غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
اسم المفعول يدلُّ على من وقع عليه الفعل.
ولا تعارض بين القراءتين في المعنى، فالقراءة باسم الفاعل تدلُّ على أنَّ يُوسُفَ أخلص طاعته لله، نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ... (٥)﴾ [البيّنة] وما ذلك إلَّا بتوفيق من الله تعالى، والقراءة باسم المفعول تدلُّ على أنَّ الله تعالى أخْلَص يُوسُفَ وهيَّأه ليكون من المخْلَصين، كقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)﴾ [ص].
فلا تعارض في المعنى بين القراءتين، فالقراءتان تتممُّ إحداهما الأخرى، فإنَّ يُوسُفَ - ﵇ - كان مُخْلِصًا ومُخْلَصًا.
قَمِيصُ البَرَاءَة
قَال تَعَالَى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾ هَكَذَا بِالتَّثْنية، فَهُنَاك قَاعِدَة تَنْطَبِق عَلَى يُوسُفَ - ﵇ - تَقُول: " الإِحْرَاج يَقُودُ إِلَى الإِخْرَاج " وَأخْرَى تَنْطَبقُ عَلى امْرَأَة العَزِيز، تَقُول: " إِذَا لَم تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ " (^١)، فَقَد بَلَغَ مِن عِفَّتِه - ﵇ - أَنَّه أَسْرَعَ إِلَى الْبَاب لِلْهَرَب، فَعَدَتْ خَلْفَه لِلطَّلب، وَجَذَبَتْ قَمِيصَه، وتَعَلَّقَتْ به لتَحْبِسَه على نفسها ﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ﴾ أي شَقَّت قَمِيصه مِن خَلْف ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ وَإِذَا بِزَوْجِهَا الْعَزِيز فَجْأَة لَدَى الْبَاب مُقْبِلًا.
فَاطْمَأنَّ يُوسُفُ - ﵇ - لِإِيمَانه ببراءته، فالبريء لا ﴿يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (١٣)﴾ [الجنّ]، أَمَّا هِي فَسُرْعَانَ ما اسْتَجْمَعَت أَنْفَاسَها، وتَسلَّحت بالكيد والمكر؛ لِتَخْرجَ مِن الشَّرَك الَّذِي نَصَبته، وتثأرَ لِنَفسِها مِن يُوسُفَ، فَقَالَت لزوجها: ﴿مَا
_________
(^١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٧/ص ١٠٠) كتاب الأدب.
1 / 57