وإني أضرع إلى الله - سبحانه وتعالى - أن يصون دولتك، ويحوط سلطانك، ويبقيك لرعاياك المخلصين ذخرا عتيدا، وظلا مديدا، وروضا مريعا، وكهفا منيعا، وأن يقر عينك وعيون المصريين جميعا بولي عهدك المفدى الأمير فاروق كعبة آمالنا ومطمح أمانينا.
ليحيا جلالة الملك فؤاد الأول وولي عهده الأمير فاروق ورجال دولته المخلصون.
عبدكم الخاضع
محمد السباعي
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن عصور النهضات في كل أمة لا تزال مملوءة بعظائم الحوادث، مزدانة بعظماء الرجال، والحقيقة أن كل حركة أو نهضة تعتري الشعوب الساكنة المطمئنة فتحدث فيها تطورا أو انقلابا، إنما هي في الحقيقة نوع من الزلزال، فلا عجب إذا رأيت هيكل الأمة قد تفجر عما يستكن في جوفه من ملكات ومواهب وفضائل ومناقب، وتفتحت كنوزه فباحت بخفايا بدائعها وأبرزت خبايا ودائعها، وهنالك يقذف المنجم ياقوته وعقيانه، ويلفظ اللج لؤلؤه ومرجانه، وهنالك تظهر فحول الرجال وعظماء الأبطال.
أولئك الفحول والعظماء من جلة رجال الأمة، يبرزون على مسرح النهضة فيلعب كل دوره الذي أعدته له الفطرة والطبيعة، وهيأته لتمثيله الظروف والأحوال.
لكل رواية دورها المصيب المسمى في الاصطلاح التمثيلي أزمة الرواية أو «قمتها»، حيث يبلغ السيل الربى، ويصعد الترمومتر إلى درجة الغليان، ويجلس القدر على منصة الحكم، وينصب الميزان، وإذ ذاك تتشوف أبصار وتشرئب أعناق، وتخفق أفئدة، وتبهر أنفاس، ويلوي القلق والإشفاق أوتار القلوب، ويقوم الشعب بين الخوف والرجاء على سراط الشك المرهف الذليق، الأملس الزليق، المعلق فوق هاوية التلف والخسار، يؤمون لدى نهاية هذا السراط وادي السعادة والنعيم، مسترشدين في مأزق هذه الرحلة الخطرة المخوفة بكوكب الأمل الدائم الخفق واللمعان.
تلك هي حالنا بالدقة في دورنا الحالي الخطير، وإن كنا قد اجتزنا بعد من مناطق هذا السراط أشدها خطرا وأوعرها مسلكا، ودخلنا فيما نستطيع أن نجعله بفضل الحكمة والحزم منطقة سلامة وخطة نجاة.
صفحة غير معروفة