جزء من الكلام على حديث شداد بن أوس «إذا كنز الناس الذهب والفضة»
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصانيف
قوله ﷺ: "وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ" هذا كما وصى النبي ﷺ معاذًا أن يقول في دبر كل صلاة: "اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" (١).
فهذا أمران:
أحدهما: شكر العم، وهو مأمور به، قال تعالى: ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ (٢)، وقال: ﴿وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ (٣) والشكر بالقلب واللسان والعمل بالجوارح.
فالشكر بالقلب: الاعتراف بالنعم للمنعم، وأنها منه وبفضله، وجاء من حديث عائشة مرفوعًا: "مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً، فَعَلِمَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ، إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ شُكْرُهَا" (٤).
ومن الشكر بالقلب محبة الله عَلَى نعمه، ومنه حديث ابن عباس المرفوع: "أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ (*) بِهِ مِنْ (النِّعَمِ) (**) " (٥).
قال بعضهم: إذا كانت القلوب جبلت عَلَى حب من أحسن إليها، فواعجبًا لمن لا يرى محسنًا إلا الله، كيف لا يميل بكليته إِلَيْهِ؟!
وقال بعضهم:
إذا أنت لم تزدد على كل نعمة ... لمؤتيكها حبًّا فلست بشاكر
إذا أنت لم تؤثر رضى الله وحده ... عَلَى كل ما تهوى فلست بصابر
والشكر باللسان: الثناء بالنعم وذكرها، وتعدادها وإظهارها.
_________
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢٤٥، ٢٤٧).
(٢) البقرة: ١٥٢.
(٣) النحل: ١١٤.
(٤) أخرجه ابن أبي الدُّنْيَا في "الشكر" (٤٧).
(*) يغذوكم: أي يرزقكم.
(**) نعمة: "نسخة" وهي موافقة لرواية الترمذي.
(٥) أخرجه الترمذي (٣٧٨٩) قال الترمذي: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه ..
1 / 349