قال: «لأعيد إليه خاتمه؛ فقد وعدته بذلك، وينبغي أن أفي بالوعد لتتم لنا الحيلة، ولكي أستمهله ريثما أقتل ذلك المغرور.»
الفصل التاسع والثلاثون
رد الخاتم
فوقف شبيب ووقف سائر الأمراء، فلم يمهلهم إلا لحظة وخرج مسرعا ولم يقل شيئا، فلما خرج عادوا إلى مجلسهم وهم معجبون بتدبيره ودهائه، ولبثوا هنيهة يتداولون في ذلك الموضوع وقد انشرحت صدورهم، واطمأنت نفوسهم، وأيقنوا بنجاح مسعاهم، ثم انتبهوا لما كانوا فيه من سماع القصاص ونقره، فصفق الأمير شيبان، فدخل أحد الغلمان، فصاح فيه: «إلي بالقصاص. أين هو؟»
صفحة غير معروفة