غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
له ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ أمرًا، فإنَّه يكون.
﴿نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ﴾ في العلم، كما رفعنا درجة يوسف، ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)﴾، وهو الله تعالى.
الكَيدُ المذموم والكَيدُ الممدوح
الكيد يكونُ مذمومًا وممدوحًا، وإن شَاعَ استعمالُه في المذموم أكثر، فما هو من قبيل المذموم ما في قوله تعالى: ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥)﴾، وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢)﴾، وممَّا هو من قبيل الممدوح ما في قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾.
كيف جَازَ ليُوسُفَ أنْ يَنْصِبَ أُحبولَةً لإِخوته؟
لقائل أن يقولَ: كيف جوَّز يُوسُفُ لنَفْسِهِ أنْ يعملَ على إخوتِه حيلةَ تسريق شقيقه، وهي تهمة باطلة، ولا شكَّ أنَّها ستُدْخِلُ الكَدَرَ والكَمَدَ والهمَّ والغمَّ على إخوته وعلى قَلْبِ أبيه يعقوب - ﵇ ـ؟!
فالجواب: أن هذه الحيلة وهذا الصُّنع والتَّدبير لم يفعلْه يُوسُفُ عن أمره، إنَّما كان بإلهامٍ من الله تعالى وإذنٍ منه، وقد دلَّ على ذلك قوله تعالى ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ﴾، وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ في حالٍ من الأحوال ﴿إِلَّا﴾ في حالِ ﴿أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ تعالى ذلك ﴿لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤٤)﴾ [الأنفال] فالله تعالى إذا أراد أمرًا هيَّأ الأسبابَ له، فلا اعتراض.
وأمر آخر أنَّه إذا أينع الكربُ جاءَ الفرجُ.
1 / 148