صلى الله عليه وسلم
قال: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يكتاله.» وما رواه الإمام مالك في موطئه عن عبد الله بن عمر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه.» وفي رواية أخرى: «حتى يقبضه.»
ثم إن النهي عن بيع المنقول قبل قبضه، سببه خوف الهلاك قبل تسليمه للمشتري الثاني فينفسخ العقد، والهلاك فيه مقصور في العقار فلا معنى للنهي عن بيعه قبل قبضه. (13)
وأبو حنيفة وأصحابه يجيزون تصرف الفضولي إذا باع شيئا مملوكا لغيره، ناظرا في هذا إلى مصلحة المالك، ثم يكون العقد موقوفا على إجازة صاحب الشأن، ويرى الشافعي أن تصرفات الفضولي باطلة؛ لأنه لا ولاية له تجيز الإقدام على هذه التصرفات. ويرى أبو حنيفة أن عقده صحيح؛ لأنه صدر ممن له أهلية عقده، وأضيف إلى محله القابل له، وهو موضوع العقد كالمبيع مثلا.
والحاجة قد تدعو إلى مثل هذه التصرفات، التي تكون فيها مصلحة يعرفها العاقد الفضولي للمالك، وليس في ذلك أي ضرر بأحد؛ لأن المالك له أن يجيز العقد إن كان في هذا مصلحته، وله أن يبطله إن كان الأمر بخلافه، فلا معنى للتعسير بالذهاب إلى بطلان تصرفات الفضولي من أول الأمر، كما يرى الشافعي وغيره من الفقهاء.
15 (14)
يرى أبو حنيفة أن الوكيل في البيع يجوز بيعه بالقليل والكثير، على حين يرى الشافعي أنه لا يجوز بيعه بنقصان فاحش عن ثمن المثل.
ويحتج أبو حنيفة بأن التوكيل صدر مطلقا من الموكل؛ أي لم يقيد الوكيل بالبيع بثمن المثل أو بنقصان يسير، وإذا فله أن يبيع بما يرى في غير موضع التهمة، فضلا عن أن البيع بالغبن الفاحش قد يضطر إليه المالك أحيانا، في حالة حاجته إلى الثمن مهما كان، فيدخل ذلك تحت التوكيل. (15)
وأخيرا، يجيز أبو حنيفة الكفالة بدين غير مسمى، كأن يقول الرجل للرجل: أضمن ما قضى لك به القاضي على فلان من شيء، وما كان لك عليه من حق، وما شهد لك به الشهود، وما أشبه هذا. ويرى بعض الفقهاء الذين كانوا معاصرين له أن ضمان هذا لا يجوز؛ لأنه ضمان شيء مجهول (الاختلاف 55).
وهنا نلاحظ أن هذه الجهالة لا تفضي إلى المنازعة، فلا تمنع من صحة العقد؛ لأن الطالب المكفول له لن يطالب الكفيل إلا بما ثبت من حق قبل خصمه المكفول عنه.
صفحة غير معروفة