غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
عَوْدَةُ الإِخوة إِلى أَبيهم بالبِشَارة
وركب الإِخوةُ دوابَّهم عائدين إلى أبيهم فرحين يحملون البِشَارة، ولله درّ القائل: " لقاءُ الإخوان جلاء الأحزان" ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ﴾ أي ولمَّا خَرَجَتِ القافلةُ من مصر متوجِّهةً بهم لفلسطين، ﴿قَالَ أَبُوهُمْ﴾ يعقوبُ - ﵇ - لِمَنْ عنده مِنْ أهله: ﴿إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ﴾ إنِّي لأشمُّ رائحة يوسُفَ ﴿لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤)﴾ لولا أن تنسبوني إلى الفَنَد، وهو الخرف وذهاب العقل من الكبر والجهل، وجواب الشَّرط محذوف، تقديره: لصدَّقتموني أو لأخبرتكم بحياته، فمن صدقت سريرته انفتحت بصيرته.
وما كاد يعقوبُ - ﵇ - يتمُّ حَدِيثَه حتَّى واجهه الحاضرون من أهله وقرابته بالانتقاد، ﴿قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥)﴾ أي نُقْسِمُ إنَّك لفي خطئك القديم الَّذي كُنْتَ عليه من حُبِّ يُوسُفَ ودوام ذِكْرِه.
﴿فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ﴾، وهو أحد أبناء يعقوب - ﵇ - يبشِّرُ بِلُقْيَا يُوسُفَ مع أخيه حَامِلًا قميص يُوسُفَ ورسالته ﴿أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ﴾ أي ألقى البشير القَمِيصَ على وجه يعقوب - ﵇ - ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾، فرجع مبصرًا من شدَّة فرحه وسروره:
فما بَعُدَتْ عن اللُّقْيا جُسُومٌ ... تدانت بالمحبَّةِ والوِدَادِ (^١)
وهنا واجه يعقوب - ﵇ - مَن بحضرته بالخطاب، ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٩٦)﴾ ألم أقل لكم: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي
(^١) " نفح الطّيب " (ج ٣/ص ٤٨٠) والبيت لأبي الصلت أميّة بن عبد العزيز الأندلسي، وقد ورد في " خريدة القصر وجريدة العصر " للعماد الأصبهاني.
1 / 178