224

أبكار الأفكار في أصول الدين

تصانيف

والموجب بذاته لا بد وأن يكون بينه وبين ما أوجبه مناسبة طبيعية : باعتبارها يتحقق جعل الموجب علة والموجب معلولا ، وإلا فليس جعل أحدهما علة للآخر ، أولى من العكس ؛ بل وليس جعله علة لما (1) فرض معلولا ؛ أولى من غيره (2).

وعند ذلك فمن الجائز : أن تكون ذاته مناسبة لبعض الجائزات ، دون البعض.

وعلى هذا التقدير ؛ فلا يستدعى مخصصا [زائدا] (3).

سلمنا أن الكل جائز بالنسبة إلى ذاته ، وأن تخصيص كل واحد بالنسبة إلى ذاته جائزة ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من ذلك الافتقار إلى مخصص زائد على الذات.

والذي يدل على ذلك : أن الأمر الزائد : إما أن يكون قديما ، أو حادثا.

فإن كان قديما : فإما أن يكون مخصصا باعتبار ذاته ، أو بصفة زائدة.

فإن كان الأول : فقد وقعتم فيما فررتم منه.

وإن كان الثانى : فالكلام فيه كالكلام في الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.

وإن (4) كان حادثا : افتقر إلى مخصص آخر ، والكلام في ذلك المخصص : كالكلام في الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع (4).

سلمنا أنه لا بد من مخصص خارج عن ذاته تعالى ولكن ما المانع من كونه عدميا؟

وإن امتنع كونه عدميا : فما المانع من كونه ليس بموجود ، ولا معدوم؟ كما قاله النجار من المعتزلة : إن المخصص كونه مريدا لذاته في الأزل ، للجائزات فيما لا يزال من غير احتياج إلى صفة الإرادة ، وكونه مريدا حالة لا موجودة ، ولا معدومة.

سلمنا أنه لا بد وأن يكون وجوديا ؛ ولكن لم قلتم إنه لا بد وأن يكون قائما بذات الله تعالى ؟

صفحة ٣٠٦