غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
الابتلاءُ عامٌّ
من واقع يعقوب - ﵇ - المرير نفهم أنَّه من الجائز أن يُبْتلى صَاحِبُ الحقِّ بالمصَائب، كذلك أن يُبْتَلى صاحب الباطل بالنِّعم؛ كما أن العكس جائز، فالمصائب والنِّعم ليست دليلًا على كون من تصيبه على حقٍّ أو على باطل.
وإذا كانت بيوت الأنبياء تعجُّ بالبلاء وتشكو منه؛ فذلك حتَّى لا نجزع ولا نهلع ولا نفزع، بل نقابل البلاءَ كما قابله الأنبياءُ ﵈.
﴿يَاأَسَفَا﴾ الكلمة الفريدة
سجَّل الله تعالى هذه الكلمة الفريدة ﴿يَاأَسَفَا﴾ في كتابه العزيز على لِسَان يعقوبَ - ﵇ ـ، فلم تَرِدْ هذه الكلمةُ في القرآن الكريم إلَّا على لسان يعقوب - ﵇ ـ، وهي الكلمة التي نفَّس بها يعقوبُ عن نَفْسِه، وسرَّى بها عن همومه وأحزانه، وارتاح بها من ألم ما سَمِعَ.
عودة الإِخوة لمصر للمرَّة الثَّالثة
وبعد أن صرَّح يعقوب - ﵇ - باعتقاده بحياة يُوسُفَ بقوله: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٦)﴾ طلب من أولاده العَوْدةَ لمِصْرَ والتماس يُوسُفَ والتَّعرُّف على خبره وخبر أخيه، فقال: ﴿يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾، وتخبَّروا عنهما، ولا تدَّخروا جهدًا، ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾، ولا تقطعوا حَبْلَ الرَّجاء وخيط الأمل، ولا تقنطوا من رحمته تعالى وفرجه، فرحمة الله تعالى واسعة، وفرجه دائمًا مَنْظُور ومأمُول، فلا يتولَّاكم اليأس، ولا يستحوذْ عليكم القنوطُ.
ثمَّ علَّل النَّهي فقال: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ﴾ أي من فرجه وتنفيسه ﴿إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧)﴾ وهذا دليل على أنَّ الكافر ييأس ويقنط في الشِّدَّة، وعلى أنَّ
1 / 163