الرد القويم على المجرم الأثيم
الناشر
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٣ هـ
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
وأحمد مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف والبخاري وإسحاق فعكس هذه الطريق وهي أنهم يردون المتشابه إلى المحكم ويأخذون من المحكم ما يفسر لهم المتشابه ويبينه لهم فتتفق دلالته مع دلالة المحكم وتوافق النصوص بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا فإِنها كلها من عند الله وما كان من عند الله فلا اختلاف فيه ولا تناقض وإنما الاختلاف والتناقض فيما كان من عند غيره انتهى المقصود من كلامه رحمه الله تعالى.
وقال ابن القيم أيضا في كتابه «إعلام الموقعين» ولو كان كل ما أوجبته السنة ولم يوجبه القرآن نسخا له لبطل أكثر سنن رسول الله ﷺ ودفع في صدورها وأعجازها وقال القائل هذه زيادة على ما في كتاب الله فلا تقبل ولا يعمل بها.
وهذا بعينه هو الذي أخبر رسول الله ﷺ أنه سيقع وحذر منه كما في السنن من حديث المقدام بن معد يكرب عن النبي ﷺ أنه قال «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه» وفي لفظ «يوشك أن يقعد الرجل على أريكته فيحدث بحديثي فيقول بيني وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حرامًا حرمناه وإن ما حرم رسول الله ﷺ كما حرم الله» قال الترمذي حديث حسن وقال البيهقي إسناده صحيح.
وقال صالح بن موسى عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ «إني قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» فلا يجوز التفريق بين ما جمع الله بينهما ويرد أحدهما بالآخر - إلى أن قال - والسنة مع القرآن على ثلاثة أوجه أحدها أن تكون موافقة له من كل وجه فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتظافرها، الثاني أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيرًا له، الثالث أن تكون موجبة لحكم سكت القرآن عن إيجابه أو محرمة لما سكت عن تحريمه ولا تخرج عن هذه الأقسام فلا تعارض القرآن بوجه ما. فما كان منها زائدًا على القرآن فهو تشريع مبتدأ من النبي ﷺ تجب طاعته فيه ولا تحل معصيته وليس هذا تقديما لها على كتاب الله بل امتثال لما أمر الله به من طاعة رسوله، ولو
1 / 12