الجواب: لا. بل استحقوا اللعن بعصيانهم على العموم (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ... بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) ومن جملة هذا الاعتداء أنهم لا يتناهون عن المنكر، ولا يدخل فيه المكروهات؛ لأنها ليست من ضمن العصيان والاعتداء، بل هي جائزة في الشرع ولكن غيرها خير منها.
وهناك دليل أشد وضوحًا وهو قول رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ، أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ؟
قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ (البخاري: ٣٠٢٧) (مسلم: ٥٣٠٥)
فهذا المُعذَّب إنما استحق العذاب لأنه كان ينهى عن المنكر ويأتيه، فما هو المنكر؟ إنه الحرام؛ لأن النهي عن المكروه وفعله لا يوجب العذاب؛ لأن فعل المكروه أصلًا لا يوجب العذاب.
ولأن المنكر هو الحرام فلا بد من تغييره قدر الاستطاعة؛ قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ (مسلم: ٧٠)
1 / 17