غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

أحمد محمود الشوابكة ت. غير معلوم
96

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

الناشر

دار الفاروق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤)﴾ [يس]. وبالنَّظر إلى اعْتِياص ذلك وأهمِّيتِه وقيمته اقتصرَ يُوسُفُ على دعوةِ صاحبيه إلى التَّوحيد فقط؛ لأنَّ التَّوحيد هو الأصل، وما يترتَّبُ على التَّوحيد أعمالٌ فرعيَّة، والأعمال الفرعيَّة ينبغي الدَّعوة إليها بعد اعتناق الأُصُول، وبهذا يتَّضحُ لنا كون يُوسُفَ لم ينهَ السَّاقي عن سقي سيِّده خمرًا. تسمية الملك ربًّا تسمية العبد فتىً، كقوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ شيءٌ حسن، أمَّا تسمية الملك ربًّا، نحو قوله تعالى: ﴿فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ... (٤١)﴾ وقوله: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ... (٤٢)﴾، فنهى الشَّرعُ عنه، فقد قال النَّبِيُّ - ﷺ ـ: "لا يَقُلْ أحدُكُم: أطْعِمْ ربَّك، وضِّئ ربَّك، اسْقِ ربَّك، وليقلْ: سيِّدي، مولاي، ولا يقُلْ أحدُكم: عبدي أمَتي، وليَقُلْ: فتايَ وفتاتي وغُلامي" (^١). ونفهم من قوله تعالى: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ على لسان يُوسُفَ - ﵇ - أنَّ إِطلاق لفظ (الرَّبّ) مضافًا على غير الله تعالى كان جائزًا في ذلك الزَّمان وما قبله. الشَّرُّ لا يُضُافُ إلى الله تعالى ونتعلَّم من قوله تعالى: ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ﴾ أن نَنْسُبَ ما كان شرًّا لأنفسِنا وللشَّيطان، ولا ننسبه للرَّحمن ﷻ، فينبغي التَّأدُّب في الخطاب، فالله تعالى

(^١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢ / ج ٣ / ص ١٢٤) كتاب العتق.

1 / 100