البلاغة العربية
الناشر
دار القلم،دمشق،الدار الشامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
وهذا نظير تقديم سيِّد المائدة العظيم لضيفه العزيز قطعة مقشّرة من الفاكهة، أو قطعة منتقاة من أطيب اللحم، مجرّدة من أيَّة زينات موافقة أو مغلّفة لها.
وقد يكون من رفيع الأدب تقديم الفكرة المرّة من غير تغليف ولا تحلية لتقديمها لمن يحسن إذاقته مرارتها، كأنْ يكون عدوًّا مجاهرًا بعداوته مواجهًا بشتائمه، وفي بعض الحالات التربويّة نلاحظ أنّه كما يحسن الضرب يحسن ما هو نظيره من الكلام.
***
(٣) حول تعريف الجمال
والجمال في الوجود مع إدراك النّاس له وإحساسهم بكثير من صوره، دقيق العناصر متشابكها فهو شيء يصعب جدًّا تحديده، ويَصْعب قِياسُه، ولا تنحصر ألوانه.
وبما أنّ الأدب لون من الجمال، فهو إذن تنطبق عليه قواعد الجمال العامّة.
إنّ من الجمال أحيانًا أنْ تتصنّع الحسناء، ومن الجمال أحيانًا أنْ لا تتصنّع، بل أنْ تظهر على طبيعتها. ومن الجمال أحيانًا أنْ تلبس الثياب الجميلة الساترة لكثير من مفاتن جسمها بطرائق خاصّة، ومِنَ الجمال أحيانًا أنْ تلمح بعض مفاتن جسمها إلماحًا ثمّ تسترها، ومن الجمال أحيانًا أنْ تتعرى على طبيعتها من غير ابتذال ثمّ تعود إلى سواترها.
ومِنْ أبدَعِ صُوَرِ الجمال التنويع فيه والتنقلّ من لون إلى لون آخر منه، أمّا الثبات والتكرار للصورة الواحدة في كل الأوقات فهو مُمِلٌّ للنفوس مهما كانت هذه الصورة جميلة.
1 / 24