من أعلام أهل السنة والجماعة عبد الله بن المبارك
الناشر
مكتبة الصديق،الطائف
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
يختلف إليه ويقوم بحوائجه ويسمع منه الحديث، قال: فقدم عبد الله الرقة مرة فلم ير ذلك الشاب، وكان مستعجلًا فخرج في النفير، فلما قفل من غزوته ورجع الرقة سأل عن الشاب، فقالوا: إنه محبوس لدين ركبه، فقال عبد الله وكم مبلغ دينه؟، فقالوا: عشرة آلاف درهم، فلم يزل يستقصي حتى دل على صاحب المال فدعا به ليلًا ووزن له عشرة آلاف درهم وحلَّفه أن لا يخبر أحدًا مادام عبد الله حيًا، وقال: إذا أصبحت فأخرج الرجل من الحبس وأدلج عبد الله، فأخرج الفتى من الحبس وقيل له عبد الله بن المبارك كان هاهنا وكان يذكرك وقد خرج، فخرج الفتى في أثره فلحقه على مرحلتين أو ثلاث من الرقة، فقال: يا فتى إن كنت لم أرك في الخان؟، قال: نعم يا أبا عبد الرحمن كنت محبوسًا، قال: كيف كان سبب خلاصك، قال: جاء رجل فقضى ديني ولم أعلم به حتى خرجت من الحبس، فقال له عبد الله: يا فتي أحمد الله على ما وفق لك من قضاء دينك، فلم يخبر ذلك الرجل أحدًا حتى مات عبد الله١.
وهذه منقبة أخرى لهذا العالم المجاهد عبد الله بن المبارك- وما أكثر مناقبه- وهي تفقده لأحوال تلاميذه وقضاؤه حاجاتهم حتى لا يعرضوا أنفسهم للذل بانتظارهم فتات موائد السلاطين والأمراء، وهذه حال كثير من أئمة السلف ﵏ مع تلاميذهم٢.
وقدوتهم في ذلك رسول الله ﷺ الذي كان يتفقد أحوال أصحابه
_________
١ تاريخ بغداد: ١٠/ ١٥٩.
٢ انظر ما كتبه ابن جماعة في تذكرة السامع والمتكلم الباب الثاني الفصل الثالث وخاصة النوع الثالث عشر منه.
1 / 34