أبو هريرة راوية الإسلام
الناشر
مكتبة وهبة
رقم الإصدار
الثالثة، 1402 هـ - 1982
إن نظرة مجردة عن الهوى تدرك أن ما روي عن أبي هريرة من الأحاديث لا يثير العجب والدهشة، ولا يحتاج إلى هذا الشغب الذي اصطنعه أهل الأهواء، وأعداء السنن، وإن ما رواه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سواء سمعه منه أو من الصحابة لا يشك فيه لقصر صحبته، بل إن صحبته تحتمل أكثر من هذا، لأنها كانت في أعظم سنوات دولة الإسلام دعوة ونشاطا وتعليما وتوجيها في عهد رسول الله - عليه الصلاة والسلام -.
أما طعن المؤلف في حدين الوعاءين، وتهكمه على أبي هريرة، واستهزاؤه بما في وعائه من العلم الذي لم ينشره، وتساؤله عن ذلك العلم، كل هذا قد طرقه العلماء قبله وبينوا أن ما عنده مما لم ينشر لا يتعلق بالأحكام أو الآداب، وليس مما يقوم عليه أصل من أصول الدين، بل بعض أشراط الساعة، أو بعض ما يقع للأمة من الفتن (1) ويدل على ذلك حديثه الذي ذكر بعضه المؤلف الأمين!! ولم يذكر تعليق راويه الذي يبين قصد أبي هريرة، قال أبو هريرة: «لو حدثتكم بكل ما في جوفي لرميتموني بالبعر». وقال الحسن - رواي الحديث عن أبي هريرة -: «صدق والله .. لو أخبرنا أن بيت الله يهدم ويحرق ما صدقه الناس!!» (2).
وأبو هريرة ليس بدعا في قوله. فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختص بعض أصحابه بأشياء دون الآخرين، من هذا حديثه لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - «ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه، إلا حرمه الله على النار». قال: يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال: «إذا يتكلوا» (3). وأخبر به معاذ عند موته تأثما، خوفا من أن يكون قد كتم العلم. ولم يكن معاذ ولي عهده ولا خليفته من بعده، فالأمر لا يحتاج إلى ولاية عهد ولا إلى وصاية، فلم ينكر الكاتب مثل هذا على أبي هريرة ولا ينكره على غيره؟ ثم ليعرف المؤلف الذي
صفحة ٢٠٧