فلم يقتلها، وكذلك ما يرويه الطبراني في المعجم الكبير، من أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال لمعاذ بن جبل: «أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه؛ فإن تاب فاقبل منه، وإن لم يتب فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها؛ فإن تابت فاقبل منها، وإن أبت فاستبقها.» ومعنى هذا، كما جاء عن ابن عباس وغيره، أنها تحبس في السجن حتى تموت أو تتوب.
وهنا، يرى أبو حنيفة أنه رويت أحاديث وآثار تدل على التسوية بين الرجل والمرأة في وجوب القتل إذا أصر أيهما على ردته، وأخرى تجعل الحكم في المرأة أن تستتاب، وإلا حبست حتى تموت أو تتوب؛ وأن في أسانيد بعض روايات الأولى من ترك حديثه أو اتهم بالوضع، فكان أن اعتمد الأحاديث والآثار الأخرى.
ذلك فضلا عن المجمع عليه من أن الحدود تدرأ بالشبهات، ومن أن الرسول
صلى الله عليه وسلم
نهى عن قتل النساء والصبيان في الحروب؛ فإذا كانت الكافرة الأصلية موضع رفق، فالمرتدة الطارئة الكفر بدار الإسلام أولى بالرفق، كما يقول الشيخ الكوثري، تمكينا لها من العودة إلى حظيرة الإسلام. (3)
روى ابن أبي شيبة في مسألة حصة الفارس والراجل من غنيمة الحرب، وهي من مسائل القانون العام، بضعة أحاديث كل منها يدل على أن للفرس سهمين وللرجل سهما، ثم ذكر أن أبا حنيفة قال: «سهم للفرس وسهم لصاحبه»؛ فلو قاتل إنسان على فرسه كان له سهمان، سهم له وسهم لفرسه، ولو قاتل راجلا كان له سهم واحد. على حين أنه بحسب الأحاديث التي رواها ابن أبي شيبة يكون لمن قاتل فارسا ثلاثة أسهم؛ اثنان للفرس، وواحد له.
لكن أبا حنيفة لم يقل برأيه إزاء هذه الأحاديث؛ بل رأى أحاديث أخرى تدل على أن الرسول
صلى الله عليه وسلم
صفحة غير معروفة