قالت: «لوك هو والد الطفل.»
كان صوت رولف خافتا جدا: «هل أنت متأكدة؟» «أجل متأكدة.»
سلط الكشاف على جسد لوك وتمعنه باهتمام مهني بارد وكأنه جلاد يتأكد من موت المحكوم عليه بالإعدام، وأنه لا حاجة لأن يجهز عليه برصاصة رحمة أخيرة. ثم استدار بحركة مباغتة حادة وسار مبتعدا عنهم، وتعثر بين الأشجار وارتمى بجسده على إحدى شجرات الزان وأحاطها بذراعيه.
قالت ميريام: «يا إلهي، يا له من توقيت لطرح ذلك السؤال. ويا له من توقيت لمعرفة إجابته.»
قال ثيو: «اذهبي إليه يا ميريام.» «لن تفيده مهاراتي. سيحتاج لأن يتقبل ذلك الأمر بنفسه.»
كانت جوليان لا تزال جاثية أمام رأس لوك. وقف ثيو وميريام معا، يحدقان بثبات في شبح رولف الداكن وكأنما يخشيان أن يختفي وسط ظلال الغابة الأكثر ظلاما إن أشاحا بنظرهما عنه. لم يسمع له أي صوت لكن بدا لثيو أنه يحك وجهه بلحاء الشجرة كحيوان معذب يحاول التخلص من الحشرات التي تلدغه. ثم بدأ يضرب الشجرة بجسده كله كأنما ينفس عن غضبه وألمه في خشبها الصلب. بينما كان ثيو يراقب أطرافه المنتفضة في محاكاتها للشهوة تعزز اقتناعه بأنه من غير اللائق النظر إلى شخص يعاني ذلك القدر الهائل من الألم.
أشاح بوجهه وقال لميريام بصوت خافت: «هل كنت تعرفين أن لوك هو والد الطفل؟» «أجل، كنت أعرف.» «هل أخبرتك بذلك؟» «بل خمنته.» «لكنك لم تقولي شيئا.» «ماذا كنت تتوقع مني أن أقول؟ ليس من عادتي أن أسأل عن هوية آباء الأطفال الذين أولدهم. الطفل يظل طفلا مهما كان.» «ذلك الطفل مختلف.» «القابلة لا تراه كذلك.» «هل أحبته؟» «هذا ما يريد الرجال دوما أن يعرفوه. من الأفضل أن تسألها هي.»
قال ثيو: «ميريام، أرجوك تكلمي.» «أظن أنها كانت تشعر بالأسى لحاله. لا أظن أنها أحبت أيا منهما، أعني رولف ولوك. لكنها بدأت تحبك، أيا كان ما يعنيه ذلك، لكني أظن أنك تعرف ذلك. ما كنت ستقف هنا الآن لو لم تكن تعرف ذلك أو تأمل حدوثه.» «ألم يخضع لوك من قبل للفحوصات؟ أم أنه توقف هو ورولف عن الذهاب إلى فحوصات الحيوانات المنوية؟» «توقف رولف عن الذهاب إليها، على الأقل في البضعة الشهور الأخيرة. فهو يعتقد أن فنيي الفحص صاروا مهملين ولا يتكبدون عناء فحص نصف العينات التي يأخذونها. أما لوك فكان معفيا من تلك الفحوصات. فقد كان يعاني من الصرع الخفيف عندما كان طفلا. كان لوك غير مستوف للمعايير كجوليان.»
كانا قد ابتعدا قليلا عن جوليان. وبينما كان ثيو ينظر إلى هيئتها الجاثية المعتمة، قال: «إنها هادئة جدا. من شأن أي أحد أن يظن أنها ستلد هذا الطفل في أفضل الظروف الممكنة.» «وما هي أفضل الظروف الممكنة؟ النساء يلدن في الحروب، والثورات، والمجاعات، ومعسكرات الاعتقال، والمسيرات. لديها الضروريات التي تحتاج إليها، أنت وقابلة تثق فيها.» «هي تثق في ربها.» «ربما عليك أن تحاول أن تفعل مثلها. فقد ينالك شيء من سكينتها. لاحقا عندما يولد الطفل، سأحتاج إلى مساعدتك. بالتأكيد لن أحتاج إلى قلقك.»
سألها: «وهل تفعلين أنت؟»
صفحة غير معروفة