شهر رمضان عظيم مبارك، أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبيِّنات من الهدى والفرقان، وجعل صومه ركنًا من أركان الإسلام، وقيامه نافلة تزداد بها الحسنات، وتكون سببًا في النجاة من النيران. ففي الصحيحين عن رسول الله ﷺ أن «مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه» (١) . مَن صام رمضان إيمانًا، أي إيمانًا بالله ﷿، وإيمانًا بشريعة الله وقبولًا لها، وإذعانًا واحتسابًا لثواب الله الذي رتَّبه على هذا الصيام وكذلك القيام، فمن قام رمضان أو ليلة القدر متصفًا بهذين الوصفين - الإيمان والاحتساب - غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وإننا إذا نظرنا إلى الماضي وجدنا أن هذا الشهر المبارك صارت فيه مناسبات عظيمة، يفرح المؤمن بذكراها ونتائجها الحسنة.
المناسبة الأولى: أن الله تعالى أنزل فيه القرآن، أي ابتدأ إنزاله في هذا الشهر وجعله مباركًا، فتح المسلمون به أقطار الأرض شرقًا وغربًا، واعتزَّ المسلمون به وظهرت راية الإسلام على كل مكان.
ولا يخفى علينا جميعًا أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ﵁ أتي إليه بتاج كسرى من المدائن إلى المدينة محمولًا على جملين، كما ذُكِرَ ذلك في التاريخ، وضع بين يديه ﵁، لم ينقص منه خرزة واحدة، كل هذا من عزَّة المسلمين وذلة المشركين ولله الحمد، وإننا لواثقون أن الأمة الإسلامية سترجع إلى القرآن الكريم، وستحكم به، وستكون لها العزة بعد ذلك إن شاء الله.
_________
(١) رواه البخاري ١٩٠١ ومسلم ١٧٣١.
1 / 2