135

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

الناشر

دار الفاروق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ؛ فَلُبِطَ (^١) سَهْلٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ الله - ﷺ ـ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ، والله مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَمَا يُفِيقُ! قَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، فَدَعَا رَسُولُ الله - ﷺ - عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟! هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ (^٢)، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اغْتَسِلْ لَهُ؛ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الماءُ عَلَيْهِ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ، ثمَّ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ" (^٣) وختامًا، إذا كان الإنسان يخشى ضَرَرَ عينه وإصابتها لأخيه؛ فليُبَرِّك إنْ رأى شيئًا أعجبه؛ ليدفع شرَّها، فإذا رأى نعمةً على أخيه المسلم، قال: اللَّهُمَّ بارِكْ عليه، أو قال: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)﴾ [المؤمنون] أو قال: ﴿مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ... (٣٩)﴾ [الكهف] اللَّهُمَّ بارك له فيما أعطيتَه، وارزقني خيرًا منه - ونحو ذلك ـ؛ تفاديًا للحَسَد، فإنَّه لا يضرُّه بالعين بإذن الله، وهي رقية منه. فلا شكَّ أنَّ العائن إذا برَّك امتنع ضرره بإذن الله ربّ العالمين، وإذا اغتسل شفي معينه كما أخبر الصَّادق الأمين - ﷺ ـ، وهذه النُّبْذَة الواردة تكفي في هذه العارضة. ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ على لِسَان يُوسُفَ ويعقوب قوله: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ ورد في سُورة يُوسُفَ مرَّتين وبمعنيين، الأوَّل: على

(^١) صُرِعَ وسقَطَ إِلى الأَرض. (^٢) دعوت بالبركة. (^٣) أحمد " المسند " (ج ١٢/ص ٤٠٢/رقم ١٥٩٢٢).

1 / 140