جزء من الكلام على حديث شداد بن أوس «إذا كنز الناس الذهب والفضة»
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (١) وقال تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾ (٢).
وقد رُوي أن سليمان بن داود ﵉ مرَّ في موكبه، ومعه الإنس والجن بحرَّاث، فَقَالَ الحراث: لقد أوتي ابن داود ملكًا عظيمًا! فأتاه سليمان فَقَالَ له: تسبيحة واحدة خير من ملك سليمان؛ لأنّ التسبيحة تبقى، وملك سليمان يفنى (٣).
وفي الحديث المشهور عن ثوبان أنه قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ (٤) فَقَالَ النبي ﷺ: "تَبًّا لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا نَتَّخِذُ؟ قَالَ: «لِيَتَّخِذَ أَحَدُكُمْ قَلْبًا شَاكِرًا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَزَوْجَةً صَالِحَةً، تُعِينُ أَحَدُكُمْ عَلَى إِيمَانِهِ» (٥).
قال بعضهم: إِنَّمَا سمي الذهب ذهبًا لأنّه يذهب، وسميت الفضة فضة لأنها تنفض: يعني تنفض بسرعة، فلا بقاء لهما. فمن كنزهما فقد أراد بقاء ما لا بقاء له، فإنَّ نفعهما ما هو إلا بإنفاقهما في وجوه البر وسبل الخير.
قال الحسن: بئس الرفيقان الدرهم والدينار! لا ينفعانك حتى يفارقانكَ فما داما مكنوزين فما يضران ولا ينفعان، وإنما نفعهما بإنفاقهما في الطاعات.
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلًا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ الآية (٦).
والآية ذم ووعيد لمن يمنع حقوق ماله الواجبة من الزكاة، وصلة الرحم، وقرى الضيف، والإنفاق في النوائب.
_________
(١) الكهف: ٤٦.
(٢) النحل: ٩٦.
(٣) أخرجه أبو نعيم في "زياداته عَلَى زهد ابن المبارك" (٢١٠).
(٤) التوبة: ٣٤.
(٥) أخرجه أحمد (٥/ ٢٧٨، ٢٨٢)، والترمذي (٣٠٩٤)، وابن ماجه (١٨٥٦).
(٦) التوبة: ٣٤، ٣٥.
1 / 336