الاستنجاء بالحجارة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: الاستنجاء بالحجارة.
حدثنا هناد، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: (قيل لـ سلمان: قد علمكم نبيكم ﷺ كل شيء حتى الخراءة؟ فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم)].
هذا الحديث أخرجه النسائي، وأخرجه أيضًا الشيخان في كراهة الاستنجاء باليمين، وفيه تحريم الاستنجاء باليمين، وفيه أيضًا تحريم الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار، أو الاستنجاء بالعظم والرجيع.
وحديث تحريم استقبال القبلة رواه الشيخان وأصحاب السنن، وهو محمول على الصحراء، أما في البنيان فلا بأس، وهذا على الصحيح؛ لحديث ابن عمر.
قوله: (وأن نستنجي باليمين) فيه تحريم الاستنجاء باليمين إلا عند الضرورة.
وقوله: (أو أن يستنجى أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار) هذا رواه النسائي أيضًا، وهذا إذا أراد أن يكتفي به عن الماء، أما إذا أراد أن يستعمل الماء فلا بأس أن يستنجي بحجر أو حجرين.
وقوله: (أو أن نستنجي برجيع أو بعظم) فيه دليل على الحرمة، والرجيع: الروثة، وهذا فيه إفساد على الجن؛ لأنه يعود إليه حبه الذي أكل، والعظم فيه إفساد على الجن؛ لأنه يعود إليه لحمه الذي أكل، كما في الصحيح قال النبي ﷺ: (لا تستنجوا برجيع ولا عظم، فإنه زاد إخوانكم من الجن).
وهذا إذا أراد أن يكتفي به عن الماء، فلابد من الاستجمار بثلاثة أحجار، وتكون منقية، ولا يبقى إلا شيء يسير لا يزيله إلا الماء، وألا يعدو للخارج موضع العادة، فإن تجاوز الخارج موضع العادة فلا يكفيه إلا الماء.
فالاستجمار ثلاثًا، سواء كان بأحجار أو بشيء متحجر أو مناديل الورق الخشن أو خشب، إلا الشيء الأملس، كالزجاج، وكذلك العظم والروث والطعام المحترم، وذيل الدابة وكتب العلم، فهذا كله محرم لا يجوز الاستنجاء به، وقد يقال: إنها محترمة إذا كان فيها كلام لأهل العلم، وكلام مفيد ولو لم يكن فيها ذكر الله.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة وخزيمة بن ثابت وجابر وخلاد بن السائب عن أبيه ﵃.
قال أبو عيسى: وحديث سلمان في هذا الباب حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ ومن بعدهم، رأوا أن الاستنجاء بالحجارة يجزئ، وإن لم يستنج بالماء، إذا أنقى أثر الغائط والبول، وبه يقول الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق].
3 / 4