غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
يُوسُفَ - ﵇ ـ، وَلِكَثْرَة اختلاطها به، وَلَا نُبَرِّئهَا، فلا شكَّ أنَّها خَاطِئَة، وَلكنَّ المسؤول عَن تصرُّفها القَبِيح هَذَا هو زوجها الَّذِي جَعَل يُوسُفَ تَحْت إِمْرَتِهَا وَسُلْطَانِهَا، وَهَذَا لَا يَجُوز؛ فلا يَجُوز للْخَدَم أَن يَخْتَلطُوا بِنسَاء البيوت الَّتي يَعْمَلُون بِهَا، وَلَا أَن يَطَّلِعُوا عَلَى نِسَائهَا، وَهَذَا خَطَأ مَا زالَت المدنيَّة تُعَانِيه.
وَلَعلَّ الدَّرْسَ الَّذِي نَأْخُذُه مِن هَذِه الحادثة خَطَرُ الاختلاط والخلوة، وَحسْنُ الاستغناء عَن الخَدَم بِجِنسَيْه؛ لِنُحَافظَ عَلَ أَعْرَاضِنا وَحُرُمَاتِنَا، فَمَا كُلّ مَمْلُوك يُوسُف، فَإِنْ كان لَا بُدَّ منهم، فالحَذَرَ الحَذَرَ، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ... (٧١)﴾ [النِّساء]
وَدَرس آخَر فِي مُقَاوَمة هَوَى النَّفْس، فَيُوسُفُ أَبْدى لنا ما اشْتَمَلَتْ عليه نَفْسُه الطَّاهرَةُ من صِفَات عَالِيَة؛ لِيَكُون لَنَا مَثَلًا، وَصَدَق الشَّافِعِي ﵀ الْقَائِل:
عُفُّوا تَعُفَّ نِسَاؤُكم فِي المحْرَمِ ... وَتَجَنَّبوا مَا لَا يَلِيقُ بِمُسْلِم
مَنْ يَزْنِ فِي بيْتٍ بِأَلفِي درْهَمِ ... فِي بَيْتِهِ يُزْنَى بِغَيْر الدِّرْهَم
مَنْ يَزْنِ يُزْنَ بِه وَلَو بِجِدارِهِ ... إِن كُنْت يَا هَذَا لَبِيبًا فَافْهَم
إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِن أَقْرَضْتَهُ ... كَانَ الوَفَاءُ مِن أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَم
يا هاتِكًا حُرُمَ الرِّجالِ وقاطعًا ... سُبُلَ المودَّةِ عِشْتَ غيرَ مُكرَّم
لو كُنْتَ حُرًّا من سُلالةِ طَاهرٍ ... ما كُنْتَ هتَّاكًا لحُرْمَةِ مسْلم
فَضْلُ من هَجَرَ الفواحش
ذكر النَّبِيُّ - ﷺ - سبعة يظلُّهم الله فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، وأحد السَّبعة رَجُلٌ دعته امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ الله.
أخرج البخاري عن أبي هريرة عن النَّبيِّ - ﷺ - قال: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُم اللهُ يوم
1 / 62