غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

أحمد محمود الشوابكة ت. غير معلوم
92

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

الناشر

دار الفاروق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧٠)﴾ [الأعراف] فردَّ عليهم نبيُّ الله هود: ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١)﴾ [الأعراف] فما في الأعراف أشدُّ تعنُّتًا، فجاء الفعل (نزَّل) المشدّد للمبالغة والاهتمام. فما استخدم فيه (فعَّل) أهمُّ وآكد من (أَفْعَل) وهناك غير شاهد، وغير معنى، ومن هنا نفهم أنَّ الله تعالى جعل كلَّ لفظة في القرآن في مستقرِّها ومستودعها، وليس في القرآن لفظة مقحمة، أو غير مقصودة، فلو نزعت لفظة، ثمَّ بدأت بالمعاجم من ألفها إلى يائها بحثًا عن لفظة تقوم مقامها ما وجدت خيرًا منها. تأْويلُ يُوسُفَ رؤيا الفتيين هذه عِظَةُ يُوسُفَ، وسواء كانت نفخةً في نارٍ أو في رماد، فقد فتح لنا - ﵇ - بَابَ الوعْظِ والإرشاد على مصراعيه، والقرآن الكريم يرشدُنا إلى هذه الفكرة الحميدة، فيقول تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)﴾ [آل عمران]. وبعد أن أتمَّ نُصحَه - وهما يصغيان إلى درسه - عَادَ أدراجَه يجيبهما عمَّا سألاه عنه، فلا شَكَّ أنَّهما مشغوفان لسماع التَّأويل، فقال ليقوِّي ثقتهما به: ﴿يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ يكونُ مصيرُه الخلاص، ويسقي سيِّده خمرًا ﴿وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ﴾ لحم ﴿رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (٤١)﴾ فهو كائن كما قضاه الله تعالى؛ تأكيدًا وجزمًا لتعبيره، ولم يُعَيِّن يُوسُفُ صَاحِبَ المصير الحسن ولا السيئ رعايةً لحُسْنِ الصُّحبة.

1 / 96