218

أبكار الأفكار في أصول الدين

تصانيف

وقبل الخوض في الحجاج (1) نفيا ، وإثباتا ؛ لا بد من تحقيق معنى الإرادة على مذهب أهل الحق من أئمتنا ؛ ليكون التوارد بالنفى ، والإثبات على معنى واحد.

وقد اختلفت عباراتهم فيها :

فقال بعضهم : هى القصد إلى المراد.

وقال بعضهم : هى إيثار المراد.

وقال بعضهم : هى اختيار الحادثات (2).

وقال القاضى أبو بكر : هى المشيئة المجردة.

وفي هذه العبارات نظر.

** أما العبارة الأولى والثانية :

المعرفة من معرفة الإرادة ؛ فلا يصلح للأخذ في التعريف.

** والذي يخص العبارة

** الأولى

فإن الإرادة على رأى الأصحاب يجوز تعلقها بفعل الغير ، والقصد إلي فعل الغير ؛ ممتنع.

وقول القائل في العرف : قصدى لفعلك لأجل مصلحتك ؛ فمن أجل مصلحتك ، فمن باب التجوز ، والتوسع ؛ والكلام إنما هو في الحقيقة.

** وأما العبارة الثانية :

أحدهما أثر عن الآخر ، والإرادة أعم من ذلك ؛ فإنها قد تكون حيث لا تردد : كالمكره على فعل شيء ؛ فإنه لا يخطر له غير الفعل الذي به نجاته ؛ وهو مريد له.

ويمكن دفعه : بأنه مؤثر لجانب فعله علي عدمه ، ولا خلو له عنه. وما مثل هذا التشكيك فوارد على العبارة الثالثة : وهى الاختيار.

صفحة ٣٠٠