161

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

الناشر

دار الفاروق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

ذلك قوله تعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧)﴾ [الحديد] وقوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١)﴾ [الحديد] وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤)﴾ [الحديد] أمَّا في سورة يُوسُفَ، فالأمر مختلف، فهم لا يريدون من العزيز يُوسُفَ أنَّ يبالغ في الصَّدقة لهم؛ أدبًا منهم، ولذلك، قالوا: ﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨)﴾ [يوسف] ولم يقولوا: المصَّدِّقين. يُوسُفُ يذكِّرُ إخوتَه ويعاتبُهم ولمَّا سَمِعَ يوسُفُ قولَ إِخوتِه: ﴿مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ﴾، و﴿وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا﴾، أدركته الرَّأْفَةُ، ولم يتمالك أن عرَّفهم نفسه، ﴿قَالَ﴾ لهم بلهجة المذكِّر المعاتب: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ﴾ وهو استفهام للإيقاظ والتَّنبيه والتَّذكير، أي هل تذكرونَ فَدَاحَةَ ﴿مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (٨٩)﴾ حال جهلكم بسوء عملكم، وفيه تعريضٌ بأنَّهم قد صَلُحَ حالهم الآن. ولم يقل يُوسُفُ - ﵇ - هذا الكلام لهم تصفية للحِسَاب معهم، لكنَّها نَفْثَةُ مَصْدُورٍ، وزَفْرَةُ مفؤود، عالج بها بعض كُلوم الفُؤَاد، وكلمة موجزة أعلمهم بها قُبْحَ عملهم في الماضي؛ تحريضًا لهم على التَّوبة.

1 / 166