وإذا أضفنا إلى هذه النقول ما هو مجمع عليه من المؤرخين من أن أبا حنيفة كان إمام أهل الرأي والقياس، يتبين لنا أن أصول مذهبه كانت القرآن، والسنة، والإجماع، والقياس، وما إليه من الاستحسان.
تهمته بالغلو في القول برأيه
ولكن، نراه يذهب في الاجتهاد بالرأي إلى حد بعيد في مسائل كثيرة تجاوز الحصر، وذلك لبيئته التي نشأ بها، وكثرة مسائلها ومشاكلها التي لا توجد في جميعها نصوص يرجع إليها في إيجاد حلول وأحكام لها، ومن ثم، نرى خصومه، يكثرون عليه من التشنيع، ويرمونه برفض كثير من الأحاديث والعمل برأيه، وهذه هي المسألة الثانية التي يجب بحثها.
وقد أشرنا آنفا إلى هذه التهمة، وهنا موضع الكلام عليها بشيء من التفصيل، ومرجعنا الأول فيها هو الخطيب البغدادي في كتابه المعروف «تاريخ بغداد»:
9 (أ)
يروي أبو إسحاق الفزاري أنه كان يأتي أبا حنيفة، فيسأله عن الشيء من الغزو، فسأله عن مسألة فأجاب فيها، فقال له إنه يروى فيها عن النبي
صلى الله عليه وسلم
كذا وكذا، فقال: دعنا من هذا. (ب)
ويقول سفيان بن عينية: «ما رأيت أجرأ على الله من أبي حنيفة: كان يضرب الأمثال لحديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم
صفحة غير معروفة